هجوم واسع على ترامب بسبب مواقفه في قمة هلسنكي
شنّ أعضاء في مجلسي النواب والشيوخ الأميركيين ومعظم الصحف الأميركية والبريطانية هجوماً على سلوك الرئيس الأميركي دونالد ترامب في قمة هلسنكي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إذ اعتبر السفير الأمريكي الأسبق لدى موسكو، مايكل ماكفول، في تغريدة على تويتر، “أن بوتين حقق انتصاراً كبيراً وخيالياً في هلسنكي”.
وبحسب السفير الأسبق فقد كان مستوى التوقّعات منخفضاً بالنسبة لترامب، ومع أن كل ما كان مطلوباً منه هو إبداء “ولو مقاومة ضعيفة”، إلا أنه فضّل عدم إبدائها، مشيراً إلى أن هذا التطوّر مخيّب للأمل، ووصف القمة الروسية الأمريكية بـ “الفظيعة”، أما التقييم العالي لنتائجها من قبل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، فاعتبره دليلاً على “الاستسلام التام من قبل الولايات المتحدة”.
وعقد اللقاء الذي طال انتظاره بين بوتين وترامب يوم الاثنين في العاصمة الفنلندية هلسنكي، ودام حوالي أربع ساعات، وأجرى الرئيسان الروسي والأمريكي محادثات مغلقة وعلنية، بحثا خلالها التعاون الاقتصادي بين الدولتين، وموضوع “التدخل الروسي” المزعوم في الانتخابات الأمريكية 2016، وتسوية الأزمة في سورية، ونقل الغاز الروسي عبر أوكرانيا، ومواضيع أخرى.
كما تعرّضت مواقف ترامب في القمة إلى نقد لاذع وردود فعل حادة من قبل أعضاء في مجلسي النواب والشيوخ الأميركيين على حد سواء، إذ اعتبر رئيس مجلس النواب الأميركي، بول رايان، أن على ترامب “أن يدرك أن روسيا ليست حليفتنا، ولا يوجد تكافؤ أخلاقي بين الولايات المتحدة وروسيا، التي لا تزال معادية لقيمنا ومبادئنا الأساسية”، على حد زعمه.
واعتبر السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام أن “فرصة ترامب ليحاسب روسيا بشدة” على تدخلها في الانتخابات الرئاسية عام 2016 وتوجيه تحذير قوي “قد ضاعت”!.
وتعليقاً على قيام بوتين بإهداء ترامب كرة قدم بعد انتهاء بطولة كأس العالم في روسيا، قال غراهام: “إنه لو كان هو المتلقّي لهذه الهدية، فإنه سيفحصها ليتأكّد من خلوّها من أجهزة تنصت، وإنه لن يسمح بدخولها إلى البيت الأبيض مطلقاً”، على حد قوله.
إلى ذلك أصدر السيناتور الجمهوري جون ماكين بياناً، قال فيه: إن قمة ترامب مع بوتين “خطأ مأساوي”، مضيفاً: “إن الرئيس الأميركي فشل في الدفاع عن الولايات المتحدة”، حسب قوله، وادّعى أن القمة سجّلت “أدنى مرتبة للرئاسة الأميركية في التاريخ”، وتابع: “كان المؤتمر الصحفي الذي عُقد في هلسنكي من أكثر العروض المشينة من قبل رئيس أميركي في الذاكرة الأميركية”.
أما السيناتور الجمهوري جيم فليك فقال: إنه لم يظن قط أنه سيأتي اليوم الذي يلقي فيه رئيس الولايات المتحدة باللائمة على واشنطن في مسألة “التعدّي الروسي”، بحسب تعبيره، فيما أكد مدير الـ “سي آي إيه” السابق جون برينان أن المؤتمر الصحفي لترامب مع نظيره الروسي يرقى إلى مستوى الجريمة الكبرى، واصفاً ترامب بـ “المعتوه”.
الديمقراطيون من جهتهم شاركوا في انتقاد ترامب بشكلٍ لاذع، حيث أشار زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ تشاك شومر، إلى أنه في تاريخ الولايات المتحدة بأكمله، “لم ير الأميركيون يوماً رئيسهم يؤيد خصماً كما دعم ترامب الرئيس بوتين”، ولفت إلى أن ملايين الأميركيين سيستمرون في التساؤل عمّا إذا كان التفسير الوحيد الممكن لسلوك ترامب “الخطير” هو احتمال أن يكون لدى بوتين معلومات مدمّرة عن الرئيس الأميركي.
ورأت السيناتور الديمقراطي اليزابيث وارن أن ترامب يعتلي مرّة أخرى مسرحاً دولياً لإحراج الولايات المتحدة وتقويض مؤسساتها.
الصحف الغربية، الأمريكية والأوروبية، شنت بدورها هجوماً لاذعاً على ترامب، إذ قالت صحيفة نيويورك تايمز: “إن ترامب انحاز إلى جانب الرئيس الروسي ضد وكالات الاستخبارات الأميركية”، فيما أكدت صحيفة واشنطن بوست أن ترامب في السياسة الخارجية يستبدل ما أسمته “الكبرياء الوطني” بغرور شخصي، ويُعلن عن أي نتيجة دبلوماسية – مهما كانت عديمة الجدوى أو ضارة – كنصر، ويعلّق أي تعقيدات على “غباء” الرؤساء السابقين.
من جهتها، صحيفة الغارديان البريطانية كتبت تقول: “غرّد ترامب قبل ساعات من الاجتماع أن العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا كانت فقيرة للغاية بسبب الحماقة والغباء الأمريكيين، وبالتالي دخل إلى قاعة مؤتمرات هلسنكي ليس عارياً تماماً، ولكن على الأقل اعترف بذنبه نيابة عن بلاده”، ورأت أن إشارات ترامب المتكررة إلى بداية حقبة جديدة بين الدولتين، أوضحت أن الرئيس الأميركي يريد أن تتم إزالة الصراعات المجمّدة، وفي العديد من الحالات، تقع المسؤولية عن وجودها على عاتق أميركا، وليس روسيا.