بسبب حماقات ترامب الخلافات تهيمن على قمة الناتو
انطلقت في بروكسل، أمس، قمة الناتو وسط توقّعات بأن تكون مشحونة بالتوتر، وخاصة بين واشنطن وحلفائها الأوروبيين على خلفية الخلافات حول التجارة والنفقات الدفاعية واتفاق إيران النووي، حيث طالب الرئيس الأميركي حلفاءه برفع مستوى مساهمة الدول الأوروبية في تمويل ميزانية “الناتو” البالغة 975 مليار دولار سنوياً، إلى 50%، أي إلى مستوى 2% من الناتج المحلي الإجمالي لهذه الدول.
وقال الأمين العام للناتو ينس ستولتنبرغ، خلال منتدى أمني نظّم على هامش القمة: “إن الحلف يعمل حالياً في ظروف البيئة الأمنية المتغيرة، حيث تواجهه تحديات متعلقة بروسيا شرقاً، وأخرى متعلقة بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا جنوباً”، وأقر بوجود “خلافات وآراء مختلفة بين الحلفاء” حول سبل الاستجابة لبيئة أمنية معقدة كهذه، معتبراً أنه من المهم أن تظهر القمة أن ذلك لا يمنعهم من الوفاء بالتزاماتهم واتخاذ القرارات الضرورية في جو من النقاش الصريح.
وأعرب الأمين العام عن اعتقاده أن ذلك أمر ممكن، معتبراً أن الحلف يواصل تعزيز قدراته بالرغم مما بين أعضائه من خلافات حول مسائل التجارة والمناخ والإنفاق العسكري، إضافة إلى اتفاق إيران النووي.
وتهرّب ستولتنبرغ من الإجابة مباشرة عن سؤال عما إذا كان موقف واشنطن يقوّض وحدة الحلف، مكتفياً بالقول: “إنه لا يريد تلقين أحد دروساً”.
وفيما يتعلق بعلاقات الناتو مع روسيا، قال: إنه لا يعلم متى ستشهد تحسناً، مضيفاً: إنه يثق بإمكانية إقامة علاقة أفضل بين الطرفين.
وأشار ستولتنبرغ في وقت سابق مراراً إلى أن الحلف لا يسعى لعزل موسكو، وموقفه منها يجمع بين الردع والحوار، وأكد أن الحلف لا يرى في روسيا “تهديداً مباشراً” لأي من أهدافه، مضيفاً: مع ذلك “نرى تصرفات أكثر فأكثر حزماً من قبل روسيا، التي استخدمت القوة ضد جيرانها”، في إشارة إلى الاتهامات الغربية المتكررة لموسكو باستخدام قواتها المسلحة ضد جورجيا عام 2008 وأوكرانيا عام 2014.
ودعا ستولتنبرغ إلى تنشيط الحوار السياسي بين الناتو وبكين، وقال: “لدينا بعض الاتصالات مع الصين، لكنني أود أن تتحسّن وأن يتوسّع حوارنا السياسي مع الصين”، مضيفاً: “نعمل بالطبع على تعزيز الناتو كي يكون جاهزاً لمواجهة أي تهديدات وتحديات محتملة، لكننا في الوقت نفسه نسعى لخفض التوتر لا لتصعيده”.
من جانبه، كشف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن المسؤول الوحيد في حلف شمال الأطلسي، المعجب بشخصيته، وقال، مازحاً خلال استقبال الأمين العام للحلف له في بروكسل: “لدينا علاقات رائعة. وبفضلي، حصل حلف الناتو العام الماضي على 40 مليار دولار، لذلك أعتقد أن الأمين العام معجب بترامب. لعله الوحيد في ذلك، إلا أنه ليس لدي أي شيء ضد ذلك”!.
يذكر أن ترامب يتهم الأوروبيين باستغلال الولايات المتحدة التي تموّل وحدها ما نسبته 72% من ميزانية الحلف، أي 686 مليار دولار، مقابل 28% فقط للدول الأوروبية، علماً أن عمليات الحلف تقع بمجملها في أوروبا ومحيطها، والانتشار الأوسع للناتو يبقى على تخوم روسيا إن في شرق أوروبا أو في دول البلطيق.
ورغم تهديد ترامب مع بداية ولايته بخفض التمويل للناتو، إذا لم ترفع أوروبا انخراطها مادياً إلى 2% من ناتجها المحلي في ميزانية الحلف، لم تقدم على هذه الخطوة سوى سبع دول أوروبية فقط، وهي: بريطانيا واليونان ولتونيا وليتونيا واستونيا ورومانيا وبولونيا، أما فرنسا فوصلت نسبة التمويل إلى 1,89% فقط، ويبقى هدف الحملة الأميركية موجّهاً أساساً إلى ألمانيا، أكبر اقتصاد في أوروبا بناتج محلي يبلغ 3935 مليار دولار سنوياً، والتي ترفض رفع مستوى مساهمتها فوق الـ1,24%.
ومنذ الاثنين الماضي، واظب الرئيس الأميركي على توجيه السهام لأعضاء حلف الأطلسي عبر تغريدات ينتقد فيها رفض الأوروبيين رفع مستوى مساهماتهم في ميزانية الحلف، وقال في إحدى تغريداته: إن “الولايات المتحدة تموّل أكثر بكثير من أي بلد آخر في “الناتو”، وهذا غير عادل وغير مقبول، وعلى الدول الأخرى أن تدفع أكثر”.
ويتخوّف الأوروبيون بأن تؤدي قرارات ترامب غير المتوقّعة، إلى توجيه ضربة موجعة إلى حلف الناتو تؤدي إلى زعزعته وشل حركته، تماماً كما فعل بمجموعة الدول الاقتصادية السبع الأكبر عقب اجتماعها الأخير في كندا مطلع حزيران الماضي.