قراءة في كتاب “قتل الديمقراطية”
دمشق- ريناس إبراهيم:
ضمن الفعاليات المرافقة لمعرض مكتبة الأسد الدولي، بنسخته الثلاثين، أقيمت ندوة تحت عنوان “حول كتاب قتل الديمقراطية”، شارك فيها الدكتور بسام أبو عبد الله والدكتور عاطف البطرس، وأدارها الأستاذ حسام الدين خضور.
وأكد خضور أن أهمية المعارض في الحياة الثقافية تأتي من كونها موسم حصاد معرفي وعصارة النتاجات الفكرية والأدبية والفنية، وقد دأبت وزارة الثقافة على رفع المخزون الفكري والمعرفي ولا سيما في ظل الحرب على سورية لمواجهة الإرهاب والفكر التكفيري الظلامي.
من جهته، تحدّث د. أبو عبد الله عن كتاب “قتل الديمقراطية”، مشيراً إلى أنه مقسّم حسب البلدان بحيث يمكن للقارئ قراءة كل جزء يخص بلداً معيناً على حدة، وأكد أن الدعاية الأمريكية تعتمد على شعارات رنانة مثل نشر الديمقراطية ومكافحة الإرهاب، مشيراً إلى الأدوات التي تستخدمها الولايات المتحدة في تخريب الدول وتقويض استقرارها، وخير دليل على ذلك حلف “الناتو” الذي زعم أنه تأسس لمواجهة حلف وارسو، لكنه لم ينتهِ مع انتهاء مهمته، بل إنه يتوسع ويشارك اليوم في شنّ الهجمات على البلدان الآمنة، وأيضاً تستخدم المنظمات غير الحكومية كأداة “إنسانية” بقصد تخريب النسيج الاجتماعي وتمرير سياساتها التدميرية، وأضاف: “إن الفصل الأخير من الكتاب فيه قراءة للواقع في سورية، وجاء تحت عنوان “صورة العراق بعد عشر سنوات” تناول فيه العقوبات الاقتصادية على سورية منذ سبعينيات القرن الماضي والحرب الاقتصادية الحالية عليها”، مؤكداً أن سورية أنموذج فريد في طبيعة الحرب التي شنت عليها أو ما سمي حروب “الجيل الرابع” التي تستخدم فيها مختلف الأدوات وأخطرها الإعلام، ووسائل التواصل الاجتماعي، والمنظمات التي تحمل طابعاً إنسانياً، وتنفذ استراتيجيات ومخططات غربية كمنظمة الخوذ البيضاء.
وشدد على أن الولايات المتحدة الأمريكية لا يهمها تحقيق الديمقراطية لا في سورية ولا في أي بلد آخر، ما يهمها فقط نظام سياسي طيّع لأوامرها ويحقق أهدافها، مبيناً أن التدخل الأمريكي لا يختلف سواء كان الرئيس جمهورياً أو ديمقراطياً، “أبيض أو أسود”، فلا يمكن لأحد الخروج على إرادة مؤسسة صنع القرار الأمريكية.
ووقف د. البطرس عند مفارقة عنوان الكتاب “قتل الديمقراطية”، حيث قال: “إن كلمة الديمقراطية كلمة جذابة ومحببة، بينما كلمة قتل مكروهة ولا يهواها إلا المجرمون، هناك تضاد دلالي بين المحبب والمكروه يولد انطباع المفارقة”، مؤكداً أن دلالات الديمقراطية الحقيقية تكاد تغيب، وأنها تتناسب طرداً مع منسوب الوعي المعرفي، وأكد أن أهمية الكتاب تنبع من أن 22 مؤلفاً من جنسيات ومرجعيات وأيديولوجيات مختلفة وأعمار متباينة ساهموا في إعداده، منهم 5 أمريكيين كانوا الأشد نقداً لسياسات الولايات المتحدة، مضيفاً: “إنه يمكن أن يتلقى هذا الكتاب قرّاء على مستوى من المعرفة يدركون دور الولايات المتحدة وأفعالها التخريبية، وليسوا بحاجة إلا للتذكير وجمع المعلومات، أو قرّاء لا يعرفون ذاك الدور فيكون الكتاب مادة موضوعية ومحايدة دسمة، أو قرّاء يعرفون الدور الأمريكي ويصمتون عن معرفتهم ويكذبون ويخادعون محاولين تبرئة الولايات المتحدة والترويج لسياساتها”.
كما أشار البطرس أن الكتاب يتيح إمكانية إجراء المقارنة بين تجارب الشعوب، حيث نرى تقارباً ملموساً بين السيناريو الذي رسم لتخريب يوغسلافيا وسورية، من حيث مخطط التقسيم وحجم التحريض والأدوات، والتخريب الذي لحق بالمؤسسات الحكومية على أيدي المضَللين، وشدّد أن ما جرى ويجري في سورية ليس مؤامرة، وإنما منهج ومخطط وسلوك معلن وواضح، لافتاً إلى أن تعريف الديمقراطية بحسب الولايات المتحدة هو تطويع ونمذجة العالم وفق الهوى الأمريكي، وأن أي محاولة لمواجهة ذلك تقابل بالتدمير والتفتيش عن نقاط الضعف والخلل واستغلالها، ولا سيما تغذية النزعات الانفصالية، وتعظيم الشعور القومي إلى حد الشوفينية القومية، واستثمار الدين والتقسيمات الطائفية في إثارة الخلافات والفوضى.
وفي ختام حديثه، ركّز البطرس على أهمية أن يقرأ جيل الشباب هذا النوع من الكتب المدعّمة بالأرقام والإحصائيات التي لا مجال للتشكيك فيها، ولا سيما بعد دخول البعض في حالة “غيبوبة وطنية” بفعل تراكم الأحداث، مؤكداً أن التنشئة والبناء السليم ليس مسؤولية جهة واحدة، وإنما هي مسؤولية وطنية تقع على عاتق الجميع.
وتركّزت مداخلات الحضور على أن العدوان على سورية لم يأتِ صدفة، وإنما كان هناك مراحل سابقة بدأت منذ أن يئس الغرب في محاولاته لإخضاع سورية وحرفها عن مسارها الوطني، وأن الولايات المتحدة فشلت في تنفيذ مخططاتها في سورية بفضل ترابط ثلاثية الشعب والقيادة والجيش، مشيدين بالصعود الروسي والصيني الذي يواجه الهيمنة الأمريكية ويهددها من نواحٍ سياسية وعسكرية واقتصادية، كما أجمعت على ضرورة غسل أدران الإرهابيين الذين لوثوا الأرض وحاولوا نشر أفكارهم الظلامية، لكنهم فشلوا بفضل وعي المجتمع السوري.