تحدي معاودة الإنجاز..!
لاشك أن التركيز الحكومي على استكمال المشاريع المتوقفة، سواء أكانت ذات طابع خدمي أم اقتصادي أم إداري، هو من مقتضيات المرحلة ولاسيما مع بدء استقرار الأوضاع الأمنية.
ونعتقد أن أبرز دوافع هذا التركيز تنبع ليس من أهمية تحقيق العائد الذي كان الأساس في إطلاق صافرة إنشائها فحسب، بل إن معاودة العمل لإنجازها في هذا التوقيت بالذات يحفّز على الإعمار كاستحقاق يراهن عليه لجهة رفع معدل التنمية بشكل استثنائي.
كما أن تفعيل مقومات الاستثمار يستدعي بالضرورة لحظ هذا الجانب كي لا يكون المشهد العام للتنمية منقوصاً، وهذا لا ينسحب على مشاريع القطاع العام فقط، بل ويشمل نظيرتها لدى القطاع الخاص أيضاً.
ثمّة العديد من المشاريع ذات الأبعاد الإستراتيجية لا تزال جاثمة وسط العاصمة ككتل إسمنتية صماء “مجمع يلبغا– مبنى وزارة النقل الكائن في منطقة نهر عيشة– فندق موفنبيك العائد للقطاع الخاص…إلخ”، تعكس صورة سلبية لآلية التعاطي الجديّ معها كمشاريع تنموية وإدارية، مردّها إما لعدم ثقة مستثمريها بعوائدها الاقتصادية، وأن الغاية من إنشائها بالأصل كانت لا تتعدى مسألة البريستيج الأجوف، وهذا احتمال مستبعد، أو أن دراسات الجدوى الاقتصادية لم تكن دقيقة، ربما نتيجة عدم لحظها متطلبات التنمية وبعض الحيثيات والتفاصيل المتعلقة بالتوزع الجغرافي لها، وما قد تقدمه من خدمات اقتصادية وإدارية تتواءم وموقعها الجغرافي، أو أن ثمّة طارئاً حدث تسبّب بخلافات بين الجهة المالكة لهذه المشاريع والجهة المنفذة، وتاه حلّ الخلاف في أروقة المحاكم ولم يجد سبيلاً للحل حتى اللحظة، وهذان الاحتمالان أقرب للواقع من الأول!.
ما ورد في سياق هذه الاحتمالات يستوجب الأخذ به لدى تهيئة البيئة الجاذبة للاستثمار، وتسريع العجلة الإنتاجية، من خلال ما قد تقدمه الحكومة من تسهيلات وإجراءات، كأن تنظر بتسريع القضايا المتعلقة بالاستثمار في أروقة المحاكم أو تعتمد التحكيم كأساس لابد منه لفضّ النزاعات، وأن تعيد النظر بالتوزع الجغرافي لاستثماراتنا، وأن تجعل من دراسات الجدوى الفيصل الرئيسي لاعتماد قرار الموافقة على أي استثمار محتمل.
أمام هذا المشهد وبالتوازي مع الرغبة الحكومية التي أظهرها رئيس الوزراء خلال اجتماعه مع المحافظين مؤخراً لجهة العمل والتواصل مع المعنيين لإتمام إنجاز المشاريع المتوقفة، نودّ الإشارة إلى حيثية فوات منفعة هذه الاستثمارات التي تعود نقطة بداية إنشائها إلى سنوات ما قبل الأزمة، آملين الاستفادة من هذا الدرس، وتعويض ما فاتنا من وقت كبير من خلال وضع برامج زمنية تستهدف معاودة الإنجاز دون هوادة.
حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com