إيــران والغــرب بين ابتسامة ظريف وعبوس سليماني
د. مهدي دخل الله
يبدو أن إيران – كما أوروبا – تعرف حكمة التوفيق بين القوتين، الخشنة والناعمة. يعبّر عن ذلك الابتسامة الشهيرة والدائمة لوزير الخارجية محمد جواد ظريف بالتوافق مع عبوس الجنرال قاسم سليماني من الحرس الثوري، وهو العبوس الشهير أيضاً.
إن عدتم عدنا… هددت إيران التزاماً بعبوس قاسمي. في الوقت نفسه جال الرئيس روحاني في بعض العواصم الأوروبية مستنداً إلى ابتسامة وزير خارجيته الجذابة..
تمخض الجبل أخيراً فولد..اتفاقاً. إنه إنجاز دبلوماسي إيراني واضح، لكنه ليس تنازلاً أوروبياً كاملاً. الإنجاز هو في تأكيد أوروبا على الصلاحية الكاملة للخمسة + واحد حتى لو تحوّل إلى أربعة +1 بعد المواقف الأمريكية الأخيرة. المواقف التي اختارت عبوس ترامب بعيداً عن الملامح الطيبة لوجه وزير خارجيته بومبيو.
ما هو مهم في هذا الإنجاز إحباط مشروع ترامب بمنع العالم – أوروبا أساساً – من استيراد النفط الإيراني. المجتمعون في فيينا، وهم روسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا + إيران، أيدوا سيادة دولهم باستيراد النفط الإيراني سواء رضي ترامب أو لم يرض.
هذا ربحته طهران.. لكن المسألة الثانية بقيت مفتوحة لأنها صعبة. إنها مشكلة الشركات الأوروبية التي تتاجر مع إيران.
هي مشكلة صعبة لأن فيها عنصراً موضوعياً لا يتعلق بقرار الدول، وهو أن هذه الشركات متعددة الجنسيات، أي إن شركات أمريكية عضو فيها، ما يعني أن كل منتج تنتجه هذه الشركات فيه مكون من إنتاج أمريكي خاضع لقوانين المقاطعة..
المسألة الثالثة هي مسألة التعامل البنكي، حيث النظام البنكي الأوروبي مرتبط بنيوياً مع النظام البنكي الأمريكي، لذلك فقد أحجمت المؤسسات المالية الأوروبية عن ضمان التجارة مع طهران بسبب ارتباطها بالمؤسسات المالية الأمريكية. هل سيجد الطرفان، الأوروبي والإيراني، طريقاً لتوقيع اتفاقات دفع ومقاصصة مع إيران؟.. يبدو أن هذا الأمر مازال بعيداً.
المسألة الرابعة تتعلق بحصان طروادة الأمريكي في أوروبا، أي بريطانيا. المشاركة البريطانية في فيينا كانت تصر على ضرورة إرضاء الأمريكيين بشكل أو بآخر، ربما عن طريق تعهدات جديدة تقدمها طهران حول الصواريخ البالستية دون اعتبار ذلك تعديلاً لاتفاق (5+1).
المهم أن طهران ربحت معركة ربحاً نسبياً، لكنها لم تربح الحرب.. وهي مازالت في الميدان تستند إلى ابتسامة ظريف وعبوس سليماني، ولاشك في أن تصريح روحاني قبل جولته الأوروبية، بأن طهران قد تلجأ إلى إلغاء الاتفاق بشكل كامل، يتفق مع عبوس سليماني… بينما حديثه في أوروبا يتفق مع ابتسامة ظريف.
mahdidakhlala@gmail.com