الكاتبة والروائية كلاديس مطر “حركة ثقافية غنية ستنشط “
وقعت الكاتبة كلاديس مطر روايتها “عرب أمريكا” الصادرة عن دار عقل، في معرض الكتاب الذي وصفته بانتصار سورية، ورواية عرب أمريكا التي يتنقل المشهد الروائي فيها بين سورية وأمريكا وتنسحب مجريات أحداثها إلى الدول التي تدعم الإرهاب، لاقت صدى إيجابياً في أمريكا والوطن العربي، كما أنهت مطر كتابة مسرحية “المسمار الأخير الذي لن يدق في نعش سورية” ستقدم قريباً على خشبة المسرح في اللاذقية برؤية المخرج لؤي شانا.
من المحاور الأساسية لهذه الرواية التي تميّزت بدمج تيارات فكرية متباينة وبخرق التابو وبالوصف المكاني الساحر، فأوضحت بأن روايتها مستمدة من حياة عرب أمريكا ومن تأثير الثورات الدموية على حياتهم، وعلى علاقاتهم مع بعضهم، والأهم ارتباطهم بالوطن، وفي الوقت ذاته بأمريكا المكان الذي يعيشون فيه إلا أن روحهم تهيم في فضاء الوطن، وتابعت الكاتبة مطر المقيمة بين سورية وأمريكا بأنها تعاصر شخصيات الرواية، لذلك الرواية أشبه برواية توثيقية، وليست من محض الخيال.
ومن معاناة العرب محور الرواية الأساسي إلى خرق التابو بالزواج من دين مختلف، فبيّنت بأن هذا القرار الذي اتخذته كان مقصوداً لتوضح أن الارتباط بين شخصيتين وطنيتين بأديان مختلفة لايشكّل نقطة اختلاف، وإنما هي دعوة مدنية في كل الدول التي عانت من الطائفية والخيانات العامة والفردية، فالبطلة علمانية من حيّ القيمرية والدها شاعر مسلم معتدل، لا يؤمن بأفكار تحمّل باسم الدين، فنشأت ابنته ضمن مناخ ديني سليم، وغدت أستاذة في جامعة دمشق تعيش حياة متوازنة كامرأة وكاتبة وربما تتقاطع معي في أمور كثيرة.
الانتقالات المكانية
الرواية محمّلة بالكثير من الدلالات والرموز التي تعزز الانتماء، فسألتها عن رسم ملامح المكان الدقيقة والتماوج بطيف المشهد الروائي بالانتقالات المكانية المفاجئة بين سورية وأمريكا، مما جعل القارئ يعيش ذاك الجمال السينمائي في السرد الروائي؟ فأجابت:
قبل كل رواية أقوم بعملية بحث عن الزمان والمكان، فبحثتُ في تاريخ حيّ القيمرية منذ الألف الرابع قبل الميلاد حتى الآن، كما تعمقتُ بكل التفاصيل المتعلقة بالحياة العامة فيه من حيث خصوصية العمران والأزياء، فأنا أمينة جداً بوصف المكان لدرجة أنني بحثت عن أنواع الطيور التي تطير في سماء القيمرية ضمن الفصول المرتبطة بزمن الرواية.
أما عن الانتقالات المكانية فكانت بين السارد- كلاديس مطر- وأميرة زين الدين بطلة الرواية بالتناوب بينهما، فكان هناك انتقال بين سورية وأمريكا، لتتابع عن التقنية الروائية الفنية التي اعتمدت عليها الكاتبة بتعدد الأصوات بين (السارد وبطلة الرواية)، وأضافت: أوضحتُ ذلك بالإشارة إلى كلام أميرة بين قوسين. لأتوقف معها عند خاصية تدخل الكاتبة بمصائر الشخوص، لتقول”بعد أن كتبتُ نصف الرواية شعرت بكسل أبطالي فأردتُ أن أتدخل بمصائرهم، وأكون مثل الأقدار التي تحرّكهم نحو مواضع بعيدة أو مختلفة عنهم، لتصل إلى أنها كانت إحدى شخصيات الرواية.
خلال الرواية قرأنا عن نماذج مختلفة من الشخوص فهناك العلماني والماركسي والمناضل الذي تحوّل إلى رأسمالي، إضافة إلى وجود المثلي، والمتطرف دينياً والناصري، إلا أن البطل الأساسي كان عمر الذي نشأ في أمريكا وانجرف في تيار الإرهاب لماذا بقي مصيره مجهولاً في نهاية الرواية؟ فتقول: عمر عاد إلى رشده عاد من عتمة هذا الطريق بعد أن رأى الأهوال ولم يكن يعلم أن الطريق الذي سلكه يحمل هذه السلوكيات الخاطئة بقتل الأبرياء وتدمير المدن وقتل الأطفال، فأصيب بالذهول من تنظيم الدولة الإسلامية المخالف لتعاليم الدين الإسلامي منذ أن بدأ بالتدريب على الجهاد في معسكرات تركيا، إلى أن وصل إلى تنفيذ مهماته في الرقة، فقرر العودة إلى أمريكا والابتعاد عن التنظيم ليُلقى القبض عليه في مطار أمريكا، وآسرتُ أن أترك النهاية مفتوحة لأثير تفكير القارئ وأشركه معي بمصيره المجهول.
العودة إلى حضن الوطن
وتقترب الكاتبة أكثر من نهايات الحرب الإرهابية في سورية بعودة إحدى شخصيات الرواية التي انشقت إلى حضن الوطن بعد أن اكتشفت زيف وخداع الطريق الذي سلكته حينما قتل الأشخاص الذين وثقت بهم ابنها، لتمثل حال كثيرين عادوا إلى حضن الوطن بقناعتهم الخاصة أو من خلال المصالحات الوطنية.
وحول المشهد الروائي العربي، وترى الكاتبة أنه ربما لا يوجد تدفق روائي كبير فالحياة الأدبية لابد أن تتأثر بالحروب والأزمات، لتخلص إلى “أتوقع أن حركة ثقافية غنية جداً ستنشط في كل ألوان الثقافة وليس بالنتاج الروائي فقط”.
وعن حضور الرواية السورية والعربية في أمريكا تقول بأنه محدود لعدم وجود دور نشر عربية، وشراء الرواية يكون من خلال المواقع الالكترونية مثل موقع”نيل وفرات”، أو الشراء من مكتبات ضخمة جداً مثل مكتبة جرير في لوس أنجلس التي تضم أجنحة لجميع دور النشر العربية.
وبعيداً عن الرواية تمضي الكاتبة كلاديس مطر بمشروعها الإنساني بالتعاون مع دار عقل بورش العمل وبنشر كتاب الطريق إلى السعادة مجاناً، الذي يُبنى على أخلاقيات حياتية ضمن فصول متعددة، ونعمل على توزيعه بالمدارس والجمعيات والتجمعات الثقافية حتى في السجون لنشر شيفرة أخلاقية لدعم السلام داخل الذات ومع الآخر.
ملده شويكاني