أم الألعاب ومسيرة التحدي بين الإخفاق والإنجاز
عانت ألعاب القوى في الفترة الأخيرة من تقلبات تراوحت بين الإنجازات النوعية، والإخفاقات الكبيرة لأبطال اللعبة، بالإضافة إلى هجرة كوادر أم الألعاب، ومحاولات اتحاد اللعبة استقطاب غيرهم، بالإضافة إلى تحضيرات حثيثة ومستمرة استعداداً لمشاركات خارجية تنتهي إلى عنق الفشل، وعدم المشاركة لأسباب مختلفة، وآخر هذه الإخفاقات كان الاعتذار عن المشاركة في بطولة غرب آسيا في الأردن، وإخفاق اللاعبة لوريس دنون في بطولة آسيا المؤهلة إلى اولمبياد الأرجنتين، وعدم صعود مجد غزال إلى منصة التتويج في المرحلة الرابعة من الدوري الماسي في لوزان، بالإضافة إلى أسباب أخرى للتقصير في مواضع مختلفة حاول اتحاد اللعبة تلافيها برؤية قد تبدو للوهلة الأولى ضبابية، ولكنها قد ترسم ملامح مرحلة نجاح قادم.
إخفاقات بالجملة
أبرز عناوين الإخفاق أو عدم التوفيق، كما يحلو للبعض تسميتها، والتي مرت بألعاب القوى السورية، هو عدم تتويج البطل مجد الدين غزال في مرحلتين من مراحل الدوري الماسي، وعدم قدرته على الوصول إلى رقمه الشخصي الذي حققه في بطولة آسيا، علماً أنه كان من الممكن أن يصل إلى ارتفاع 235 سم، وفشل اللاعبة لوريس دنون في إحراز أي مركز في سباق 800 متر جري في بطولة آسيا المؤهلة لاولمبياد الأرجنتين التي أقيمت بداية الشهر الجاري في تايلاند، بالإضافة إلى إخفاقها في بطولة آسيا الماضية، ليصل سوء الحظ إلى حرمان منتخبنا الوطني بألعاب القوى من المشاركة في بطولة غرب آسيا في الأردن رغم التحضيرات الممتازة التي وصلوا إليها، بالإضافة إلى طرد عدد من كوادر الاتحاد من اللاعبين واللاعبات والمسؤولين لأسباب بعيدة كل البعد عن الرياضة، وينتهي بالتجاذبات السلبية بين عدد من المدربين واللاعبين، ومجلس إدارة الاتحاد التي وصلت إلى الإعلام، وكانت الخلافات الشخصية عنواناً لها، حيث باتت أم الألعاب مادة دسمة على الصفحات الصفراء استغلها أصحاب الأقلام الرمادية أفضل استغلال، وهنا وجب البحث عن المبررات المنطقية لهذه الحالات السلبية إذا كان لها تبرير؟!.
ردود
رئيس اتحاد ألعاب القوى فياض بكور أشار إلى أن أية لعبة رياضية مهما كانت معرّضة للفشل كما هي معرّضة للنجاح، وهو أمر طبيعي، وإلا لما وجدت المنافسات أو المباريات الرياضية أساساً، ولكن ما يستحق الوقوف عنده هو الأسباب الكامنة خلف الفشل، وسبل تلافيها في حال وجدت، ومعرفة هل هي نتيجة ظروف قاهرة، أم بسبب تقصير وتراخ؟ وهنا وجب التوضيح حول اللاعب الذهبي مجد الدين غزال الذي لم يوفق في الجولة الرابعة من الدوري الماسي التي أقيمت في لوزان بسويسرا رغم أنه حلّ في المركز الرابع، لكن عدداً من العوامل أثرت على اللاعب وساهمت في عدم وصوله إلى إنجاز جديد يضاف إلى سجل إنجازاته في الوثب العالي، منها طبيعة البطولة، وأوقات التمرين، وعدم توافر الكادر التدريبي المناسب، والمشاركات الأخرى الموازية لبطولة الدوري الماسي، وهي أسباب تخلق حالة من الضغط على اللاعب، ورغم ذلك فإن مجد الدين غزال تمكن من إحراز ذهبية دورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط التي أقيمت مؤخراً في اسبانيا، وقدم إنجازاً متميزاً بكل ما تعنيه الكلمة، ومازال اتحاد اللعبة والمكتب التنفيذي على ثقة كاملة بأن لاعبنا الذهبي مجد الدين غزال قادر على التفوق في حال زالت هذه المعوقات، ويبقى اللاعب مجد الدين غزال رمزاً رياضياً سورياً بجدارة.
أما اللاعبة لوريس دنون فوضعها مختلف تماماً بسبب جملة من الظروف المحيطة بالمشاركة في البطولة، وعلى رأسها غياب الانسجام بينها وبين مدربها الجديد في الفترة التحضيرية قبل المشاركة في بطولة آسيا، وعدم الوصول إلى صيغة تفاهم بناء يساهم في تجهيز اللاعبة لهذا الاستحقاق الهام، ما حدا باتحاد اللعبة إلى التدخل، ونقل معسكر اللاعبة إلى محافظتها، والإشراف عليها بشكل مباشر وبشكل يومي، ولكن الوقت لم يسعفها في الوصول إلى الجاهزية الكاملة في البطولة المؤهلة لاولمبياد الأرجنتين، كما كان لمرور اللاعبة بفترة قلقة نتيجة عدد من الظروف الخاصة بها الدور الأساسي للوصول إلى ما وصلت إليه من تراجع، ولكن اتحاد اللعبة، وإيماناً منه بالموهبة التي تمتلكها، مازال يحتضنها ويشرف على تدريبها تمهيداً للمشاركات القادمة، كما يعمل اتحاد اللعبة على بناء وصقل الخامات المتميزة أمثال اللاعبين: حميد منصور بطل في لعبة القرص، عمران أبو نجوم خامة متميزة، وبطل في رمي الرمح، لمى البطل رمي رمح، اينار أحمد رمي قرص، ايناس عامود إطاحة مطرقة.
عراقيل قاهرة
وبيّن رئيس اتحاد ألعاب القوى بأن أهم أسباب عدم المشاركة في بطولة غرب آسيا في الأردن كان بسبب عدم منح التأشيرات للاعبين واللاعبات المشاركين في الوقت المناسب، حيث وصلت التأشيرات في وقت لم يعد فيه من الممكن للمنتخب الوصول إلى البطولة في الوقت المحدد، وذلك رغم التحضيرات لهذه المشاركة، فقد دخل المنتخب في معسكر مكثف في دمشق لفترة تجاوزت الشهر، وخضع اللاعبون واللاعبات لاختبارات عالية المستوى للوقوف على مدى جاهزيتهم للمشاركة في البطولة، وتم انتقاء المنتخب الذي كان من المفترض مشاركته بنتيجة هذه الاختبارات، ولكن المشاركة ألغيت بسبب ما تم ذكره، وهذا لا يعني الغياب عن باقي الاستحقاقات الخارجية، لأن المنتخب بات في حالة جاهزية عالية يمكنه من خلالها المشاركة في أي استحقاق، وتحقيق نتائج نوعية.
وعن حالات إبعاد عدد من كوادر اللعبة ولاعبيها، أكد بكور أن المصلحة العامة والأخلاق الرياضية فوق أي اعتبار مهما كان صاحب الإنجاز متقدماً، فهناك اعتبارات لا يمكن إهمالها، وخصوصاً الجانب الأخلاقي، والتعامل الاجتماعي، لأن الرياضة بالدرجة الأولى تعنى بتهذيب الأخلاق، ورفع مستوى الإدراك عند ممارسيها، لذلك فإن الحالات التي أساءت إلى نفسها أولاً، وإلى اللعبة ثانياً، تعامل معها الاتحاد بحزم، وأبعدها بهدوء، ليستمر في مسيرته التي عرفت عنه.
استراتيجية
وبيّن رئيس اتحاد ألعاب القوى أنه ونتيجة للظروف الصعبة التي تعرّض لها اتحاد ألعاب القوى، فقد وضع استراتيجية نوعية للنهوض بألعابه، واستقطاب الخامات المتميزة، وصقلها على يد أفضل الخبرات الوطنية في معسكرات نوعية تقام على مساحة الوطن، حيث يتابع منتخبنا الوطني تحضيراته للمشاركة في دورة الألعاب الآسيوية في جاكرتا، ومن المتوقع أن ينافس على مراكز متقدمة في أكثر من لعبة، رغم مشاركة أكثر من 10 أبطال على مستوى العالم في مختلف الألعاب، كما يحضر لإقامة بطولة الجمهورية الصيفية بألعاب القوى بمناسبة ذكرى القسم الدستوري للسيد الرئيس بشار الأسد في الفترة بين 24 إلى 27 من الشهر الجاري في اللاذقية لكل الفئات، وبكافة الألعاب، وذلك ضمن خطة الاتحاد لبناء كوادره، وتوسيع قواعده، والوقوف على مستوى لاعبيه للمشاركة في البطولات القادمة، مؤكداً أن اتحاد ألعاب القوى على أتم الجهوزية لاستقطاب أي لاعب متميز داخل أو خارج سورية ليمثّل منتخبنا الوطني في الاستحقاقات القادمة على اختلافها.
أرقام جديدة
وكشف بكور أن عدداً من لاعبي ألعاب القوى تمكنوا من كسر أرقام قياسية على المستوى المحلي بقيت لسنوات على وضعها، ومنهم اللاعب مصعب عيشة الذي تمكن من الوصول إلى رقم سوري جديد في رمي الكرة الحديدية في بطولة كازاخستان الدولية بعد أن حطم الرقم السوري القديم المسجل باسمه، والبالغ 17.00متراً، والذي سجله عام 2011، وحافظ عليه حتى هذه البطولة، وقد بلغ رقمه الجديد 17.7م، بينما تمكن لاعب منتخبنا الوطني بألعاب القوى محمد أمين سلامة الذي شارك في بطولة المتوسط من تحطيم الرقم السوري للوثب الطويل في بطولة ألمانيا الدولية قبل دورة المتوسط، والذي كان مسجلاً باسم البطل أسد نقور، وكان 7.54 أمتار، وسجله عام 2008، حيث وثب لمسافة 7.55 أمتار، وهي غيض من فيض المتابعة الحثيثة، والتدريب المستمر لأبطالنا.
من الآخر
إن جملة الأحداث التي مرت بأم الألعاب وضعتها في أكثر من مرة في مواقف حرجة، إلا أن التعاون البناء مع المكتب التنفيذي ساهم في إبقاء الاتحاد متميزاً في إنجازاته، سواء من حيث الدعم المقدم، أو الإشراف على بعض المواضيع للمساهمة في استمرارية التفوق، وبين إنجاز وإخفاق تستمر مسيرة اتحاد ألعاب القوى الذي وضع بصمات لن يمحوها الزمن على سجل رياضة ألعاب القوى العالمية، والتي لم تبدأ في أتلانتا عام 1996 على يد غادة شعاع، ولن تنتهي في تاراغونا عام 2018 بإحراز مجد الدين غزال ذهبية المتوسط، لأن سلسلة ألعاب القوى السورية تحاول الاستمرار بتحقيق الإنجازات، ورفع علم الوطن في كل المحافل، فهل ستكون المرحلة المقبلة عنواناً للانتصار، أم أن الوضع سيبقى على ما هو عليه؟!.
مرهف هرموش