“جدرايات الشمس”.. حكايات أبطالها أفراد الجيش العربي السوري
في بداية العام 2011 طُلِب منها كتابة عمود صحفي في صحيفة “تشرين” بينما كان لسان النار يأخذ بطرف الثوب السوري، فإذا بالقلم يأخذها فتتبعه ولا يتبعها وقد صار العالم الذي عاشت فيه قبل الحرب وراء ظهرها، فكان الحصاد حكايات تحت العلم العزيز مع الشهداء والساهرين تحت النجوم وفي قلب جدران النار بالأسماء والتفاصيل التي شكلت يومياتُها الحقيقةَ الحارّة، وحتى لا تضيع هذه الحكايات التي عايشتْها الكاتبة والإعلامية نهلة السوسو كان لا بد من أن يضمها كتابٌ أقامت له دار دلمون التي تبنّته وطبعته حفلَ توقيع مؤخراً في مركز ثقافي أبو رمانة وجاء الكتاب تحت عنوان “جدرايات الشمس”.
قصص حية واقعية
تبيّن السوسو أن “جداريات الشمس” كتابٌ وثّقت فيه قصصاً واقعية لأفراد من الجيش العربي السوري كتبتها عن معرفة وبتشجيع من صاحبة دار دلمون جاءت فكرة توثيقها في كتاب لتكون في متناول أفراد الجيش العربي السوري والقراء، مؤكِّدةً أن أهم ما يميز ما جاء في الكتاب أنها كتبتْه بعد أن امتلكت الوعي الحقيقي لأن ما عشناه وكتبناه قبل الحرب كان ترفاً، أما ما حدث أثناء الحرب فقد أوقظ حواسنا الخمس، مشيرة إلى أن الحكايات كثيرة وهي ما زالت تكتب عنها إلا أنها اختارت لكتابها تلك القصص التي كان لها تأثير على الرأي العام والتي استندت إليها وصاغت من خلالها حكاياتها، وكانت البداية من حكاية الشهيد نضال جنود في بدايات الأحداث، معتقدة أن حكايته طفرة في التاريخ حتى تبين للجميع أن كل ما سمي بثورة وحراك كان على شاكلة ما حدث مع الشهيد جنود، حيث تكررت قصته بأشكال لا متناهية مع خالد الأسعد ومصطفى شدود وغيرهما، وتحول ما يحدث في سورية إلى رواية، فخرج معظم السوريين من بيوتهم وبدأ ترحال طويل عاشه الكثير منهم وعاشته السوسو وانتهى بانتصار الجيش العربي السوري في معظم المناطق، مؤكدةً السوسو أن روح كتابها هي حكاياته الكثيرة المليئة بالشجاعة والإيمان والانتماء.
مشروع ثقافي
وأشارت السيدة عفراء العلي صاحبة دار دلمون إلى أن دارها بتبنّي مثل هذا الكتاب، إنما تتصدى لمشروع ثقافي لا يبغي الربح بمقدار ما يهدف إلى إرساء قاعدة ثقافية تكون منطلقاً لإعادة بناء الفكر والعقل وتعزيز قيم الانتماء والمقاومة في مواجهة الفكر الظلامي وداعميه في العالم، وأن كتاب “جداريات الشمس” لنهلة السوسو كشكل أدبي وصحفي يمكن أن يشكل وثيقة تسجل وقائع الحرب والحب في مقالات صحفية استطاعت السوسو من خلالها أن تقارب الكثير من القضايا الإنسانية وتلامس وجع الإنسان السوري خلال الحرب وأسرار انتصاره عليها، فجداريات الشمس قصص للحياة والأمل أرادت الدار دعم القصة الصحفية من خلاله وجعلها في مؤلَّف يكون مرجعاً لكل باحث عن الحقيقة وعن سورية في قلب السوسو التي عُرفت بتميزها وفكرها النيّر، منوهة إلى أن دارها تبنَّت حتى الآن أكثر من 120 إصداراً من روايات ومجموعات قصصية ودواوين شعر وكتب توثق للحرب وكتب مسرحية وأخرى منوعة، وأن أبواب الدار مفتوحة لكل مادة جيدة تدعم الثقافة السورية، وتشجيعاً للشباب تقيم الدار في كل عام مسابقة الكلمة التي تخصَّص في كل عام لجنس معين من الأدب، وكلمة العام الحالي ستكون للرواية.
رسائل الحب والحرب
وأكدت الإعلامية هدباء العلي عبر إدارتها للحفل أن السوسو إعلامية استطاعت أن تحقق حضوراً لافتاً من خلال برامجها الاستثنائية التي لامست عقول وقلوب المستمعين وترجمت معارفها في رسائل محبة وسلام تنبض بقيم الخير والحب والجمال إيماناً منها بأن الأوطان تبنى بالعمل الجاد والفكر النير والقلب الشجاع، وقد كانت السوسو كالنحلة في دأبها ولم تتوقف مسيرتها ولم ينضب نهر عطائها، فأينما تكون تستطيع أن تقف بثبات، وبالإضافة إلى كونها أديبة وقاصة كانت صحفية بارعة تمارس غواية القصة في قالب صحفي يحمل من الخصوصية بقدر ما تحمل شخصيتها من جَلَدٍ وعناد، وقد آلمها ما أصاب بلدَها من خراب ودمار وموت فحملت قلمها سلاحاً لتنساب كلماتها لتوجع كالرصاص ولتبلسم الجرح الغائر.. من هنا لم تكتب قصصها الصحفية إلا بمداد حبر الروح وقلب أم صابرة خبرت الأمومة فعلاً بموقف لا يلين على مذبح الوطن الجريح، فقدمت في كتابها “جداريات الشمس” ما يمكن أن ينضوي تحت عنوان رسائل الحب والحرب.. وتضمنت صورة الغلاف تقرير طبي وجد في جيب جندي سوري بعد استشهاده برصاصة قناص فكان التقرير المدمى عند فتحه كما يبدو على الغلاف.
أمينة عباس