“منسوب متراجع”!
في الحديث عن مجمل الدراسات والخطط والبرامج وما أُنجز من مشاريع خدمية واقتصادية وتنموية ضمن مشروع إعادة الإعمار والبناء بعد مضي نحو عامين على تحرير حلب من الإرهاب، ما زالت قضية تفعيل وتنشيط الوسط التجاري في حلب مثار جدل كبير، بالنظر إلى تعقيدات هذا الملف القانونية والفنية والإنشائية والتي ما زالت تحول دون إتمام مراحل العمل المقررة وعمليات التأهيل والترميم المطلوبة، سواء ما يتعلق بالبنية التحتية وتوفير الخدمات الضرورية، أو لناحية إعادة تأهيل الأسواق القديمة والمحال التجارية المتضررة جزئياً وكلياً.
وفي البحث عن الأسباب والمسبّبات لتراجع منسوب ومؤشر العمل نجد أن هناك خللاً، إما في الخطط والدراسات الفنية أو في آليات التنفيذ والتطبيق، وهو الأرجح في ضوء غياب المتابعة وتواضع إمكانات الدوائر الخدمية والشركات الإنشائية الممسكة بمفاتيح مشاريع إعادة الإعمار والبناء، والتي ما زالت تتبع سياسات الحلول الإسعافية والترقيع وعلى مبدأ (الرمد أفضل من العمى)، وهو ما يزيد المشكلة تعقيداً وفق تقديرات وحسابات مختلف الخبرات والمالكين والمستأجرين ممن يتابعون أدق التفاصيل وعن كثب، وبالتالي تؤخر وتعطّل الجهود الرامية لتفعيل الوسط التجاري للمدينة والذي بات حاجة ماسة وضرورية كمدخل لإعادة تفعيل كافة جوانب الحياة وعلى وجه التحديد تنشيط القطاعين التجاري والسياحي.
ولعلّ أية مقاربة في هذا الملف لن تكون مجديةً فيما لو استمر الخلاف حول القضايا القانونية والتشريعية والتي تشكل هاجساً حقيقياً وحجر عثرة أمام العديد من التفاصيل، وخاصة ما يتعلق بهلاك المأجور وفسخ العلاقة الإيجارية وما يترتب على ذلك من أضرار إضافية على كافة أطراف المعادلة، وغيرها من الأمور المتعلقة بزيادة جرعات الدعم الخدمي وتبسيط وتسهيل الإجراءات.
مما تقدّم يتضح جلياً أن المشكلة ما زالت قائمة ومتشعبة الزوايا والنوايا، وهو ما يستدعي استحضار أفكار ورؤى جديدة لحلّ هذه المعضلة بما يتناسب ومتطلبات المرحلة الراهنة والمستقبلية واتباع سياسات مرنة وواقعية ومنطقية تسهم في حلحلة المشكلات العالقة في كل ما يخصّ المدينة القديمة ومحيطها وتفرعاتها، وبما يخدم المصلحة العامة ويعيد لحلب مكانتها وحضورها المميّز والفاعل في خريطة العمل الاقتصادي والإنتاجي والإنمائي، وهو ما نعتبره تحدياً حقيقياً ومسؤولية أخلاقية ووطنية تقع على عاتق الجميع دون استثناء.
معن الغادري