كاريكاتير لحسن علي إسماعيل..الحياة قصيرة والزواج طويل
يتجاوز فنان الكاريكاتير بروحه التي تمتلك النكتة وخلق اللقطة الكثير من فنون التأثير المباشر بالناس، بما يتضمن هذا الفن من الحذاقة وتأليف الصورة بالخط والتهشير المبسط من اكتساب القدرة على صناعة الموقف وتأليفه من خلال التقاط التفاصيل الدقيقة المكتسبة بالمتابعة والملاحظة القوية للحياة، بالعين الناقدة المؤلفة للمرارة والسرور على حد سواء، لأنها تعنى بالموقف ومهتمة بالرسالة التي يجب أن تؤثر وتدفع للانتباه والحذر والتغيير في الثابت والمتفق عليه، وتتنوع مشاغل العامل في هذا الشأن الإبداعي بجوانب السياسة والمجتمع بعاداته وتقاليده وصولا إلى أدق المفاصل الإنسانية في الحياة اليومية، فصاحب النكتة لن يكون مهرجا حياديا، بل يحمل في سريرته تلك الروح الحريفة المشاكسة للحياة بلطف وسلام.
يعود الفضل في تطور فن الكاريكاتير وانتشاره لتقدم فنون الصحافة والطباعة والنشر، فقد أضحى رسام الكاريكاتور ضرورة في كل صحيفة ومجلة، كما أقام بعض من هؤلاء الفنانين المعارض الخاصة وأصدروا كراسات تحتوي على أعمالهم المرفقة بالدراسات والمقالات النقدية مثلهم مثل أي فنان تشكيلي يوثق أعماله ويؤرشفها، واجتهدت بعض الجهات في إعلان المسابقات التي تحمل أسماء أعلام هذا الفن وتتناول مواضيع الراهن الذي يشغل العالم.
وفي سورية عدد من الفنانين المتخصصين بهذا الاتجاه وقد حققوا سمعة عالية، وتنوعوا في مواضيعهم، لكن لم يؤسس لهم بعد هذا الإطار النقابي الذي يمنحهم ميزات أبعد من العمل الصحفي اليومي، فالفنان الذي لا يعمل في مؤسسة إعلامية لن يتمكن من الانتشار ولن يعرف الجمهور أعماله إذا لم ينشرها أو يجعلها في كراس مطبوع، والكتاب الذي بين يدي هو أحد هذه الكراريس للفنان حسن علي إسماعيل بعنوان “الحياة قصيرة والزواج طويل” يحتوي على مجموعة من اللوحات التي تتناول شأنا موحدا ألا وهو تلك العلاقة بين الرجل والزوجة ومفارقات الحياة الزوجية وتناقضاتها، ويحسب للفنان اصطفافه الواضح والمناصر للرجل المغلوب أمام متطلبات البيت والزوجة والعروس، وهو الضعيف أمام حقيقة السيدة القوية والمدججة بمتطلبات الحياة اليومية غير المنتهية، وواضح أن هذه اللوحات اللاذعة ببساطتها تحمل لغة نقدية كثيفة للعديد من العادات والتقاليد الاجتماعية التي تحكم الرجل والمرأة من خلال الحياة الزوجية ليس بوصفها قران مقدس تشمله المودة بقدر ما تنهك هذا الرباط متطلبات الحياة الاقتصادية ومعاناة المواطن.
تحسب للفنان أيضاً مقدرته على الاختزال في الرسم فهو يستطيع بمهارة أن يملأ فكرته على الورق الأبيض بخطوط سريعة دون المغالاة في استعراض فن الرسم، وهذا في حد ذاته مكمن القيمة وشرط أساس في فن رسم الكاريكاتير.
حسن إسماعيل فنان سوري متمكن بحساسيته النقدية من معرفة المسموح في القول ومدركا لمساحة المنطقة الأغنى بالطرافة والنكتة المرة والتي تفعل فعل الوخز في الجسد الملقى على سرير التعب، ولا تنقصه إلا تلك الإشارات من أهل الجمال أن الحياة تستحق أن ندافع عنها ونعيش متناقضاتها.
أكسم طلاع