مافيات الأسواق..!
بعدما وصف وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك تجار أسواق الهال بالمافيات.. فإن السؤال: ماذا ستفعل الجهات المسؤولة لإنهاء ظاهرة مافيات أسواق الهال؟.
قد يردّ الكثيرون على السؤال: وهل فعلت الجهات المسؤولة على مختلف تدرجاتها شيئاً خلال العقود الماضية مع هذه المافيات التي تتحكّم بعرض السلع وأسعارها.. لتفعلها الآن أو مستقبلاً؟!.
ما تحدث عنه وزير التجارة ليس اكتشافاً جديداً، والمستجد فيه أنه يصدر عن مسؤول كبير يُفترض أنه يتحكم بعرض السلع والمواد في الأسواق.. لا مافيات الهال!!.
إن أرشيف الصحف المحلية حافل بزوايا وتقارير وتحقيقات منشورة على مدى عقود تطالب بوضع حدّ لتحكم أسواق الهال بالأسواق والعباد!.
الشيء الجديد فعلاً في حديث وزير التجارة الداخلية تأكيده وجزمه أنه خلال عام 2020 لن يعود هناك مافيات في سوق الهال.
وهذا يعني أننا سننتظر عامين تقريباً حتى نشهد نهاية حقيقيّة ونهائية لمافيات سوق الهال.. وخلال هذه المدة لا نعرف إن كانت المافيات ستنتظر نهايتها “الحتمية” مستغلة الفترة الممنوحة لها للاستمرار بتحكمها بالسلع والأسعار.. أم إنها ستضغط وتعمل على استمرار سيطرتها أكثر فأكثر متحدية من يخطّط لإنهائها جذرياً؟.
التجارب السابقة تؤكد إخفاق جميع المحاولات التي قامت بها جهات عدة لتحرير أسواق الهال من قبضة التّجار أو المافيات الحقيقية، إما لأن هذه المحاولات لم تكن جدية، أو أن المافيات كانت الأقوى!.
لاشك أن الكثير سيسأل: وهل سيبقى وزير التجارة الداخلية في منصبه حتى عام 2020 لينفّذ وعده بإنهاء ظاهرة مافيات سوق الهال؟.
برأينا سواء بقي الوزير الحالي في منصبه أم خلفه وزير جديد.. فإن التخلّص من مافيات سوق الهال يجب أن يكون الشغل الشاغل لجميع الجهات المسؤولة عن عمل هذه الأسواق. والمسألة ليست في تبعية الأسواق لمجالس المدن والمحافظات أو لوزارة التجارة الداخلية، وإنما في المافيات نفسها، التي يمكن أن تعمل وتستمر وتزداد قوة مادامت لا توجد آليات تتيح ظهورها ولا تتيح اجتثاثها ومنعها من الحياة من جديد!.
يمكن مثلاً.. كما قلنا مراراً وتكراراً أن تقيم الوزارة واتحاد الفلاحين ووزارة الزراعة أسواق هال منافسة لأسواق التجار، بل يمكن للجمعيات الفلاحية ومديريات حماية المستهلك إقامة أسواق هال صغيرة في مناطق الإنتاج وتشتري السلع مباشرة من الفلاح على غرار مراكز تسويق الحبوب.
أكثر من ذلك يمكن للسورية للتجارة التي تملك أسطولاً للنقل وصالات بيع أن تقيم أسواق هال للمنتجات في عزّ مواسمها على الأقل، كالحمضيات والبطاطا والبندورة.. وتعيد بيعها لتجار التجزئة إضافة إلى مؤسسات التدخل الإيجابي.
بالمختصر المفيد: القضاء على مافيات الأسواق يكون بمبادرة وزارتي الزراعة والتجارة الداخلية ومعهما اتحاد الفلاحين بإقامة أسواق هال منافسة، وهذا الأمر أجدى من التهديد والوعيد أو قطع الوعود والمواعيد الخلبية!.
علي عبود