الفن، المعرفة ورأس المال..!
لم تقل كل التفاحة..! ربما كان الجزء الذي تذوقته حواء من تفاحة آدم هو ولادة الفن، بحسب الشاعر أمين نخلة.
هذا الجزء من الثمرة، شكّلت “ميثولوجيا” يبني الفنانون عليها مقولات وعناوين احتفاء.. لا تخلو هذه المقاربة من شعرية تتغلغل في سرديات النص الفني. وقد توحي الحالة بأن ثمة قصداً متزناً يفسح المجال أمام الإلهام، لعرض سيرة ربط بين الفن والأخلاق.. فهو- أي الإلهام- لا يأتي على طبق معشّق بالفضة، بل يستند إلى تراكم معرفي، وهو رأس مال حقيقي في رحلة الكشف والتجلّي.. وخلق أسئلة الوجود الجوهرية للفن بالأساليب التأويلية..!
قد يتصور بعضهم ارتباط المصطلح بنظرية اقتصادية معروفة، بينما يأتي القصد لحياكة الأثواب الحسية وخياطة الضفاف بخبرة مفتوحة التوجه، ودعوة الأنا إلى حشر الكون في المساحة البيضاء كحالة اختبار، أو تدوين تأسيسي لمراحل سردية مألوفة وغير مألوفة.
إذن، تنبض الحالة التدريجية بتوزيع مترامي الأطراف الإبداعية، في نسيج يستقل عربة الشروط الجمالية، ويروي دهشة المحطات، ويفتح بوابة المدى بكل مضامينه ومساراته..!
لو أردنا اختبار التراكم في تتابع العمل الإبداعي والمنجز المعرفي، لتوقفنا على عتبة التأويل، وأمسكنا بمبضع التشريح.. من تفكيك وإعادة بناء، بشروح كافية دون إغفال المتون والحوامل.. واستدعاء الدهشة كعامل تعبيري يراد به توحيد النص الفني.. وخلق حالة تبهر المتلقي بصرياً ومعرفياً.
هذا الاستدعاء، لا يعني الاختصار، أو تثبيت الحكم المطلق على المنجز، ولكن القضية أوسع، وتفتح صيغة جديدة منتقاة من جملة الصيغ الجمالية التي تتأتى من تراكم نتاج متوالد بالتقادم، بكل دلالاته وكينونته وقوامه..!
هنا، تقودنا الرؤية إلى قراءة الطريقة المنهجية لهيكلة البناء الفني، لا الوقوف على عتبة المضمار، وتقدير مجاله وشكله وآلية التقابل.
“تتخذ المرآة لون الشيء المنعكس عليها، وتستوعب من الصور عدداً من الأشياء الموضوعة أمامها”.. إذن هو توصيف دقيق لعقل الفنان،كما يراه “دافنشي”.
هذه ترجمة منطقية عقلية لعظمة الخطوط والعناصر التي تتجاوز “الزمكان” وترسّخ الفيوض وتجذّرها.. وفيوض الإشارات والشواهد ما هي سوى معطيات لاحتواء الجهات.. فالانزياح والرمز، يشكّلان مدخلاً للعبور الذي رآه طاغور مفتوحَ الخيارات على أبواب أخرى.. وصولاً إلى صناعة باب جديد بالرغم من ظلمة الهوة وغياب “الهارموني” في كثير من الأحيان..!
بإمكاننا استقراء مفهوم العائد المعرفي، ووضع عناوين التحقق والاتجاهات والهواجس.. بالإشارة إلى أسئلة المحاكاة والتماهي مع المراحل الديناميكية المواكبة للخطاب الذي يجبل معاني الحياة الواعية لتحقيق الغايات.. والخوض في غمار التحديات.. فتخطّي الهدف مثل عدم بلوغه.. بحسب “الكونفوشيوسية” العظيمة.
رائد خليل