ظريف: ترامب داعية حرب.. وواشنطن تواجه طريقاً مسدوداً
حاول وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف اختصار المشهد الحالي والموقف الإيراني حيال التطورات الأخيرة، وأكد “أن بلاده وصلت إلى نتيجة أن الأوروبيين لا يسعون إلى الحفاظ على الاتفاق النووي داخل الاتحاد الأوروبي فقط، إنما يقومون بمساعٍ جادة في هذا الاتجاه خارج الاتحاد أيضاً من خلال محاولة إقناع الدول المستوردة للنفط الإيراني بعدم الرضوخ للضغوط الأميركية، وإقناع الدول التي لا تستورد النفط من إيران أصلاً بشراء النفط الإيراني”، لكنه أشار إلى أن الإجراءات الأوروبية لم ترتق إلى المستوى الذي تطمح إليه إيران بعد، لكنها تسير في الاتجاه الصحيح.
ولفت ظريف إلى أن الحزمة الأوروبية المقترحة تشمل خطوطاً عريضة محددة، بما فيها تحديد المسار المصرفي للتبادل المالي في إيران، كما تشمل أيضاً خطوطاً عريضة، بما فيها استمرار إيران في بيع نفطها بالمستوى الحالي، وأوضح أن هناك قرارات أخرى تم اتخاذها للحفاظ على توفير أرضية عمل الشركات الصغيرة والمتوسطة في إيران، مضيفاً: إن أوروبا أجرت محادثات مع مختلف دول العالم لتشجيعها على زيادة حجم شرائها من النفط الإيراني، وأشار إلى أن أوروبا دعت دول العالم لأن تحذو حذو إيران بتفعيل حسابات المصرف المركزي الإيراني في المصارف الأوروبية.
وتطرّق ظريف إلى استلام إيران خمس طائرات تجارية من شركة “آي. تي. آر” الإيطالية، معتبراً ذلك مؤشراً إيجابياً على المساعي التي يقوم بها الاتحاد الأوروبي للحفاظ على الاتفاق النووي، مؤكداً أن العقوبات الأميركية التي شملت قطاع الطائرات تظهر طبيعة الإدارة الأميركية التي لا تحترم حقوق الإنسان وتعمل ضده.
وحول المفاوضات الإيرانية مع مجموعة “4+1” الرامية إلى البحث عن آليات عملية لاستمرار الاتفاق من خلال الحفاظ على المصالح الإيرانية، أعرب ظريف عن اعتقاده أن إيران ستحصل على الضمانات اللازمة لبقائها في الاتفاق النووي.
وحول دعوة الرئيس الأميركي دونالد ترامب المسؤولين الإيرانيين إلى التفاوض المباشر من دون شروط مسبقة، اعتبر ظريف أن السياسة الأميركية تعاني من تخبّط واضح ظهر بعد تصريح وزير الخارجية الأميركي عقب تصريح ترامب مباشرة، واضعاً عدّة شروط للتفاوض مع إيران، مُجدّداً القول: إن الثقة بهذه الإدارة مفقودة بعد انسحابها من الاتفاق النووي ومن اتفاقات الدولية أخرى، وأضاف: “المشكلة ليست في إجراء المفاوضات بل في مدى الثقة بنتيجتها لأنه لا يوجد أحد يرغب في الدخول في مفاوضات عديمة الجدوى ومتوترة تأخذ الكثير من الوقت”.
وتساءل إلى أي حد يمكن الوثوق بأن تلتزم أمريكا بنتائج المفاوضات التي قد يتم التوصل إليها، ولا سيما أن هناك اتفاقاً يعتبره العالم بأجمعه أنه جيد، ويتمتع بآليات تنفيذية هو الاتفاق النووي بين إيران والمجموعة الدولية، لكن أمريكا انسحبت منه.
وأكد ظريف أن السياسة الخارجية التي انتهجتها إيران خلال السنوات الأخيرة جعلت أمريكا تواجه طريقاً مسدوداً، لافتاً إلى أن هناك مشاورات تجري حول تفعيل قانون الحد من تنفيذ العقوبات وإصدار ترخيص لبنك الاستثمار الأوروبي.
أما في ما يتعلق بالتهديدات الإيرانية الأخيرة بإغلاق مضيق هرمز رداً على تهديد الرئيس الأميركي بتصفير صادرات النفط الإيرانية بحلول الرابع من تشرين الثاني المقبل، أشار ظريف إلى أن “إيران تسعى بشكل مستمر إلى الحفاظ على أمن المنطقة ووحدتها وإلى حُسن الجوار، ومن هذا المنطلق تسعى إلى ترميم العلاقة بينها وبين السعودية والبحرين والإمارات، وهي ترحّب دائماً بالحوار، لكن على الأميركيين تحمّل عواقب أي عمل يقومون به باتجاه تصفير صادرات النفط الإيرانية مع أن هذا الأمر غير ممكن عملياً”.
وحول التسريبات التي تحدّثت عن وساطة عُمانية بين إيران وأميركا، أشار ظريف إلى وجود رسائل بين البلدين تنقل عبر بعض الدول كسويسرا التي ترعى المصالح الأميركية في إيران وسلطنة عُمان، مؤكداً في الوقت ذاته عدم وجود حوار مباشر إيراني أميركي.
وفي تغريدة نشرها على موقع التواصل الاجتماعي تويتر رداً على تغريدة للرئيس الأمريكي حول “السلام العالمي”، وصف ظريف ترامب بأنه “داعية حرب”، وقال: “إنها ليست المرة الأولى التي يدعي فيها داعية حرب بأنه يشن الحرب من أجل السلام العالمي”، وأضاف: “العلاقات الدولية ليست مهرجان انتخاب ملكة جمال ببهرجتها البالية حول الأمل بالسلام العالمي”. وكان ترامب أشار في تغريدة له على تويتر إلى الحظر المفروض على إيران، وهدّد الشركات الدولية التي تربطها علاقات تجارية مع طهران بعقوبات عليها، مدعياً بأنه “سعى من أجل السلام العالمي وليس شيئاً آخر”.
يشار إلى أن ترامب وبعد إعلان خروج بلاده غير المشروع من الاتفاق النووي في الـ 8 من أيار الماضي أصدر حزمتين من إجراءات الحظر ضد إيران، كانتا توقفتا بعد الاتفاق، دخلت الأولى حيز التنفيذ يوم الثلاثاء، وستنفذ الثانية بعد 3 أشهر من الآن، وهي تستهدف إيران والمتعاملين معها.
من جانبه أكد وزير الدفاع وإسناد القوات المسلحة الإيرانية العميد أمير حاتمي أن الاقتراح الذي قدّمه ترامب للتفاوض مع إيران يأتي في إطار الحرب السياسية والاقتصادية والثقافية والنفسية الشاملة التي يشنها الأعداء، وقال: “شهدنا خلال السنوات الأخيرة وقوع بعض المشكلات والقضايا الجادة التي تسببت بزعزعة الأمن في المنطقة، فتنظيم داعش الإرهابي مدعوماً بشكل واسع من النظام الاستكباري تسبب بأضرار لا يمكن تلافيها من خلال هجماته في العراق وسورية”، مشدداً على أن “مخطط الهيمنة الغربي وتمويله ودعمه السياسي والتسليحي لهذا التنظيم الإرهابي فشل من خلال صمود محور المقاومة”، وأضاف: “نشهد حالياً مؤامرة أخرى تتمثّل في الحرب الاقتصادية والحظر الشامل من خلال اقتراح الرئيس الأمريكي للتفاوض مع إيران دون قيد أو شرط رغم انتهاك أمريكا للاتفاق النووي الدولي”، لافتاً إلى أنه “على الجميع أن يتعظوا من هذا السلوك غير المسؤول وأن يدركوا عمق الحقد والعداء الأمريكي للشعب الإيراني”.