“بريكس”: التخلي عن الحمائية الاقتصادية في التجارة العالمية
تبنّت قمة مجموعة “بريكس” في جوهانسبورغ إعلاناً مشتركاً، دعت فيه كافة الأطراف المعنيين إلى تنفيذ خطة الأعمال المشتركة الخاصة ببرنامج إيران النووي، ورحبت بالمنجزات الأخيرة فيما يخص نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية والحفاظ على السلام والاستقرار في منطقة شمال غربي آسيا، مؤكدة تمسّكها بالتسوية السياسية للقضية.
وأعربت دول “بريكس” عن قلقها إزاء الوضع في أفغانستان، وأكدت دعمها للعملية السياسية في البلاد، ودعت المجتمع الدولي لتقديم الدعم لحكومة وشعب أفغانستان في الجهود لتحقيق السلام.
ودعا الإعلان المشترك لقمة “بريكس” المجتمع الدولي إلى تشكيل تحالف دولي واسع حقيقي لمحاربة الإرهاب، مؤكداً على الدور المركزي للأمم المتحدة في هذا الشأن.
ودان الإعلان الإرهاب بشتى أشكاله، كما شدد على ضرورة إطلاق مفاوضات دولية متعددة الأطراف حول اتفاقية دولية لمحاربة الإرهاب الكيميائي والبيولوجي، وأكد كذلك على ضرورة مضاعفة الجهود لمحاربة الفساد وتبييض الأموال، ودعا إلى وضع قواعد مشتركة لأمن الإنترنت والمجال السيبراني، وأعرب عن قلقه إزاء خطر سباق تسلح محتمل في الفضاء.
وكانت أعمال القمة الـ10 لمجموعة “بريكس”، البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا)، انطلقت في مدينة جوهانسبرغ بجمهورية جنوب إفريقيا، ويرى خبراء في القمة نوعاً من الردّ على قمم الناتو والاتحاد الأوروبي ومجموعة “السبع الكبار”، حيث تشكّل منصة بديلة للمنصات الغربية التقليدية وتساهم في التوازن واستقرار العمليات السياسية والاقتصادية العالمية.
ويشارك في أعمال القمة، التي تستمر 3 أيام، بالإضافة إلى زعماء الدول الـ5 الأعضاء في المجموعة، رؤساء كل من ناميبيا والغابون وأنغولا والسنغال وأوغندا وتوغو ورواندا والأرجنتين وتركيا وجامايكا.
وشدّدت دول “بريكس” في على الدور المركزي لمنظمة التجارة العالمية ودعت الجميع إلى الالتزام بقواعدها، وأضاف الإعلان: “نعترف بأن منظومة التجارة المتعددة الأطراف تواجه تحديات غير مسبوقة، ونشدّد على أهمية اقتصاد عالمي مفتوح”.
ودعت “بريكس” إلى التخلي عن السياسات الأحادية الجانب والحمائية الاقتصادية في التجارة العالمية.
من جانبه، دعا الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى التمسك بمبادئ التعددية في التجارة الدولية، بالإضافة إلى قواعد الأمم المتحدة وأعراف القانون الدولي، وقال، خلال اجتماع موسّع لزعماء دول “بريكس”، “من خلال استخدام إمكانيات المنظمات الدولية، بوسعنا أن نجعل صوتنا مسموعاً وأن تقبل حلولنا، وبوسعنا أن نشكّل منظومة جديدة للعلاقات الدولية مبنية على الاحترام المتبادل والمساواة والتعاون المتبادل المنفعة”، وشدّد على أن دول “بريكس” يجب أن “تتمسك بمبادئ التعددية في التجارة ومبادئ الأمم المتحدة وأعراف القانون الدولي وأسس العلاقات بين الدول”.
وفي معرض الحديث عن التعاون الاقتصادي بين دول “بريكس”، أكد شي جين بينغ ضرورة “تحرير التجارة والاستثمارات والتخلي عن سياسة الحمائية الاقتصادية”.
بدوره، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في كلمته أمام القمة أن دول مجموعة بريكس تتصدى بشكل مشترك لأخطر التحديات التي تهدد السلام والاستقرار الدولي وتتعاون في مكافحة الإرهاب والتطرف.
وأشار بوتين إلى أن التعاون بين دول المجموعة مبني على مبادئ المساواة والانفتاح والعدالة واكتسب طابع الشراكة الاستراتيجية الحقيقية، موضحاً أن حجم التبادل التجاري بين روسيا وباقي دول بريكس ارتفع في عام 2017 بنسبة 30 بالمئة وتجاوز الـ102 مليار دولار، ومشيراً إلى أن من أولويات بلاده المسائل المتعلقة بإقامة اتصالات مباشرة بين رجال الأعمال في دول المجموعة.
وتطرّق بوتين إلى موضوع تطوير الاقتصاد الرقمي، معتبراً أنه من أولويات السياسات الاقتصادية الروسية، ومنوهاً في الوقت ذاته بمبادرات مجلس أعمال بريكس في مجال التجارة الإلكترونية والمشروعات الصغيرة والمتوسطة وتحفيز التجارة من خلال تقليص العوائق الإدارية.
من جهته، دعا رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوسا إلى إقامة شراكة فعالة لدول “بريكس” في ظروف الثورة الصناعية الجديدة، وشدّد على أنه “في المرحلة الحالية يجب تركيز الجهود على تحقيق أكبر نمو ممكن والازدهار المشترك في ظروف الثورة الصناعية الرابعة”، وأشار إلى أن من شأن القفزات النوعية في التطور التكنولوجي ارتقاء الدول إلى مستوى جديد من النمو والازدهار، ولكن في غياب التنسيق وعدم أخذ مهام التنمية بعين الاعتبار، قد تتعمق الفجوة بين مختلف الدول وتظهر خطوط انقسام جديدة في المجتمع.
جدير بالذكر أن موضوع التجارة الدولية، وضرورة الحفاظ على التعددية فيها، والالتزام بقواعد منظمة التجارة العالمية، كانت من بين المواضيع الرئيسية التي ناقشها زعماء دول “بريكس” خلال قمة جوهانسبرغ، وخاصة على خلفية الرسوم التجارية الأمريكية على الصادرات من مختلف الدول، ومن بينها الصين وروسيا.
وستناقش القمة على مدى ثلاثة أيام التعاون بين دول المجموعة من أجل نمو شامل وتنسيق المواقف حول القضايا التجارية، إضافة إلى مواجهة الحمائية التجارية والتصعيد التجاري الأخير بين الصين وأمريكا على خلفية فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسوماً على الواردات الصينية.