هل ننقذ “أبطال” سورية.. أم نستورد المزيد من المتشددين؟!
ترجمة: سمر سامي السمارة
عن “انفورميشن كليرنك هاوس”
لعلكم تذكرون الضجة التي أثارتها تيريزا ماي للتخلص من الداعية الإسلامي “أبو قتادة”. لقد استغرق الأمر 11 عاماً من الجدل القانوني لإبعاد هذا المتشدد بآرائه المتطرفة خارج البلاد، وفي النهاية – على الأرجح – كان أبو قتادة سيبقى داخل البلاد لولا تدخلها الشخصي.
والسؤال الذي يطرح نفسه، إذاً: لماذا ترحّب الحكومة البريطانية جدياً بعدد غير معروف ممن كانوا مرتبطين ارتباطاً واضحاً ووثيقاً، ولسنوات عدة، بفصيل مسلح مرتبط بالقاعدة، أو لربما الأسوأ منها؟.
هل كانت إثارة كل تلك الفوضى حول “أبو قتادة” مجرد جبهة علاقات عامة؟ أم أن اليد اليمنى لا تعرف ما تفعله اليد اليسرى؟.
إليكم ما حدث: في الأيام القليلة الماضية، وضع وزير الخارجية الجديد، جيريمي هانت، اسمه على بيان غريب للغاية حول حدث غريب جداً. أعتقد أن أفضل ما يمكن قوله هنا هو أن “السيد هنت” قليل الخبرة، فقد جاء في البيان إن بريطانيا سوف “تحمي” مجموعة من “الخوذ البيضاء” الذين يفترض أنهم من عناصر الدفاع المدني من سورية، وهذا ما يطلقونه على أنفسهم.
بلغ عدد المتورطين الذين ألقي القبض عليهم بسبب الانهيار المفاجئ لقوات “الجهاديين المتطرفين” في المنطقة الجنوبية من سورية، بالقرب من مرتفعات الجولان المحتلة، أربعمئة شخص كان ربعهم من “الخوذ البيضاء”.
وعلى الرغم من أن المسلحين الذين أُلحقت الهزيمة بهم هم من “الجهاديين المتشددين” فقد سُمح لهم، بشكل غامض، بالعبور إلى “إسرائيل” حتى يتمكنوا من الفرار إلى الأردن.
وبقدر ما أستطيع أن أكتشف، فإن مجموعات أخرى مهزومة من المسلحين في سورية وشركائهم قد تم نقلهم على نحو آمن إلى المناطق الشمالية التي يسيطر عليها المسلحون.
في وقت لاحق، كشفت الحكومة الأردنية أنه ستتم إعادة توطين بعض هؤلاء في بريطانيا، وأعلن المتحدث باسم الحكومة الأردنية أن بريطانيا وألمانيا وكندا قدمت “تعهداً قانونياً ملزماً” بإعادة توطينهم “في غضون فترة زمنية محددة” بسبب وجود “خطر على حياتهم”.
ملزمة قانونياً!؟ ماذا كان هذا الخطر؟ ما الذي كانوا قلقين بشأنه؟ ولماذا عليهم المجيء إلى بريطانيا، بينما كان يفترض أن ترحّب بهم ممالك الخليج بوصفهم “أبطالاً” يضحون بنفسهم؟.
بحسب وزارة الخارجية وغيرها، فإن “الخوذ البيضاء” هم الرجال الأخيار، لذلك فقد أنفقوا حتى الآن 38.4 مليون جنيه استرليني من أموالك وأموالي عليهم.
الخارجية البريطانية في حالة فوضى عارمة، فقد ظلت لسنوات تدعم “المتشددين” ضد الحكومة السورية، وهي سياسة تتضمن دعم الأشخاص الذين لو وجدناهم في برمنغهام لقمنا باعتقالهم.
ربما لهذا السبب زعمت أن “الخوذ البيضاء” هم “متطوعون” (غالباً ما يتم دفع أجورهم)، وأنهم “أنقذوا أكثر من 115،000 شخص خلال الحرب على سورية”، وأنجزوا “عملاً شجاعاً اتسم بـ “التضحية” لإنقاذ السوريين من جميع أطراف النزاع.
عندما طلبت من وزارة الخارجية تقديم أدلة مستقلة يمكن التحقق منها بشأن هذه التأكيدات، لم يُقدّم إليّ أي دليل، وبعد ثلاثة أيام من البحث عدت خالي الوفاض.
وهذا ليس مستغرباً، لأن “الخوذ البيضاء” لا تعمل بشكل عام إلا في المناطق التي تسيطر عليها هيئات متشددة مثل “جبهة النصرة”، التي كانت، حتى وقت قريب، تابعة لتنظيم القاعدة، و”جيش الإسلام” المشهور بوضع المختطفين في أقفاص واستخدامهم كدروع بشرية.
حقيقة، لا يستطيع المراقبون الغربيون المستقلون، سواء أكانوا دبلوماسيين أم صحفيين، الذهاب إلى هذه المناطق، لأن من المرجح أن ينتهي بهم الأمر للموت، ولربما تُقطع رؤوسهم.
لذا، يمكنك الاختيار، فإما أن تصدّق “الخوذ البيضاء” والصورة المنمقة التي رُسمت لهم، أو أن تتساءل: لماذا هم بالتحديد بحاجة ماسة للحماية إذا كان هؤلاء “القديسون الإنسانيون” على استعداد للذهاب إلى بلد يكرهه العرب ويحتقرونه، بدلاً من الاعتماد على رحمة مواطنيهم.
حتى الولايات المتحدة، التي ساعدت المسلحين في سورية لسنوات، رفضت دخول زعيم “الخوذ البيضاء”، رائد صالح، عندما وصل إلى مطار دالاس في واشنطن، عام 2016، دون أن تذكر السبب.
تخبرني وزارة الخارجية أنها ستقوم بالتحقق من الأشخاص المختارين للمجيء إلى هنا. آمل أن يكونوا حذرين عندما يفعلون ذلك. أنا متأكد من أن وزراء الداخلية في المستقبل لن يكونوا ممتنين إذا تبيّن أن أياً من الوافدين الجدد لديه آراء “أبو قتادة” نفسها.
على أي حال، حان الوقت لتتأكد الحكومة البريطانية من ساعدت في سورية.