اسكتلندا تستعد لاستقبال ترامب
ترجمة: علاء العطار
عن “ذا غارديان” 13/7/2018
ظنّ دونالد ترامب أن بإمكانه تجنّب احتجاجات لندن، لكن اسكتلندا ستكون جاهزة لاستقباله، وما محاولته تجنّب الاحتجاجات الملتهبة ضده من خلال تخطيه العاصمة سوى فعل جعله محطّ سخرية في جميع أنحاء المملكة المتحدة.
بعد سماع هؤلاء الليبراليين في لندن، لا يسعنا سوى الخلوص إلى أن غزارة الاسكتلنديين، الذين يعرضون إعطاء ترامب “قبلة من غلاسكو”، ما كان إلا إغراء لجذب ذلك الأمريكي المهووس بلمس نفسه، فبعد الخيانة التي تعرض لها المصوتون على البريكسيت، اتحد اللندنيون والاسكتلنديون مرة أخرى، ولكن السبب هذه المرة كان ازدرائهم المشترك لرجل مثير للاشمئزاز لدرجة أن زوجته ترفض أن تمسك يده.
وفي حين ستتواصل الاحتجاجات في لندن بإخلاص، تمّ تمرير اللافتات و”بالون الرضيع ترامب” إلى اسكتلندا لضمان حصول ترامب على الترحيب الذي يستحقه.
وبالرغم من أن ترامب كان يتحدث عن اسكتلندا بود، إلا أن الاسكتلنديين لا يبادلونه تلك المشاعر بالتأكيد، في الواقع، إنه يتمتع بنفس شعبية الوصفة الجديدة المريعة لمشروب “إرن برو”، الذي يشابه لونه البرتقالي لون بشرة ترامب، وبالطبع لديه بعض المعجبين هنا، مثلما لا يزال هناك مشجعون لفريق “رينجرز”.
في هذا الشأن تُعدّ الممثلة الكوميدية جاني غودلي أحد الأشخاص الذين جسّدوا روح اسكتلندا، ففي حزيران 2016، استقلت جاني الحافلة إلى ملعب تيرنبيري للغولف لتُرحب بعودة ترامب حاملة لافتة مثيرة للجدل سرعان ما انتشرت حول العالم، وكان إحساساً انتشر كالطاعون، ما جعل من غودلي قائدنا غير الرسمي في مواجهة رئيس الولايات المتحدة، ومشهد امرأة وحيدة، محاطة بضباط الشرطة في الطقس الاسكتلندي البارد، وهي تتحدى ما هو أكبر منها، ليس شهادة على الروح الاسكتلندية وحسب، بل إنه مصدر إلهام لنا جميعاً. لكن هذه المرة، لن تكون غودلي وحيدة فالأمة تسير إلى جانبها ليعلم الجميع أن الاسكتلنديين لن يتهاونوا مع العنصرية وكره النساء.
ترامب من نسل المهاجرين وله جذور اسكتلندية لجهة والدته، وهذا ما يمنحه القطعة المميزة التي ورثناها عن أسلافنا والتي يحب الأمريكيون أن يتباهوا بها. ولدت ماري آن ماكلويد ترامب في آوتر هبريدس قبل أن تهاجر إلى الولايات المتحدة عام 1930، حيث أهدتنا هذا الرجل النكد الذي نعرفه ونمقته اليوم. ورغم أن والدة ترامب وزوجته ولدتا في بلد أجنبي، إلا أنه من الواضح أن حجم ازدرائه للمهاجرين مستمر في الازدياد، ويبدو أن هناك اختلافاً بين من يعتبرهم مقبولين وأولئك الذين لا يعتبرهم كذلك، لكننا لم نستطع تحديد هذا الاختلاف.
يمتلك ترامب بعض الممتلكات في أيرشاير وأبردينشاير، ولكن تمّ التصدي له مؤخراً في معركته القانونية لـ”حماية” أحد ملاعب الغولف العزيزة على قلبه من العنفات الهوائية التي يعتبرها شنيعة المظهر، احتفل نيكولا ستورجيون من بين الكثيرين بقرار المحكمة، مؤكداً أن اسكتلندا تأتي أولاً بالرغم من نوبات غضب ترامب الطفولية التي عبّر عنها على تويتر.
والمقاومة المناهضة لترامب في اسكتلندا على أتم الاستعداد للكفاح ضد رجل مفلس أخلاقياً، كما هي حال العديد من أعماله التجارية الفاشلة، وسيحارب الاسكتلنديون بوجدانهم وحسّ الدعابة لديهم، ولن يعترض مسيرتهم سوى مباراة بين فريقي كرة القدم الأشهر في غلاسكو.
اسكتلندا ليست مثالية، لكنها تأخذ التزامها بكونها دولة تقدمية على محمل الجد، سواء عبر استقبال اللاجئين أو التصدي لجرائم الكراهية أو توجيه ضربات مؤلمة للإرهابيين، لذا ينبغي ألا نتفاجأ من أن مواطنيها يتوقون للرد على رئيس يعتبر حقوق الإنسان غير ذات أهمية.