فعالية “الشام بتجمعنا”.. تنوع في النشاطات والأسواق.. وغلاء يسرق الأحلام الصغيرة!
مع قرب انتهاء فعالية “الشام بتجمعنا”، أصبح بإمكان المراقب أن يقيم ذاك النشاط الذي جاء متزامناً مع نفض غبار الإرهاب عن عتبات وبوابات دمشق، وباقي المحافظات، ومعرض الزهور الذي كان يتفرد بوروده كل عام، جاء هذه المرة مخالفاً لما قبل سني الحرب، إذ حمل عنواناً مختلفاً، وضم العديد من النشاطات، والفعاليات، والعناوين الفرعية لمختلف الشوارع، إلا أن السؤال الأهم يبقى محصوراً حول القيمة المضافة التي حملها للناس، لاسيما أن الأسعار والتكلفة المادية لم تأت على “هوا جيبة” ذوي الدخل المحدود، وحتى المواطن العادي ممن ينتظر تلك التظاهرات ليأتي “بعيلته” ويسرق جلسة فرح ظناً منه أنها بالمجان، لاسيما أن حديقة تشرين كانت تحتضن دائماً آمال الشريحة الفقيرة والمتواضعة، إلا أن الواقع كان مغايراً للحلم الصغير!.
تحقيق “حالة”
وحتى لا نتهم بالإجحاف بحق القائمين على “الشام بتجمعنا”، لابد لنا من الاعتراف بأن “الحالة” بالمجمل جميلة لجهة تجمع الناس، وضجة الحياة، وضحكات الأطفال التي تملأ الحديقة، وتشعرك بالأمل، وهنا نجحت محافظة دمشق، وغرفة تجارة دمشق بمختلف الشرائح، إلا أنها لم تصب من ناحية وضع تسعيرة تراعي الشرائح المتواضعة، وفي لقاء “البعث” مع بعض المواطنين، كان معظمهم غير راض عن قيمة بعض المواد، فالآنسة رغداء مديرة مدرسة في ريف دمشق بيّنت أن المعارض التي تقام على هذا الشكل لابد أن تراعي الطبقة الفقيرة والمتوسطة، فإذا كانت أية لعبة تبدأ بـ 200 ليرة، لن يتمكن رب الأسرة ممن لديه أربعة أطفال أن يجعل أطفاله يلعبون بأكثر من لعبة واحدة، مع حرمانهم طبعاً من شراء المأكولات الطيبة، والفعالية بنظرها لم تراع كل الشرائح، إذ من المفروض أن يكون هناك حسم على الألعاب أقل ما يمكن، أما أم منصور، وهي والدة لطفلين، فأصرت على جعل أطفالها سعداء رغم المبلغ المادي الذي تكلفته، حيث بلغت مدفوعاتها من الألعاب والأطعمة والمواصلات 7000 ليرة، وهو رقم ليس بقليل لموظف يتقاضى 35 ألفاً، ومازال بمنتصف الشهر، أما أبو ليلاس فلم يستطع إخفاء غضبه أيضاً، إذ اعتقد أن الأسعار مدروسة لجهة الموظف، أو ذوي الدخل المحدود، إلا أن الواقع كان غير ذلك، حيث تحدث عن أسعار الأحذية المشابهة للمحال، وأحياناً تزيد عنها، متسائلاً عن جدوى المعرض إذا لم يحمل في طياته تخفيضات؟!.
استغلال
وأثناء التجول لفتت انتباهنا مجموعة من الشباب ممن علت أصواتهم مع شاب صغير يجول بين الطاولات، ويقدم النرجيلة والمشروبات، وأثناء الاقتراب لفهم ما يحصل، قال لنا علوان بأنه حجز طاولة لأربعة أشخاص مع نراجيل، فتفاجأ بأن حجز الطاولة يبلغ 1500 ليرة، وكل نرجيلة 900 ليرة، وهو مبلغ كبير بالنسبة لطلاب جامعة جاؤوا يتمتعون بآخر يوم لهم بالامتحانات الجامعية، وفيما يتعلق بأسعار الملابس والماكياجات فقد وجدتها راوية مناسبة نوعاً ما، فهناك عروض جيدة، وأسعار مناسبة، إلا أن “رحاب” خالفتها الرأي، حيث اعتبرت تلك المواد خالية من الجودة والمواصفات رغم انخفاض أسعارها التي تبدأ بـ 1000، وهذا ما لمسته بقسم الأحذية، والألبسة، والاكسسوار ذات الأسعار من 3500 وما فوق!.
تفاوت
والأمر الغريب والملاحظ في “الشام بتجمعنا” وجود أقسام وأجنحة يبدو عليها أنها محرمة وممنوعة على البعض، إذ تواجدت أقسام على هيئة حارات شامية يبدو للناظر أن مرتادها من الطبقة ذات الدخل المرتفع لترقبه عيون المارة بحسرة، وعدم القدرة على الدخول إليها، وأوضح حسن أحد الزوار بلهجة المتهكم أن تلك الأجنحة لا تعنيه، وتكفيه ابتسامة من طفله وهو يجلس في السفينة، وهي تعلو وتنخفض.
من الواجب
لم يكن مطلوباً من القائمين على فعالية “الشام بتجمعنا” أن يقدموا خدمات مجانية، إلا أن الواجب كان يستدعي وضع حسومات وأسعار رمزية تناسب الجميع، خاصة أن عدد الزوار لم يخب ضوءه منذ أول يوم وحتى اللحظة، وهذا دليل على أن الناس تبحث عن الفرح، ونسيان ما تعرّضوا له من لحظات قاسية خلّفتها سنوات الحرب، وهنا كان من الضروري أن يراعي القائمون تلك الرغبة، لا أن يكونوا طرفاً غير مقصود بحرمان البعض من سرقة لحظة سعادة؟!.
نجوى عيدة