“برســـــتيج” وزخــــرفــــات ونفقـــات يكشــــفها التفــــوق “الحكــــومــي” فـــي الشــــــهادات المدارس الخاصة العائدة إلى مقراتها احتيال وخداع.. والتربية تبرئ ذمتها “اللهم بلغت”
لم تكتفِ المدارس الخاصة باستغلال الظروف الراهنة في عملية الضغط على الأهالي ورفع الأقساط بشكل فوضوي وجنوني، بل انتهجت بعض المدارس أسلوب الاحتيال وخداع الأهالي وخاصة المؤسسات التعليمية الخاصة العائدة إلى مقراتها الأصلية حسب قرار وزارة التربية، حيث أكد مواطنون أنهم سجلوا أبناءهم على أساس وجود هذه المدارس في دمشق ليكتشفوا بعد دفع القسط أن المدرسة ستعود إلى الريف في العام القادم مما سبب المزيد من الإرباك، مشيرين إلى أنه من المفروض إعلامهم قبل التسجيل بقرار العودة لتلافي ما حصل والبحث عن مدارس أخرى، إلا أن إدارات تلك المدارس رمت الكرة في ملعب التربية كون الأخيرة أصدرت قراراً حازماً بالعودة وفق طلب الوزارة من مديرياتها في المحافظات بإبلاغ أصحاب المؤسسات التعليمية الخاصة الحاصلين على موافقة بالنقل الاضطراري بضرورة العودة إلى مقراتهم الأصلية، وذلك استناداً إلى بلاغ الوزارة بشأن تفويض مديري التربية بالموافقة على طلبات نقل مقرات المؤسسات التعليمية الخاصة اضطرارياً إلى مناطق أكثر أمناً للعام الدراسي 2018-2019، علماً أن القرار استثنى عدة حالات، منها وقوع مقر المؤسسة التعليمية في منطقة خارج السيطرة، أو عدم إمكانية الدخول إليها بموجب وثيقة من المحافظة المعنية تثبت ذلك، وإذا كان مقر المؤسسة التعليمية متضرراً إنشائياً أو فنياً بشكل يحول دون استثماره من أجل القيام بالترميمات اللازمة.
وحسب متابعتنا للقرار حملت الوزارة مديريات التربية مسؤولية التحقق من جدية صاحب الترخيص بالقيام بالإصلاحات المطلوبة عند حالة النقل الاضطراري لإجراء الصيانة والإصلاح الواردة في الفقرة السابقة على ألا يمنح أي مهلة إضافية أو تسديد النقل الاضطراري في حال تبين عدم جديته بإجراء الإصلاحات المطلوبة، علماً بأن الموافقة على النقل الاضطراري للحالات المذكورة ثانياً تمنح للمرة الأخيرة مهما كانت الأسباب، على أن يم التأكد من مديريات التربية بضرورة موافاة الشروط الموضوعة.
في الوقت الذي اعتبرت الوزارة أن الهدف من القرار تخفيف الضغط عن مراكز المدن والمحافظات وذلك بعد أن أعيد تحرير العديد من المناطق خلال المرحلة الماضية، الأمر الذي يتطلب وضع حد لبقاء العديد من المدارس والمؤسسات التعليمية الخاصة داخل مراكز المدن، علماً أنه تم تكليف مديريات التربية بإجراء عملية توصيف شامل لجميع المدارس التي تقدمت بطلبات تمديد بقائها داخل مراكز المدن (النقل الاضطراري)، على أن يتم الكشف الحسي عن جميع المقرات الأصلية للمدارس والمؤسسات التعليمية داخل المناطق المحررة وذلك عن طريق لجنة الأبنية المدرسية (لجنة التعليم الخاص)، وفي حال كانت الأضرار جسيمة يتخذ القرار بالتمديد للمدرسة لمدة عام دارسي آخر يكون الأخير بالنسبة لجميع المدارس والمؤسسات التي يصدر قرار بالتمديد لها لاستمرار عملها التعليمي داخل مراكز المدن.
وحول تمسك ومماطلة بعض المدارس والبقاء في المدينة، حيث أوضح مدير التعليم الخاص في وزارة التربية غيث شيكاغي أنه تم إعلام جميع المدارس قبل فترة زمنية من تسجيل الطلبة كي يتسنى للمدرسة إعلام الأهالي ووضعهم بالصورة الحقيقية ليكون هناك متسع من الوقت عند المواطنين لتأمين أبنائهم ،لافتاً إلى أنه مع إنهاء العام الدراسي القادم ستعود جميع المدارس إلى مقراتها الأم من دون أي استثناء، مضيفاً إن أي تمديد لأي مدرسة سيكون الأخير حتماً، ويجب إنهاء ملف النقل الاضطراري، علماً أن سنة كاملة تكفي لإجراء أي أعمال ترميم وتأهيل لأي مدرسة ومؤسسة تعليمية.
ولم يغفل المواطنون معاناتهم مع الأقساط المرتفعة من عام إلى عام والتي تشمل جميع المراحل التعليمية ولاسيما أن إدارات المدارس الخاصة تتعامل بمزاجية مستغلة الإقبال الكبير من الطلاب ضاربة بعرض الحائط كل القرارات والبلاغات التربوية الصادر بخصوص تنظيم الأقساط. واستهجن الأهالي اختلاف الأقساط من مدرسة إلى أخرى دون تنظيم أو اعتماد ضوابط مع عدم التقيد بالتعليمات، إلا أن هناك إصراراً من الأهالي على تسجيل أبنائهم في المدارس الخاصة رغم كل هذه التصرفات والتحكم من قبل إدارات المدارس وذلك حسب كلام متابع للقضايا التربوية الذي أبدى استغرابه من الأهالي الذين بات تسجيل أبنائهم في مدارس خاصة حلماً وهاجساً يؤرقهم؛ لأنهم يعتقدون أن صك التفوق يصبح قاب قوسين أو أدنى لمجرد ورود أسماء أبنائهم في سجلات تلك المدارس، برغم ارتفاع أقساطها ووصولها إلى أرقام خيالية وجنونية تجاوزت معه السقف الذي حددته وزارة التربية بقراراتها وبلاغاتها الصادرة بهذا الشأن، إضافة إلى تفشي موضوع «البريستيج» بين الأسر الذي تتباهى به العائلات والموضة والتقليد، نجد أن الأهل يدفعون ثمن تكاليف الحصص الترفيهية ووسائل النقل وغيرها من الأمور التي لا علاقة لها بالمواد الدراسية، علماً أن من يدرّس في المدارس العامة هو الشخص ذاته في المدارس الخاصة لكن مع كثير من الزخرفات الزائدة في الخاصة لاتزيد ولا تنقص من معرفة الطالب بل على العكس مصاريف ونفقات تثقل كاهل الأهالي. ليوضح شيكاغي أنه تم تحديد الأقساط والرسوم المدرسية بما ينسجم مع درجة تصنيف المؤسسة التي تتفاوت بين مدرسة وأخرى بما تقدمه تلك المدرسة من خدمات وأبنية حديثة وتوفير نشاطات ترفيهية ورياضية. إضافة إلى توفير وسائط النقل الحديثة وتدريس المراجع الإثرائية مما أدى لتفاوت الرسوم بين مدرسة وأخرى، علماً أن وزارة التربية تقوم بمتابعة المدارس الخاصة للتحقق من مدى التزامها بالأقساط المحددة لها وذلك من خلال الموجه المشرف ومندوب التربية إلى المدرسة، مؤكداً أنه في حال وجود مخالفة ولم يتم الإعلام عنها يعاقب الموجه والمندوب ومن ثم تفرض بحق المدارس الخاصة المخالفة عقوبة التعويض مقابل الضرر في حال ثبوت تجاوزها للأقساط والرسوم المحددة والمعلنة.
وشدد شيكاغي على ضرورة إيضاح وإعلام التربية والأهالي لكافة أجور الخدمات وذلك سنوياً قبل التسجيل أيضاً، ويعد حجب هذه المعلومات عند طلب التسجيل مخالفة صريحة توجب المساءلة. علماً بأن هذه الأجور تتأثر بالأسعار الرائجة.
يشار إلى أن التعليمات التنفيذية حددت الإجراءات الممكن اتخاذها حيال المؤسسات التعليمية الخاصة المخالفة حسب المخالفة المرصودة، وتراوح بين عقوبة الإنذار وعقوبة التعويض مقابل الضرر في حال كانت المخالفة لها أثر مادي، وعقوبة الوضع تحت الإشراف المؤقت (وفي هذه الحالة ترفع يد صاحب المدرسة وتناط كافة النواحي التربوية والإدارية والمالية للمدير المشرف المكلف من قبل وزارة التربية)، وأخيراً عقوبة الإغلاق وإلغاء الترخيص. وحسب تأكيدات التعليم الخاص في الوزارة أنه تم رصد 78 عقوبة تعويض مقابل الضرر و94 عقوبة فرض غرامة مالية بحق أصحاب المقرات المفتتحة بشكل مخالف مع التنويه بأن المؤسسات التعليمية الخاصة تم ترخيصها لتكون رديفاً للتعليم الرسمي، حيث تلتزم بالمنهاج الرسمي المعتمد لكل المراحل الدراسية وتطبق الأنظمة الداخليه للمراحل التعليمية المطبقة على المدارس الرسمية كافة.
وفي ختام القول لابد أن نشير إلى أن النسبة العظمى من الأوائل في الشهادة الثانوية تكون من نصيب المدارس الحكومية وذلك حسب مطالعتنا للإحصائيات والنسب أثناء الإعلان عن النتائج.
علي حسون