كيسنجر: في الأوقات العصيبة.. روسيا أنقذت التوازن العالمي
هنري كيسنجر، وزير الخارجية الأمريكي السابق، قطب من أقطاب السياسة الخارجية الأمريكية، خرج بتصريحات حديثة حول ماضي روسيا وحاضرها..
يقول: (بنيت روسيا من قبل نخبة كانت تنقل عبيدها إلى حقول بعيدة ومن قبل قياصرة صرحوا ذات يوم: “هذه الأرض ستكون مدينة اوديسا أو مدينة سان بطرسبورغ”. عاشوا لقرون تحت هيمنة المغول. اجتاح تشارلز السابع روسيا في بداية القرن الثامن عشر ظناً منه أنه سيكون من السهولة فرض حاكم سويدي على موسكو، ولكن ما وجده كان فلاحون روس يحرقون محاصيلهم كي يحرموا الغزاة من الغذاء، مستعدون لتحمل الجوع مقابل ألا يستسلموا ويتركوا بلادهم تقع تحت سيطرة أحد. وكان الملك السويدي جال أوروبا برمتها، ولم يسبق أن شاهد ما شاهده في روسيا، وقد أُرغمت قواته على الذهاب إلى جنوب أوكرانيا، حيث آل بهم الأمر إلى الهزيمة”.
روسيا أنقذت العالم. روسيا في لحظات حاسمة أنقذت التوازن العالمي من القوى التي كانت تسعى لإنهاكها: المغول في القرن السادس عشر، السويد في القرن الثامن عشر، نابليون في القرن التاسع عشر، وهتلر في القرن العشرين.
في الحقبة المعاصرة، ستكون روسيا محوراً رئيسياً لهزيمة التطرف والإرهاب، أولا لأنها تمتلك 20 مليون مسلم على أراضيها، خاصة في القوقاز وعلى طول الشريط الحدودي الجنوبي لروسيا، وستكون روسيا أيضاً عاملاً هاماً في توازن آسيا).
لفت كيسنجر إلى أن روسيا – القوة الأرواسية الوحيدة التي تمتد في قارتين، لكنها ليست مرتاحة في كليهما، تعلمت الجيوبوليتيك في المدرسة القوقازية، حيث كانت تتناحر القبائل البدوية على أرض مفتوحة ذات حدود ثابتة محدودة.
وأضاف: “رأيت في ميخائيل غورباتشيف مهندس البريسترويكا الذي لم يكن يريد أي صراع. لقد كان بليغاً في قول هذه الأشياء (…) أعتقد أنه أراد حقاً تخفيف التوتر مع الولايات المتحدة (…) ولسوء الحظ، في الوقت الذي تمكنا من القيام بذلك، تطور النقاش في الولايات المتحدة، وأصبح كل جانب من جوانب ما يسمى الانفراج الدولي أمراً مثيراً للجدل (…). لقد نظرت دائماً إلى بريجينيف كأحد الأشخاص الذين أرادوا حقاً استكشاف انفراج التوترات، جزئياً، لأن مسألة الحفاظ على نظامه كان لا بد أن تكون واضحة له في ذلك الوقت”.
وعن بوتين، قال كيسنجر: إنه شخصية من دوستويفسكي. هو رجل يتمتع بشعور كبير من الارتباط والاتصال الداخلي بالتاريخ الروسي كما يراه. إنه آلة حاسبة باردة للمصلحة الوطنية الروسية كما يتصورها، وثمة براغماتية في آرائه، فلديه خصائص فريدة تماماً. بالنسبة له، فإن مسألة الهوية الروسية أمر حاسم، لأنه بعد انهيار الشيوعية فقدت روسيا ما يقرب من 300 عام من التاريخ. وسؤال “ما هي روسيا؟ حاضر بقوة في أذهانهم، وهذه مشكلة لم نواجهها أبداً.
هيفاء علي