“الصحة” تتيقظ مع (أبسالا) العالمي.. وعدم إجراء الدراسات لا يعفي القطاع من دوره
دمشق – فداء شاهين
ما يجري في أروقة الصيدليات والمشافي من إشكاليات وظهور أعراض جانبية على بعض المرضى من جراء استخدام الأدوية على مختلف أنواعها “لا تذكرها النشرة” ليس بالمطمئن، فلا يمكن أن يشفع لإعلان دقة التصنيع من حدوث خلل هنا وآخر هناك قد يتحول العلاج إلى كارثة صحية تصيب المريض.
ومع أن وزارة الصحة أحدثت مديرية التيقظ الدوائي لمعرفة الآثار الجانبية “غير المذكورة” التي قد تسببها الأدوية، إلا أن الإبلاغ وجمع المعلومات مرتبط بتعاون الكوادر الطبية والمرضية والصيدلانية ما يجعل العمل ضعيفاً في هذا المجال في حال عدم التعاون، لتبين مديرة الرقابة الدوائية في وزارة الصحة الدكتورة سوسن برو لـ”البعث” أن وحدة التيقظ الدوائي في مديرية الرقابة الدوائية بالوزارة تقوم باستقبال تقارير الإبلاغ عن التفاعلات غير المرغوبة للدواء وتحليلها وإدخالها لقاعدة البيانات وكشف مؤشرات الخطر المتعلقة بظهور التأثيرات غير المرغوبة للدواء أو ازدياد معدلات حدوثها من خلال هذه التقارير، إضافة لذلك تعمل الوحدة على نشر مفهوم التيقظ الدوائي وأمان الدواء وثقافة الإبلاغ عن التفاعلات غير المرغوبة للدواء وخاصة الخطر منها، وذلك من خلال ورشات العمل والمؤتمرات، ويتم التواصل بشكل أساسي مع مركز إبسالا العالمي لمراقبة الدواء في السويد وهو الممثل لمنظمة الصحة العالمية، وسورية اليوم عضو مشارك في البرنامج العالمي “الترصد الدوائي” الذي تشرف عليه منظمة الصحة العالمية .
وكشفت برو أن قاعدة البيانات تشمل 30 تقريراً عن 60 حدثاً غير مرغوب للدواء تم إبلاغ الوزارة بها، وبالتأكيد العدد الذي تضمه قاعدة البيانات ما يزال قليلاً نظراً لحداثة العمل في هذا المجال، وتقوم وحدة التيقظ الدوائي باستقبال تقارير الإبلاغ عن التأثيرات غير المرغوبة للدواء المعروف منها وغير المعروف حيث يمكن لمقدمي الرعاية الصحية في سورية من أطباء وصيادلة وممرضات وغيرهم الإبلاغ عن أي تفصيل غير مرغوب للأدوية يظهر على مرضاهم تقوم وحدة التيقظ الدوائي بتحليل هذه التقارير واستكمال المعلومات الواردة بها ثم إدخالها إلى قاعدة البيانات، ويذكر أن العمل في هذه الوحدة في مراحله المبكرة، والوزارة حالياً تعمل على تفعيل شبكة التيقظ الدوائي ونظام الإبلاغ عن التفاعلات غير المرغوبة للدواء في سورية.
وأشارت برو إلى أن ورود تقرير عن تأثير غير مرغوب للدواء لا يستوجب بالضرورة اتخاذ إجراء، فالعلاج الدوائي يحمل مخاطره المعروفة من قبل الطبيب والمريض، وتختلف درجة الخطورة حسب الدواء ووضع المريض، وغالباً تكون التفاعلات غير المرغوبة للدواء معروفة، واتخاذ الإجراءات من قبل الوزارة يتم في حال ظهور مؤشر لازدياد معدل حدوث تأثير جانبي معين أو تراجع غير متوقع في فعالية الدواء، تتعلق الإجراءات المتخذة بطبيعة المشكلة المكتشفة، فقد يصدر تعميم او توصيات من قبل الوزارة لتفادي هذه المشكلة أو يصدر قرار بسحب تحضيرة محددة من الدواء في حال ثبت أنها خارج المواصفات الدستورية.
ولم يخفِ أمين سر نقابة الصيادلة الدكتور طلال العجلاني عن “البعث” أنه ممكن أن تحصل آثار جانبية يسببها الدواء ولا تذكرها النشرة داخل العلبة، وهنا مسؤولية الصيادلة في المشافي والصيدليات والمراكز الصحية تتمثل بالإبلاغ عن الحالات حتى يتم تسجيلها وتجميعها في وزارة الصحة وإضافتها ضمن النشرة، وبما أن وزارة الصحة أسست مديرية لتلقي الشكاوى لذلك تحتاج إلى توعية بآلية العمل حتى يتم التعاون والتبليغ علماً أن الآثار الجانبية قد تظهر بعد سنوات، إضافة إلى مخاطبة البلدان الأخرى وجمع المعلومات عن نفس الموضوع ومن الممكن أن تكون الشكاوى عن سوء التصنيع الدوائي، و حصول غش في المواد الأولية وكل شيء ممكن غشه.
وأشار العجلاني إلى أن عدد الصيدليات في سورية يبلغ 9514 صيدلية، في حين يبلغ عدد الصيدليات التي تتبع للجهات الحكومية والنقابات 322 صيدلية، ويوجد مشكلة أن الصيدليات التابعة للمؤسسات تبيع الأدوية للجميع ومن المفترض أن تبيع لأعضائها فقط.
واستغرب المدير الإقليمي لشركة خدمات صحية في أمريكا الشمالية الدكتور أنس البهنسي من الصيادلة الذين يحولون عملهم إلى مجرد بيع أدوية، في حين أن دورهم الأهم يتمثل بالتواصل مع المريض وتوعيته بالتأثيرات المحتملة للعقاقير وضرورة الإبلاغ عنها للكشف المبكر عن أي آثار والحد من أضرارها، فالتيقظ الدوائي علم، ومجموعة أنشطة تهدف إلى كشف وتقييم وفهم التأثيرات غير المرغوبة للدواء والوقاية منها.
وأوضح البهنسي أن التأثيرات السلبية للدواء قد تتعلق بطريقة تصنيع الدواء وتسويقه وتخزينه ثم وصفه وصرفه وأسلوب استخدامه من قبل المريض والتوعية والمعرفة يجب أن تغطي صناع الدواء والأطباء والصيادلة والمرضى لضمان سلامة الجميع ، كونه لا يوجد دواء آمن بالمطلق ما دام يملك تأثيراً علاجياً، كما أن الاعتماد على التوصيات العلاجية المثبتة بالدراسات لا يجب أن يغفل الفوارق الفردية المرتبطة بكل مريض، كما أن التأثيرات غير المرغوبة للدواء ترتبط بأساليب التصنيع والتخزين والتسويق مروراً بآلية الوصف والصرف وصولاً إلى طريقة استخدامه من قبل المريض ومدى التزامه بالمواعيد والكميات التي يحددها الطبيب فضلاً عن طريقة تفاعل جسمه مع العقار.
وأشار البهنسي إلى أن عدم إجراء دراسات سريرية على الدواء في سورية لا يعفي القطاع الطبي من دوره في مراقبة وترصد أي تأثير جانبي للدواء والتبليغ عنه؛ فهذه مسؤولية الجميع من صناع الدواء إلى الأطباء والصيادلة والمرضى.