إعلان بصري لإعادة بناء الثقة لزواره من رجال أعمال ومستثمرين مدير عام مؤسسة المعارض: استهداف (50) دولة و(2000) شركة تجارية للمشاركة بالدورة (60)
تصبو أنظار السوريين إلى يوم السادس من الشهر القادم حيث يتزامن أواخر الصيف مع الدورة الستين لمعرض دمشق الدولي، إذ إن هذا الحدث لا يقتصر على كونه اقتصادياً فحسب، بل يتعداه ليأخذ أبعاداً ثقافية وسياحية واجتماعية، إلى جانب أنه بات يشكل مخزوناً تراثياً منذ انعقاد الدورة الأولى له عام 1954، لتكون بداية لتاريخ مرحلة وثقت بثناياها تطور الاقتصاد الوطني، وعكست في الوقت نفسه الحالة الحضارية لمجتمع طالما كان تواقاً لأصالة تراثه ومواءمته مع المتغيرات الدولية ومخرجاتها التنموية، لينتزع المعرض بالنهاية وبكل جدارة سمة أقدم وأعرق المعارض الدولية في الشرق الأوسط وذلك بشهادة العدو قبل الصديق.
رهان
لقد بدا الرهان على نجاح الدورة القادمة جليّاً منذ اليوم الأول لنجاح نظيرتها السابقة، وهذا الأمر وضع الجهات المعنية وتحديداً وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية ممثّلة بالمؤسسة العامة للمعارض والأسواق الدولية، وبالتعاون مع رواد قطاع الأعمال، على محك حشد كل الإمكانيات والجهود لإعطاء زخم أكبر لدورة هذا العام عملاً بمبدأ “إذا كان الهدف من الدورة الماضية التأكيد للعالم أجمع بعدم انهيار الاقتصاد الوطني -وبالفعل تجاوزت النتائج التوقعات على الأقل على المستوى الشعبي وتحديداً لجهة ارتفاع عدد الزائرين- فيفترض أن يكون هدف الدورة القادمة التركيز أكثر على الجانب الاقتصادي من خلال المشاركة الدولية الواسعة، وما يتمخّض عنها من عقود تجارية واستثمارية”.
حصيلة مبشرة
أثمرت جهود الوزارة والمؤسسة عن حصيلة مبشّرة تفيد بمشاركة 46 دولة حول العالم حتى تاريخه، أبرزها روسيا وبيلا روسيا والهند وإيران، وفقاً لتأكيدات مدير عام المؤسسة فارس الكرتلي، الذي أشار في تصريح خاص لـ”البعث” إلى أن خطة المؤسسة تستهدف أن يصل عدد الدول المشاركة إلى 50 دولة، و2000 شركة تجارية من بينها شركات ووكالات من دول أوروبية مثل إيطاليا وفرنسا وإسبانيا.
وعدّ الكرتلي أن ارتفاع عدد المشاركين في الدورة القادمة مقارنة بنظيرتها السابقة أحد أبرز مؤشرات النجاح المتوقع للمعرض بنسخته الستين، إضافة إلى زيادة المساحة التي بلغت 90 ألف متر مربع، بعد أن كانت 74 ألفاً الدورة السابقة، إلى جانب الاهتمام باللوجستيات الأخرى الداعمة للمعرض والمتعلقة بتحقيق انسيابية أكبر لحركة الزوار وتأمين وصولهم إلى المعرض، وإحداث 11 بوابة بدلاً من 3 بوابات كما كان في الدورة السابقة.
كسر الخوف
بعد أن كسرت الدورة التاسعة والخمسون حاجز الخوف الوهمي الذي كان مسيطراً على عقول الرأي العام العالمي من خلال استضافة عدد كبير من رجال الأعمال من مختلف الدول وتسجيل ما يقارب مليوني زائر محلي، بيّن رئيس اتحاد المصدّرين السوري محمد السواح أن التحدي الأكبر حالياً هو تصويب ما تمّ تسويقه خلال الفترة الماضية، وتغيير الرؤية والأفكار التي تمّت إشاعتها بأن سورية بلد منهار اقتصادياً، مبيناً أننا بحاجة اليوم إلى رسالة بصرية قوية يظهر فيها تماسك الاقتصاد الوطني وثبات صناعته وزراعته. وعدّ السواح أن الدورة الستين ستكون الإعلان البصري المؤثر لإعادة بناء الثقة لزوار المعرض ورجال الأعمال والمستثمرين الذين اعتادوا على زيارة المعرض، خاصة بعد تحسّن الأوضاع الأمنية واستقرارها ولاسيما في دمشق وريفها التي تعادل مساحتها ضعفي مساحة لبنان.
عنوان عريض
إن معاودة انتظام معرض دمشق الدولي يندرج ضمن سياق ما نعيشه من مرحلة تعدّ إرهاصات لأخرى جديدة عنوانها العريض “العمل والإنتاج”، وثمّة معطيات تؤكد أو بالأحرى تصبّ في هذا الاتجاه، منها ما تمّ تنظيمه من معارض متخصّصة ومتنوعة على أرض مدينة المعارض على مدار العام، إلى جانب عودة الإنتاج المحلي من النفط والغاز، والاستقرار الملحوظ لسعر الصرف وغيرها من الدلائل المبشّرة، وإذا ما أردنا بالفعل الاستمرار بالإنتاج علينا معرفة أصول وكيفية ترسيخه ضمن مكونات ثقافتنا اليومية المغرقة بالاستهلاك، وهذا الأمر يتطلّب استثمار كل بقعة من بقاع بلدنا زراعياً، فأي شبر قابل للزراعة حتى الحراجي علينا استغلاله.
عاكس
ويقودنا الحديث عن المعارض في هذا المقام واعتبارها عاكساً لتوسيع قاعدة الإنتاج، إلى مسألة توزيع محاور التنمية على امتداد الجغرافيا السورية، بحيث يتمّ التوسع عمرانياً سكنياً وصناعياً في الأراضي غير القابلة للإنتاج الزراعي، مع الأخذ بعين الاعتبار تخديم هذا التوسع بكل مقومات التنمية من مطاحن ومحطات وقود وخزانات مياه ومحطات تحويل للكهرباء.. الخ، بحيث تصبح كل منطقة أشبه ما تكون مكتفية ذاتياً وغير مرتبطة من ناحية الخدمات بما يجاورها من المناطق.
حسن النابلسي