قمة هلسنكي.. خطوة أولى لحل الخلافات الروسية الأمريكية
اختتم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ونظيره الأمريكي، دونالد ترامب، لقاء ثنائياً استمر أكثر من ساعتين في العاصمة الفنلندية هلسنكي، وأكدا، في بداية لقائهما وجهاً لوجه الذي استمر ساعتين و10 دقائق، على أهمية هذه القمة من أجل بحث العلاقات الثنائية وكذلك القضايا الدولية الملحة.
وقال بوتين: “الاتصالات الدائمة مستمرة بيننا، ونحن تحدثنا هاتفياً والتقينا عدة مرات في مناسبات دولية مختلفة. ولكن بالطبع آن الأوان للحديث بالتفصيل حول علاقاتنا الثنائية ومختلف “المواضع المؤلمة” في العالم، إنها كثيرة بما يكفي لنوليها الاهتمام”.
بدوره، صرح ترامب: “لدينا مسائل كثيرة علينا أن نناقشها ومسائل أخرى علينا التفكير فيها”، وأشار إلى أن العالم كله يتطلّع لنتائج هذه القمة، موضحاً أن روسيا والولايات المتحدة “أكبر قوتين نوويتين وليس من الجيد أن تكون بيننا خلافات”.
وفي مؤتمر صحفي مشترك، اعتبر الرئيس بوتين أن بإمكان روسيا والولايات المتحدة أن تتعاونا بشكل بنّاء في تنظيم الأسواق العالمية لموارد الطاقة، وقال: “برأيي إن بلدينا كمنتجين رئيسين للنفط والغاز، والولايات المتحدة من هذه الدول المنتجة، يستطيعان التعاون بشكل بنّاء في تنظيم الأسواق العالمية (لموارد الطاقة)، لأن هبوط الأسعار إلى ما تحت الحد الأدنى ليس في مصلحتنا، علماً أن منتجينا سيعانون منه، بما في ذلك في الولايات المتحدة، إذا تحدثنا عن النفط والغاز الصخريين”، وذكر في هذا السياق أن الأسعار المرتفعة جداً ليست هي الأخرى في مصلحة روسيا وواشنطن، مضيفاً: “أنه موضوع جدير بالمناقشة، وهناك مجال للتعاون”.
ووصف الرئيس الروسي القمة مع نظيره الأمريكي بـ”الناجحة والمثمرة”، وقال: إنها انعقدت في أجواء “بنّاءة وإيجابية”، واعتبر أنها مثّلت الخطوة الأولى في “إزالة الأنقاض” عن العلاقات بين البلدين، وأوضح: “بالطبع، مشاكل كثيرة لا تزال قائمة، ولم نتمكن من إزالة جميع الأنقاض، وهذا كان مستحيلاً، لكنني أعتقد أننا قمنا بالخطوة الأولى في هذا الاتجاه”، وأشار إلى أن الصعوبات والأجواء المتوترة في العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة لا سبب لها، معيداً إلى الأذهان أن الحرب الباردة انتهت منذ زمن بعيد.
وبيّن في هذا السياق: “لقد ولت فترة المواجهة الايديولوجية الحادة بين البلدين إلى الماضي البعيد، والأوضاع في العالم تغيّرت بشكل جذري”، وشدد على ضرورة توحيد روسيا والولايات المتحدة جهودهما الرامية لمواجهة التهديدات المشتركة بالنسبة لهما، وأضاف موضحاً: “إن روسيا والولايات المتحدة تواجهان اليوم تحديات أخرى تماماً، ومن بينها الانعدام الخطير لتوازن آليات الأمن الدولي والاستقرار، والأزمات الإقليمية، وتمدد التهديدات النابعة عن الإرهاب والجرائم العابرة للقارات والعناصر الإجرامية، وزيادة عدد المشاكل في الاقتصاد العالمي، والمخاطر البيئية وغيرها، وليس من الممكن حل هذه المشاكل إلا بتضافر الجهود”، وتابع: “آمل في أن نتوصل إلى فهم مشترك لهذا الأمر مع الشركاء الأمريكيين”.
وأضاف مشدداً: “عكست المحادثات، التي تم عقدها، رغبتنا المشتركة مع الرئيس ترامب في تصليح الوضع السلبي في علاقاتنا الثنائية ورسم الخطوات الأولى لمعالجتها وإعادتهما إلى الدرجة المقبولة من الثقة والعودة إلى المستوى السابق للتعاون بشأن جميع القضايا التي تمثّل اهتماماً مشتركاً”.
ودعا بوتين إلى تشكيل لجنة خبراء معنية بتطبيع العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة، وقال في هذا السياق: “اقترحنا على الولايات المتحدة في هذا السياق التفكير في فلسفة ترتيب العلاقات الثنائية على المدى البعيد، وليس فقط على الجوانب العملية”، وأضاف: “سيكون من المفيد إشراك خبراء متمرسين جيداً بتاريخ العلاقات الروسية الأمريكية إلى هذه العملية”، وأوضح: “الفكرة تتمثّل في تشكيل لجنة خبراء ستضم محللين سياسيين روساً وأمريكيين ذوي سمعة حسنة، وعلماء ودبلوماسيين سابقين، ومن شأن تلك اللجنة العمل على إيجاد القواسم المشتركة والتفكير في اقتياد التعاون الدولي إلى طريق التقدم الإيجابي المستدام”.
بدوره، قال ترامب: “حتى في فترة التوتر خلال زمن الحرب الباردة، حينما كان العالم مغايراً تماماً عما هو الآن، كانت الولايات المتحدة وروسيا قادرتين على الاحتفاظ بالحوار الوثيق بينهما، وعلاقاتنا لم تكن أسوأ مما هي اليوم”، وأضاف: “وعلى الرغم من ذلك فهذا الوضع تغيّر، منذ حوالي 4 ساعات، إنني مقتنع بذلك”، وتابع موضحاً: “بحثنا مجموعة من القضايا الملحة المختلفة، ذات الأهمية بالنسبة لكلا البلدين، وأجرينا حواراً منفتحاً ومثمراً”.
وشدد على أن “الحوار البنّاء بين الولايات المتحدة وروسيا يعطي فرصة لتمهيد الطريق نحو السلام والاستقرار في العالم”، وأردف موضحاً: “الخلافات بين بلدينا معروفة، وناقشتها بشكل مفصّل مع الرئيس بوتين”، واستدرك قائلاً: “لو أردنا حل المشاكل التي يواجهها عالمنا، ينبغي علينا إيجاد سبل للتعاون وقواسم مشتركة”.
وبدأ الزعيمان بعد محادثاتهما الثنائية، والتي استغرقت أكثر مما كان من المخطط له مسبقاً، اجتماعاً موسّعاً شارك فيه من الجانب الروسي وزير الخارجية، سيرغي لافروف، ومستشار الرئيس للسياسة الخارجية، يوري أوشاكوف، والناطق باسم الرئاسة، دميتري بيسكوف، ومدير قسم أمريكا الشمالية في الخارجية، غيورغي بوريسينكو، والسفير الروسي لدى واشنطن، أناطولي أنطونوف، فيما شمل وفد الولايات المتحدة كلاً من وزير الخارجية، مايك بومبيو، ومستشار الرئيس للأمن القومي، جون بولتون، وكبير موظفي البيت الأبيض، جون كيلي، وكبيرة المستشارين في مجلس الأمن القومي المعنية بروسيا، فيونا هيل.
وقال ترامب، في مستهل الجلسة الموسّعة للمحادثات، تعليقاً على لقائه الثنائي مع بوتين: “أعتقد أن هذه كانت بداية جيدة بالنسبة للجميع”.
تأجيل لقاء بوتين وترامب لمدة ساعة
كشف صحفيو البيت الأبيض أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أرغم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على انتظار اللقاء الثنائي بينهما في هلسنكي نحو ساعة، وأعلنوا في تصريحات مجموعة من صحفيي البيت الأبيض أن الرئيس بوتين أرغم الرئيس الأمريكي على انتظاره في مكان إقامته الخاص، وأشار الصحفيون إلى أن ترامب انتظر في الفندق أكثر من ساعة من الوقت المخطط له لانطلاق اللقاء.
ووصل بوتين إلى العاصمة الفنلندية في تمام الساعة الواحدة بتوقيت موسكو، وكان اللقاء مخططاً له في وقت سابق بتمام الساعة الـ 13 وعشر دقائق بتوقيت موسكو، ولكنه بدأ بعد ساعة، أي في تمام الساعة الـ 14 وعشر دقائق بتوقيت موسكو، ونتيجة لذلك، تغيّر الجدول الزمني للقمة، وتأخرت بدايتها حوالي الساعة تقريباً.