العراق: التظاهرات الاحتجاجية تدخل أسبوعها الثاني
تتزايد التحذيرات من خطورة توسّع الاحتجاجات في المدن العراقية وامتدادها إلى العاصمة بغداد، وخاصة بعد ظهور بوادر دخول مندسين على خط التظاهرات السلمية المطالبة بتحسين مستوى المعيشة وتأمين فرص عمل للعاطلين عن العمل. ويؤكد مراقبون أن الاحتجاجات الحالية تذكّر بما حدث عام 2012 قبل أن يستغل تنظيم “داعش” الإرهابي مناخ الفوضى السائد آنذاك ليحتل مدناً عراقية بأكملها، ويخشون أن تكون وراء هذه الاحتجاجات أيادٍ خفية تابعة لدول إقليمية لا تريد للعراق أن يخرج من عباءة السيطرة الأمريكية، وخاصة بعد أن أثبتت نتائج الانتخابات الأخيرة إمكانية حدوث ذلك.
فلليوم الثامن على التوالي تتواصل تظاهرات الاحتجاج في عدد من مدن جنوب العراق، فيما أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أن الدولة عندما تستجيب لطلبات المواطنين يكون ذلك دليل قوة وليس ضعفاً، بينما أكد المتحدّث باسم كتائب حزب الله جعفر الحسيني أن من حق الشعب التظاهر للمطالبة بحقوقه.
وخلال لقائه الوزراء والقادة الأمنيين أكد العبادي أن العراقيين لا يقبلون بالفوضى والاعتداء على القوات الأمنية، لافتاً إلى أنّ إخراج التظاهر السلمي عن سياقاته محاولة لإرجاع البلد إلى الوراء، وموضحاً أنه يجب التصدّي لمن يحاول الاعتداء على ممتلكات الدولة. وأوضح العبادي أنه يجب على القوات الأمنية حماية مقرّات الأحزاب لأنها جزء من مؤسسات الدولة، ووجّه الأجهزة الأمنية إلى عدم استخدام السلاح لمواجهة المواطنين.
بدوره، أكد المتحدّث باسم كتائب حزب الله العراق جعفر الحسيني أنه من حق الشعب أن يتظاهر للمطالبة بحقوقه، واتّهم مثيري الشغب في التظاهرات بأنهم يتحرّكون بإيعاز من واشنطن والسعودية لحرف المطالب الشعبية عن مسارها، مشدّداً على أنّ وظيفة الحكومة العراقية توجب عليها حماية الممتلكات العامّة والمؤسّسات الرسمية والمواطنين، وأضاف: إنّ الاحتلال الأميركي لعب دوراً رئيسياً في منع الحكومات العراقية من استكمال تنفيذ المشاريع الخدمية أثناء فترة وجوده في العراق.
واتخذت الحكومة العراقية قرارات لاحتواء الاحتجاجات، من بينها: تخصيص وظائف حكومية وأموال لمحافظة البصرة، فضلاً عن خطط لتنفيذ مشاريع خدمية على المدى القصير والمتوسط.
وقد قُتل اثنان من المحتجّين في اشتباكات مع قوات الأمن في بلدة السماوة، فيما أعلنت شركات خطوط جوية وقف رحلاتها إلى النجف.
وفي بغداد، فرضت السلطات الأمنية العراقية، منذ مساء الأحد، إجراءات أمنية، وكثفت من انتشار رجال الأمن، ونصبت الحواجز المؤقتة، المعروفة بالعراق باسم (المرابطة)، خشية نقل احتجاجات الجنوب، وشوهد انتشار كثيف لرجال الأمن وقوات مكافحة الشغب بالقُرب من ساحة التحرير وسط بغداد، التي تعتبر عنواناً أساسياً لكل التظاهرات التي خرجت ضد الحكومات العراقية منذ الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003.
وحسب مصدر أمني فإن “الأجهزة الأمنية والعسكرية في العراق دخلت أقصى حالات الإنذار، خشية أن تشهد محافظات ومدن أخرى الاحتجاجات ذاتها التي تشهدها المحافظات الجنوبية، وخاصة ما حدث في البصرة”، وأضاف: “من المتوقع أن تخرج تظاهرات خلال اليومين المقبلين في بغداد، ومن ضمن خططنا حمايتها، والعمل على اعتقال الذين يثيرون الفوضى، ويعتدون على المؤسسات العامة”.
وتظاهر العشرات من المواطنين وسط كربلاء وأقدموا على قطع شارع رئيسي وسط المحافظة، للتعبير عن سخطهم بسبب سوء الخدمات والنقص في تجهيز الطاقة الكهربائية، وتحدّث المتظاهرون عن فشل الأحزاب السياسية الحاكمة في تقديم أي خدمات للمواطن خلال الخمسة عشر عاماً المنصرمة، الأمر الذي دفعهم للخروج بعد الوعود التي سموها بالكاذبة.
إلى ذلك، أفاد مصدر أمني بأن وزير الداخلية قاسم الأعرجي وصل إلى محافظة كربلاء على رأس قوة كبيرة، وأضاف: إن الأعرجي عقد اجتماعاً في قيادة الشرطة لبحث الأوضاع الأمنية بالمحافظة والتظاهرات التي تشهدها كربلاء.
ودعا وزير الداخلية المحتجين في عدة محافظات عراقية إلى الهدوء، ومنح السلطات فرصة للتعاطي مع مطالبهم.
وقبل تجدد الاحتجاجات، صادق مجلس محافظة كربلاء، الأحد، على مطالب المتظاهرين، فيما هدد بفصل محطة الخيرات الكهربائية عن المنظومة الوطنية في حال عدم تجهيز المحافظة بـ 650 ميغا واط.
وصرح عضو المجلس ناصر الخزعلي بأن مجلس محافظة كربلاء عقد جلسة طارئة، لمناقشة مطالب المتظاهرين وصادق عليها، وأضاف: إن المجلس اتخذ قراراً بتعيين 60% من مواطني المحافظة بمصفاة كربلاء، مهدداً بأن الحكومة المحلية في المحافظة ستقوم بفصل محطة الخيرات الكهربائية عن المنظومة الوطنية إذا ما تمّ تزويد المحافظة بـ 650 ميغا واط.
وتشهد معظم المحافظات الوسطى والجنوبية تظاهرات غاضبة تطالب بتحسين الواقع الخدمي لاسيما فيما يخص الكهرباء والماء والخدمات الأخرى، فضلا عن توفير فرص عمل.