“أدب النخوة” يوثق بطولات أبناء جبل العرب في ملحمة الأربعاء
تفاعل أدباء وشعراء جبل العرب مع يوم الأربعاء حيث تعرضت المحافظة لهجوم هو الأقسى في تاريخ المحافظة،ويجدون أن هذا اليوم كان ملحمة حقيقية سطر أبناء المحافظة فيها بطولات تاريخية استطاعوا التصدي لاعتداء ما يسمى داعش ببسالة وشجاعة وقوة حيث هب أبناء المحافظة من كافة مدنها وقراها لصد المعتدين على الريف الشرقي ورافق هذه الحالة بروز ما يسمى أدب النخوة.
تمسك بالقيم النضالية
يقول مدير الثقافة في السويداء منصور حرب هنيدي انه لطالما كان الأدب مرآة تعكس آلام وأمال الناس وهواجسهم شأنه في ذلك شأن الأجناس الإبداعية الأخرى ولاسيما في الأحداث الكبرى التي تتعلق بمصيرهم وكرامتهم وانتمائهم وهذا ما لاحظناه خلال الأحداث الأخيرة التي شهدتها المحافظة حيث انبرى الكثير من الشعراء والأدباء للتعبير عن اعتزازهم بانتمائهم لهذه الأرض وبذلهم الغالي والنفيس من أجل صون ترابها.
وبين هنيدي أن ظاهرة أدب النخوة تؤكد تمسكنا بالقيم النضالية الأصيلة التي ورثناها عن الأجداد حيث يلعب هذا الأدب دورا كبيرا في تحفيز الناس وتثبيت تلك القيم في نفوسهم وتوريثها للأجيال القادمة.
توثيق الأحداث
ويذكر رئيس جمعية العاديات في السويداء محمد طربيه كيف لعب الشعر الشعبي دورا بارزا في أحداث الثورة العربية الكبرى ولاسيما دخول دمشق وتحريرها من الأتراك ورفع العلم العربي على دار الحكومة حيث ما زلنا نتغنى بتلك الأشعار ومنها قول الشاعر الراحل معذى المغوش:
زينوا المرجة.. المرجة لنا.. زينو المرجة لتلعب خيلنا
ويضيف طربيه أنه اليوم والبلد تتعرض لهجوم داعشي تكفيري قام الشعر بدوره وتعالت صيحات النخوة لرد كيد المعتدين إلى نحورهم وحماية الوطن من أن يدنس ترابه الطهور كقول الشاعر باسم عمرو:
داعش لفى وانقضت عيال معروف حمر البيارق طالبين السدادي
صقور بمخالبها ترى العز وحتوف ما يليق بك يا جبل ثوب الحدادي.
شعور النخوة
ويقول الشاعر رفيق فواز السبع عن أدب النخوة أنه أدب قديم حديث وهذه الحالة الاجتماعية والفكرية تكون وليدة الساعة التي يقع فيها الحدث تقف عندها كل المشاعر إلا شعور النخوة والحمية إن كانت فردية أو جماعية هذه النخوة تبرز بشكل جلي وواضح في المعارك المصيرية بما يخص الأرض والعرض ويهون دونهما الموت بطواعية بل يتسابقون على الموت لتحقيق هذا الهدف ومثل هذه الحالات في تاريخنا الكثير منها.
الحُديدا من السويدا يالعضيدا نار هبت وأشعلت فينا الحنايا
صبوا علينا الغدر زادوا من وقيدا ولايهاب ربعها صب المنايا
مهند الشهيد
وتقول الشاعرة ليندا عبد الباقي في رثاء الشهيد مهند أبو عمار الذي اختطفته مجموعات داعش الإرهابية ومن ثم قامت بإعدامه
لا شيء هناك/سوى/بحة روحك/وصدى ألم/يفجر السماء/لا شيء هناك/سوى نجاستهم/وعطر شذاك.
وفي قصيدته الأيقونة يتوعد فرحان ضَيف الله الفريحات المعتدين الذي دنسوا ارض السويداء بأن النصر عليهم قادم لامحال فيقول:
يَــخُــونُـــكَ يــا مُــهَــنَّــــدُ رَبُّ عَـــرشٍ.. أَهَــــزَّ شُــــعُــورَهُ دَمُــــكَ الــمُــسَــــالُ
أَيَـــعــــرفُ خـــانـــعٌ نَـــــدَمَ الأَنـــاسـي.. وَألْـــهَـــاهُ عَــنِ الــنَّــــدَمِ انْـــشـِــغــــالُ
الشاعر عبدي الأطرش يخاطب شهداء يوم الأربعاء فيقول:
شهيدَ الخلدِ ! يا فخرَ الرِغابِ أراكَ اليومَ في فَلَكِ الشهابِ
بِكَ الإقدامُ في الجُلَّى تجَلَّى وردَّ الصاعَ بالسُمْرِ الغضابِ
فحدِّثْ عن “سويداءِ” التحدِّي وطعْنِ الرمحِ في نحْرِ الذئابِ
نبيعْ الروحَ في وطني المفدَّى ونعطي ” الشامَ” فاتحة الكتابِ
وهاهو نزار شجاع يحدثنا عن السويداء فيقول: هي قطعة من قلب سورية الكبيرة كانت ومازالت تنام هادئة وادعة ترد عنها الضيم ولا تعتدي على أحد، أبوابها دوما مشرعة للضيف للكرم للجود للبطولة وقصص التاريخ المجيد.
كتاب جامع
الشاعر سعيد عقيل صاحب مركز أبجد للتدقيق اللغوي وخدمة الكتاب بادر إلى جمع أدبيات يوم الأربعاء الملحمة كما أسماه في كتاب يوثق أدب هذا اليوم وما تبعه من أحداث وما لفت انتباه عقيل خلال جمعه للنصوص هو حالة الوعي الوطني حيث ربط الأدباء ما حصل بوجع الوطن وكذلك ربط الحاضر بالماضي وبرزت الحالة الإنسانية وكذلك أجمعت على النخوة التي امتاز بها أبناء جبل العرب وبرز مفهوم الفزعة وتم تصوير حكايا ارتقت لمستوى الأسطورة.
يقول عقيل الذي جمع أكثر من 50 نصا أدبيا حتى الآن أن أدب هذه المرحلة انقسم إلى قسمين الأول مجد الألم، والثاني تغنى بالنخوة والبطولة والشجاعة التي سطرها أبناء المحافظة وهذا قفز بالشعراء إلى الماضي حيث بدؤوا يستذكرون أمجاد الأجداد وهذا لعب دورا هاما في إثارة الحماس ودفع الشباب إلى المعركة، وقد رأينا أدبيات جديرة بالاهتمام على مواقع التواصل الاجتماعي فكانت فكرة تدوين أفضل ما قيل ليكون وثيقة تاريخية.
رفعت الديك