فلندرأ الهشاشة..!
ربما لا يجهد المتابع لحيثيات وتفاصيل التحضيرات الجارية لمعرض دمشق الدولي بدورته الستين المزمع إطلاقها الشهر القادم، ملاحظة تبلور مقومات عدة يعوّل عليها باتجاه إضفاء مزيد من التميز لهذا الحدث الاقتصادي السنوي الأهم، على الأقل مقارنة بالدورة السابقة.
ويتصدر هذه المقومات حجم المشاركة الدولية، وازدياد المساحة، حيث تناهز الأولى الـ50 دولة، والثانية الـ100 ألف م2، إضافة إلى مشاركة نحو 2000 شركة، ناهيكم عن الخدمات اللوجستية ولاسيما تلك المتعلقة بانسياب حركة الزوار من خلال تأمين وسائط نقل متعددة جديدها هذا العام قطار المعرض.
فبذلك تكون وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية ممثلة بالمؤسسة العامة للمعارض والأسواق الدولية قد أنجزت التحضيرات اللازمة والكفيلة بإعداد البيئة المناسبة لأن يكون معرض دمشق الدولي منصة تلاقٍ تجمع الفعاليات الاقتصادية العامة والخاصة مع نظيراتها العربية والأجنبية، رامية بذلك كرة التفاوض لإبرام أكبر عدد من العقود الاستثمارية والتجارية، في مرمى هذه الفعاليات.
وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أهمية التركيز على مسألة الندية في أي لقاء تفاوضي، وعدم تقديم أية تنازلات إلا بما يوازي ما يقدمه الطرف الآخر من جهة، وتسويق ما نمتلكه من مقومات استثمارية على أكمل وجه من جهة ثانية، خاصة أن ثمة نقطة مهمة في هذا الخصوص تفرض نفسها على طاولة التفاوض، تتمثل بأن عملية التفاوض تتم على أرضنا وملعبنا، فمن يأتي إلينا، لا يأتي من باب العبثية ومضيعة الوقت خاصة شريحة رجالات الاقتصاد الموسومين بإتقانهم لحسابات الربح والخسارة، بل هم قادمون لأهداف استثمارية وتجارية محددة وتحمل من الدسم ما تحمل وفق هذه الحسابات المومأ إليها، وبالتالي فإن فن التفاوض –إن كان هناك من يتقنه- يقتضي بالضرورة أخذ هذا الأمر بعين الاعتبار، فسورية أيها السادة خزان استثماري عالي الخصوبة وربما لا ينضب، وهذه أمانة سيادية يجب أن تصان لنا ولأجيالنا.
ويبقى التميز الأهم للدورة ستين مرهوناً بما سنحصده من مكاسب اقتصادية على الصعد كافة، وتحديداً الإنتاجية الصناعية والزراعية، كونهما أساس النهوض الاقتصادي، مع الابتعاد قدر المستطاع عن المشاريع الريعية القائمة على الاستهلاك على حساب الإنتاج، كالمشاريع السياحية والعقارية والخدمات التجارية البحتة من مولات وغيرها، كي ندرأ الهشاشة عن اقتصادنا الوطني كما هي حال دبي “عملاق اقتصادي من كرتون”، سرعان ما يتحطم مع أية هزة مهما كانت بسيطة..!
حسن النابلسي