بوتين: محاولات عزل روسيا باءت بالفشل
امتدح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نظيره الأمريكي دونالد ترامب عقب اختتام قمتهما في هلسنكي، مشيراً إلى أن ترامب يعرف عما يتحدّث ويأخذ بالحجج، ورأى أن الرئيس ترامب “شخص مؤهل جداً، ويعرف عما يتحدّث، ويجيد الإصغاء ويأخذ بالحجج”.
ولفت بوتين، في حوار أجرته معه القناة التلفزيونية الروسية الأولى، عقب المؤتمر الصحفي المشترك في هلسنكي، إلى أن الرئيس الأمريكي في الوقت ذاته، يتشبث في بعض المسائل برأيه، مشيراً على سبيل المثال إلى موقفه من الاتفاق النووي مع إيران.
ووصف بوتين ترامب أيضاً بأنه “محاور مثير للاهتمام”، لافتاً إلى أن “الجميع يعتقدون أنه رجل أعمال فقط، أنا لا أعتقد أن الأمر كذلك، لأنه الآن فعلاً رجل سياسة، وقد نجح في هذا الأمر”.
واختتمت في العاصمة الفنلندية هلسنكي القمة الروسية الأمريكية، والتي استمرت 4 ساعات، حيث اعتبر بوتين أنها مثّلت الخطوة الأولى في “إزالة الأنقاض” عن العلاقات بين البلدين، ووصف الحوار بـ”الزاخر والمفيد للغاية”، فيما أكد ترامب أن العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا كانت في أسوأ حالاتها قبل اليوم، لكنها تحسّنت بفضل هذه القمة، معتبراً أن القمة بداية جيدة للجميع.
وخلال لقائه على قناة “فوكس نيوز، أكد الرئيس الروسي بأن كل الجهود المبذولة لعزل روسيا باءت بالفشل، مشدداً على أن روسيا أكبر بكثير من أن يستطيع أحد عزلها أو احتواءها، وأضاف: “من البديهي أن هذه الجهود قد فشلت ولم يكن مكتوباً لها النجاح منذ البداية.. ويمكن للمرء توقّع ذلك من مجرد ملاحظة حجم روسيا وأهميتها على الساحة الدولية، فيما يتعلق بالأمن والاقتصاد العالمي ومساهمتها الكبيرة في سوق الطاقة العالمي.. إنها كبيرة جداً بحيث لا يمكن فرض عقوبات عليها أو عزلها”، وتابع: “على روسيا والولايات المتحدة التوقف عن محاربة بعضهما، والبحث عن طرق لمناقشة ومعالجة القضايا ذات الاهتمام المشترك، ومواجهة التحديات، والتغلب على دواعي القلق المشتركة”.
وشدد الرئيس الروسي على أن الأسلحة الروسية الحديثة والصواريخ المدمرة الجديدة التي تمّ الكشف عنها في آذار الماضي ليست موجهة أبداً ضد الولايات المتحدة، وأضاف: “إن مواد الفيديو التي تظهر إطلاق صاروخ سارمات لا تشير أبداً إلى أن هذا الصاروخ يستهدف الولايات المتحدة، ولم تكن كلمة فلوريدا مكتوبة هناك.. انظروا بانتباه وعن قرب أكثر واقترح عليكم ألا تنشروا معلومات دون التحقق منها”.
وفي السياق نفسه أعرب بوتين عن استعداد روسيا لمواصلة العمل بمعاهدة الحد من الأسلحة الهجومية “ستارت”، وقال: “إن الاتفاقية ستنتهي صلاحيتها عام 2021 وقد طمأنا الرئيس الامريكي بأن روسيا لا تزال عند موقفها، وهي مستعدة لتمديد العمل بالاتفاقية، ولكن لدينا أسئلة لشركائنا الأمريكيين، ونعتقد أنهم لا يلتزمون بشكل كامل ببنود الاتفاقية”.
وبشأن احتمال انضمام أوكرانيا وجورجيا إلى حلف شمال الأطلسي “الناتو”، أوضح بوتين: “نحن نعتبر أن اقتراب البنى التحتية لحلف الناتو من حدودنا هو بحد ذاته تهديد مباشر لأمننا القومي.. وفي الوقت الراهن يواصل الناتو توسعه، وزاد عدد أفراده العسكريين في مناطق معينة إلى 10 آلاف مجند، وهو أمر مخالف للاتفاقية الموقعة التي تنظم العلاقة بين روسيا الاتحادية وحلف الناتو”، وأضاف: “إن هذا الأمر سلبي للغاية وغير مقبول، ومثل هذه التصرفات تعتبر عاملاً مزعزعاً للاستقرار، ويجب مراعاة ذلك في العلاقة بين الجانبين”.
كما اعتبر الرئيس الروسي أن المزاعم البريطانية بشأن تورط روسيا في حالتي تسمم بغاز شل الأعصاب نوفيتشوك في بريطانيا “لا أساس لها”، مضيفاً: “إن لندن لم تقدّم أي دليل في هذه القضية، وإنما مجرد اتهامات لا أساس لها”، متسائلاً: “لماذا يتمّ الأمر بهذه الطريقة، ولماذا يجب أن تصبح علاقتنا أسوأ من ذلك”.
وفي برلين، دعا وزير الخارجية الألماني هايكو ماس روسيا والولايات المتحدة إلى الاستمرار في الحوار والتقارب بينهما، وقال: “إن الحوار ضروري من أجل تحسن العلاقات الدولية بالاعتماد على المصداقية والتجانس والعمل الجاد حتى بعيداً عن الأضواء”، لافتاً إلى أن الشهور المقبلة ستظهر نتائج الاجتماع في هلسنكي بهذا الخصوص.
كما أكد ماس أهمية وجود تعاون روسي أمريكي بنّاء خصوصاً في مجال الحد من انتشار الأسلحة النووية من أجل مصلحة ألمانيا أيضاً، مضيفاً: “نحن بحاجة الآن إلى خطوات عملية بأسرع ما يمكن حتى لا يبقى الأمر مجرد اعتراف بأهمية التعاون”.
وفي براغ، أكد المشاركون في فعالية احتجاجية أن حلف “الناتو” شكّل منذ تأسيسه منظمة عسكرية عدوانية، وأصبح الآن يخدم المصالح الامبريالية للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أكثر من أي وقت مضى.
وقال المشاركون في بيان تم تبنيه خلال الفعالية: “إن الحلف وجيوش دوله يتحمّلون المسؤولية الكاملة عن العديد من التدخلات العسكرية وعمليات الغزو والتخريب التي استهدفت دولاً بكاملها، والتسبب بوقوع الكثير من الضحايا المدنيين، وتدمير البنى التحتية، وتشريد الملايين من بيوتهم وأراضيهم”. وعبّر المشاركون عن تضامنهم مع ضحايا الأعمال الهمجية التي مارسها الحلف جراء خرقه المتكرر للقانون الدولي ولسيادة الدول وحقها في العيش بكرامة.
كما أدانوا الحشد الجاري لقوات الناتو وسط وشرق أوروبا والذي يترافق مع عمليات استفزاز عسكرية، وطالبوا بانسحاب تشيكيا من الناتو، وبتغيير السياسة الخارجية لها كي تكون قائمة على الاستقلالية، واحترام القانون الدولي وسيادة الدول والتعاون الدولي.