(أهمية المخطوطات وصيانتها) في مكتبة الأسد
مجموعة من الندوات الغنية رافقت معرض الكتاب الدولي الثلاثين الذي اختتم فعالياته مؤخراً مركزةَ على موضوعات متنوعة وقيمة، وقد حملت ندوة المخطوطات والحفاظ عليها وصيانتها التي أدارها مدير مكتبة الأسد إياد مرشد الكثير من المعلومات عن أهمية المخطوطات فهي ثروة وطنية وجزء من تراث المجتمع.
التعريف بالنسخ
بدأت أمينة الحسن مداخلتها بالتعريف بالنسخ الخزائنية والفريدة والنادرة والقيمة التاريخية للنسخ، حيث أن المخطوطات هي ذاكرة الأمة وتكشف ما كانت عليه من تقدم في مختلف حقول المعرفة وهي الوعاء الذي حفظ لنا الفكر العربي، والمخطوط هو كل ما كتب بخط اليد قبل نشأة الطباعة سواء كتب على ورق البردي أو ورق الغزال أو الجلود، وكان العلماء يبذلون جهودا كبيرة لاقتناء الكتب الهامة ويهتمون بالمخطوطات التي كتبها مؤلفها أو عليها خطه أو قرئت عليه كما أن بعض النسخ تستمد قيمتها من كونها كتبت بخط عالم مشهور أو تملكها أحد العلماء، وقدمت الحسن تعريفاً لأنواع النسخ فالخزائنية هي التي كتبت لملك أو سلطان وغالبا ما تكون مجودة الخط ولها زخارف مذهبة وصفحاتها مؤطرة بإطار متقن، أما النسخة الفريدة فهي التي لا يوجد منها إلا واحدة في العالم، والنسخة القيمة هي التي كتبت بخط مؤلفها، والنسخة النادرة هي التي لا يوجد منها إلا بضع نسخ أو تتميز بصور وزخارف تميزها عن غيرها، وأما الطومار فهي لفافة كبيرة الحجم ممهورة بأختام كثيرة.
وتناولت الحسن في مداخلتها شيئا من علم الإكتناه الذي يعنى بخوارج النص وهو كل ما ليس له بمتن النص، أي ما كتبه المؤلف من سماعات وتملكات ومطالعات وغير ذلك من مظاهر توثيق المخطوط، وبشأن التملكات فقد اعتاد العرب على تدوين أسمائهم على الكتب المخطوطة التي يمتلكونها وقد يوصى المالك بالمخطوطة لذريته أو لطلبة العلم.
حفظ وترميم
وركزت نعمت سري في مداخلتها صيانة المخطوطات وحفظها وترميمها على أن المخطوطات إرث أجدادنا والاهتمام بها حفاظ على الهوية من الضياع وهي الثروة التي صنعت الحضارة الإنسانية وأمانة وضعها الأجداد في أعناقنا، وفي صونها حياة ووفاء لها، منوهة إلى أنه لابد لصناعة المخطوط من توافر مواد يكتب عليها، أدوات يكتب بها، وكاتب يتقن الكتابة، وعلم يحرص العلماء على تدوينه ونشره. وأشارت إلى أنه قبل صناعة الورق عند العرب تنوعت مواد الكتابة ولكن مع قدوم العمال الصينيين قامت صناعة الورق في سمرقند، ثم لم تلبث أن انتقلت إلى العالم العربي حيث لعب الورق دوراً مهماً في نشر الثقافة الإسلامية، وأصبحت العلوم والمعارف تدوّن من خلال النساخ، أي من كانوا يعملون في نسخ الكتب بالأجرة، وقد اختلفت درجات علمهم، لذلك اختلفت قيمة النسخ، وترى سري أن حفظ المخطوطات هو أهم عمل نقوم به وفاء للتراث وهو الخطوة الأولى لحمايته حيث تؤمن الظروف الجدية لإطالة عمره وبقائه سليماً لما له من فوائد كبيرة وتوفير للجهد والمال والوقت في عمليات الصيانة والترميم، مشيرة إلى أن الأوائل نبهوا في مرحلة متقدمة إلى مشكلة تضرر المخطوطات وتلفها وفكروا في إتباع طرق مختلفة لحفظها ولا يمكن إلغاء جهود علمائنا القدماء في هذا المجال، مبينة أن الحفظ يتطلب توفير مستودعات ذات مواصفات معينة بجدران سميكة ورفوف معدنية، أما الترميم فهو عملية تكنولوجية دقيقة ذات عرف خاص موحد عالمياً وهو عملية ذوقية جمالية تحتاج إلى حس عال واهتمام ومحبة وتعتمد على المهارة اليدوية، فمهمة الترميم هي المحافظة وإعادة تشكيلها أو بنيتها إلى الشكل الأقرب لحالتها الأولية مع المحافظة على قيمتها.
كما اعتبرت هبة المالح في مداخلتها حول فهرسة وتصنيف المخطوطات والصعوبات التي قد تتعرض لها أن العمل في فهرسة المخطوطات ليس عملاَ آليا صرفا يقوم به من يشاء، بل هو هواية وشغف وتعلق ويحتاج إلى دراية واسعة وتجربة إضافة إلى التعرف إلى المجهول واكتشاف المغمور والغوص في المراجع والمصادر المتلاحقة لتوثيق المعلومات والوصول إلى الحقيقة العلمية، والفهرسة هي مفتاح المفهرس الذي يلج إلى محتويات الخزائن وكنوزها الثمينة، ولعل العبء الأكبر الملقى على المفهرس أثقل بكثير منه على المحقق، لأنه إن أخطأ في وصف المخطوطة والتعريف بها فيكون قد أسدل الستار عليها إلى الأبد، مبينة أنه لا بد من توضيح بعض المشكلات التي تواجه المفهرس وأولها الاضطراب في ترتيب أوراق بعض المخطوطات، وقراءة الخطوط الرديئة المستعجلة علاوة على بعض الأخطاء الإملائية لبعض النساخ كما أنه قد يكون تاريخ نسخ المخطوطة مكتوباً بالكسر، مشيرة إلى أن خبرة المفهرس تجعله على دراية ومهارة في كل تعقيبة مبتورة أو إجازة مخرومة أو تاريخ مزور.
لوردا فوزي