“حماة المستهلك” وقت التَّضييق..!؟
التضييق على الأسواق سوف يشلّ حركتها.. بهذا “المانشيت” تم عنونة التصريح الأحدث لوزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك، والخاص بالرقابة على الأسواق وقمع المخالفات، وكم الضبوط المحررة، بحق من تطاول ولن يفتأ يتطاول على حق المواطن في منتجات وسلع وخدمات وأسعار.. وعلى كل القوانين والضوابط والمعايير التي تحكم العلاقة بين “البائع والشاري”، الذي نستميحه (الوزير) عذراً، بالتشديد على ألاَّ يجب أبداً أن يكون مصطلح “يفتح الله” هو ميزان العلاقة والعرض والطلب، ما بين الآنفي الذكر..!
فالضبط والرقابة والعقوبة وتطبيق التشريعات في دولة القانون والمؤسسات.. ليست تضييقاً كما أكد معاليه، بل تهذيب وتقويم للشاذ المُستنكر وبالتالي تصحيح وتطوير.. كما نعتقد أنه بمثل هكذا إعلان صريح – سواء شعروا حماة المستهلك أم لم يشعروا.. والله أعلم – قد أعطوا الضوء الأخضر.. ليسرح المراقبون والباعة والتجار، ويمرحوا على هواهم..!؟
يسرحوا.. ولو في مساحة محددة من غضِّ الطرف، وخاصة حين يُطْعَم “الفم”، لأن هناك من قالها جهاراً ونهاراً ونقتبس: “لا يمكن التضييق على الأسواق كالقبضة الفولاذية لكون التشديد في قمع المخالفات كلها سيؤدي إلى إغلاق نسبة كبيرة من المحال التجارية وشلل حركة الأسواق، لكون حجم المخالفات ليس قليلاً، ولكن التعامل بالطريقة الحالية كحل وسطي يساعد على تنبيه المحال لعدم المخالفة وأخذ العبرة من الآخرين الذين تتم مخالفتهم”.
سنتجاوز ما سبق هو اعتراف صريح باستفحال المخالفات نوعاً وعدداً، لنسأل: يا أيها “المُضيِّقون” الكاتمون على صدور التجار وأصحاب المحال وعلى سلعهم وأسعارهم: هل وصل الحد لنعتبر تطبيق القوانين الضابطة والملزمة للكل، والكل أمامها وتحتها سواسية (إلاَّ من اتقى ربه في صحة المواطن وجيبه..) تضييقاً..!؟
بقصد أو دون قصد، رمى حماة المستهلك في بئر أسواقنا ما رموا.. وهيهات بعد من ضبطٍ فاعلٍ لمساوئ أسواقنا، حتى لو أدعينا آلاف الضبوط “المُنجزة” بحق من ارتكب وخالف، بدءاً من المخالفة “الصغيرة” المُصغَّرة وليس انتهاء بالكبيرة المُسمَّنة، إذ لا شك سيظل هناك وفر بالضبوط المضبوطة.. لكن العائد لا جدال لن يكون مصيره قضاءنا و”كواير” خزينتنا العامة، وكله بفضل كلمة لم يُحسب لوقعها وتداعياتها وأثرها وفوائدها غير المشروعة.. أي حساب..!؟
ولمن لا يعلم، فإن التعامي المقصود وربما المبرر أحياناً وفي حالة محددة ومعينة، يمكن فهم وتمريره وحتى الأخذ به حين الضرورة والضرورة القصوى، لكن أن يُشرَّع ذلك (ارجعوا لموضوع الفرق بين التشريع والقانون)، فهذا سيوصلنا لترسيخ “التضيقات – عفواً – الضرورات التي تبيح المحظورات” في الفكر الجمعي المجتمعي السلبي، المزعزع لبنيان وأركان العلاقات ضمن الدولة..!؟
مثل هذا الفكر يا “حماة المستهلك” هو من يبرر لأولئك التجار- الذين أشرتم إليهم – عدم التشكي بالاسم الصريح على المراقب التمويني الذي يطالبهم برشوة، ولسبب بسيط وهو أن كليهما مُدان في استفادته، وبالآن معاً كلاهما حريص على الآخر لاستدامة غير المشروع في المال والأعمال..!؟
ليس آخراً.. نسأل من يستطع.. هذا إن وجِد أحد يُجيب: هل هناك حالة واحدة تم التعويض بها على مواطن أو مواطنين، تعرضوا لأذى مادي وصحي نتيجة لسلع أو منتجات منتهية الصلاحية أو غير مطابقة للمواصفات.. كما يحدث في دول تحترم مستهلكها..؟!
وختاماً، نسأل أيضاً: عن أي تعديل تتحدثون.. ما دمتم استبقتم بقوننتكم “عدم التضييق” يا صديق..!؟
Qassim1965@gmail.com