طهــــران تحـــذّر واشـــنطن: قواعدكــم فــي مرمــى نيراننــا
في رد على تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضد إيران، حذّر رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، اللواء محمد باقري، الأميركيين من اللعب بالنار، لأن مواقعهم وقواعدهم في المنطقة في مرمى النيران الإيرانية، وأشار إلى مواقف الإدارة الأميركية الداعية إلى الحرب على إيران، مشدداً على “أن القوات المسلحة الإيرانية ستواجه أي تهديد وعلى أي مستوى كان ضد الشعب الإيراني برد مدمّر وباعث على الندم”.
وأضاف باقري: “إن ترامب وبتصوّراته الصبيانية الباطلة وحساباته الخاطئة يظن بأنه قادر على الضغط على الشعب الإيراني وتهديده بالحرب دون أن يتحمّل الثمن، في حين أنه لو قام بتنفيذ هذه التهديدات فإنه يجعل عملياً مصالحه ومصالح عملائه في أي نقطة من العالم أمام قدرات إيران”، وأوضح “أن أوهام ترامب بإيجاد شرخ وخلق فوضى في صفوف الشعب الإيراني الموحّد والمتلاحم عبر فرض الضغوط الاقتصادية ستبوء بالفشل، لأن هذا الشعب أثبت دوماً على مدى العقود الأربعة الماضية في مختلف المنعطفات والضغوط الأكبر بكثير من المرحلة الراهنة بأنه يحول بجهوده الضغوط إلى فرص لتحقيق المزيد من النمو”.
وأشار باقري إلى جهوزية القوات المسلحة وقدراتها الدفاعية العالية، التي تفوق تصوّر الأعداء، لافتاً في الوقت ذاته إلى أن إيران كانت على الدوام رافعة لراية السلام والأمن والاستقرار في المنطقة، ومن خلال علاقاتها المناسبة والودية والأخوية مع الدول الجارة، وظفت قدراتها الدفاعية لدعم الاستقرار واستمرار السلام والتصدي لأي عدوان مهما كان نوعه.
من جانبه، أكد رئيس مجلس الشورى الإسلامي الإيراني علي لاريجاني أن الولايات المتحدة تتبع سياسة همجية الطابع، وتعاني من الفوضى على الصعيد الدبلوماسي والدولي، وأن تصريحات ترامب بشأن إيران عبثية ولا تستحق الرد.
وقال لاريجاني: “إن تصريحات ترامب لم تكن بمستوى الدبلوماسية إطلاقاً”، مشيراً إلى أن ترامب ووزير خارجيته مايك بومبيو معروفان بالفساد والخداع، والجميع يعرفهما على الصعيد الدولي، وتصريحاتهما تسيء إلى أنفسهما في الواقع، ولا ينبغي الاهتمام بها.
من جانبه، اعتبر مستشار الرئيس الإيراني، رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية، حسام الدين آشنا، أن ترامب يشكّل التهديد الأكبر على الولايات المتحدة، وقال، في تغريدة على تويتر: “إن ترامب مخطئ، فإيران لا تشكل تهديداً للشعب الأمريكي، فالتهديد الأكبر ضد أمريكا هو رئيسها”، مشيراً إلى أن ترامب لا يشكل خطراً على الشعب الأمريكي فقط، بل على المجتمع الدولي أيضاً، وقد أدركت الشعوب هذا الخطر.
وكان المتحدّث باسم وزارة الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي أكد أن العزلة التي باتت تعانيها الولايات المتحدة على المستوى الدولي هي سبب الغضب الذي تبديه الإدارة الأمريكية والتهديدات التي تطلقها تجاه الدول الأخرى، وأضاف: “إن واشنطن وفي ضوء الخطأ الاستراتيجي الذي ارتكبته بالخروج من الاتفاق النووي كانت تتوقع أن تتصرف إيران بانفعال وتحذو حذوها لتتخذ واشنطن من ذلك ذريعة لاتخاذ سلسلة إجراءات ضدها عبر الأمم المتحدة ومجلس الأمن، إلا أن حكمة ويقظة إيران أدت إلى إفشال المخطط الأمريكي”.
وحول تهديدات ترامب الأخيرة ضد إيران، قال قاسمي: “إن بعض السياسيين وبسبب عدم إدراكهم لعمق القضايا السياسية والدبلوماسية يستخدمون ألفاظاً لا يعرفون معناها، وهو ما ننظر إليه على أنه تبجح لا قيمة له، ونصيحتي له أن يخفف من غضبه، ويدرك أن الشعب الإيراني لا يرضخ للضغوط، وهو يرد على الخطوات التي تتخذ تجاهه بالمثل”، وأضاف: “إن ما تقوم به الولايات المتحدة الآن والحرب النفسية التي تحاول افتعالها ضد إيران ما هي سوى محاولات يائسة، فطهران اليوم مختلفة عن الماضي، وهي في ذروة اقتدارها من جميع النواحي العسكرية والعلمية والاقتصادية”.
وفيما إن كانت إيران مستعدة لمواجهة التهديدات الاقتصادية الأمريكية، أجاب قاسمي: “إن الحظر الاقتصادي سيترك آثاراً سلبية على بعض الجوانب الاقتصادية، إلا أنه وفي ضوء الطاقات والإمكانيات المتوافرة لدينا سنكون قادرين على تخطي هذه المرحلة”، لافتاً في الوقت نفسه إلى وجود إرادة سياسية جيدة نسبياً لدى أوروبا لإنجاح الاتفاق النووي وبقاء إيران فيه، وتابع: “لقد استلمنا حزمة المقترحات الأوروبية، وشعرنا بأنها لا تلبي مطالبنا، لذا طرحنا عليهم مطالبنا والمفاوضات مستمرة، ونحن الآن بانتظار مقترحات الاتحاد الأوروبي النهائية خلال الأيام القادمة”.
بالتوازي، يخشى سياسيون وإعلاميون أمريكيون من إقدام ترامب على مزيد من التصعيد، والذي قد يؤدي لأعمال عسكرية، لتحقيق دوافعه الخاصة بصرف الأنظار عن همومه الداخلية، ويقولون: إن “الحرب مع إيران خيار مدمّر لكافة الأطراف المنخرطة به”. كما تداعى عدد من أعضاء الكونغرس، ولا سيما عن الحزب الديمقراطي، للتحذير من حرب مع إيران، وفي الخلفية تورّط الولايات المتحدة في حرب ضد العراق التي ثبت أنها “شنت استناداً إلى حجج واهية”.
وفيما حذّر النائب الديمقراطي جيم هاينز صناع القرار من الاستهانة بإيران، التي أضحت أقوى بكثير من العراق في تلك المرحلة، وكذلك من ميل ترامب لشن حرب لحل مآزق سياسية، اعتبر عضو لجنتي القوات المسلحة والعلاقات الخارجية في الكونغرس الأميركي تيم كاين أن الخطاب العدائي للإدارة الأمريكية وجهودها لإذكاء الاحتجاجات الداخلية ضد إيران يعدان أمراً خطيراً.