أخبارصحيفة البعث

النظام السعودي.. المجازر وسيلة العاجز للخروج

 

ردّاً على المبادرة التي أطلقتها الحكومة اليمنية بشأن وقف الهجمات البحرية على سفن العدوان السعودي الأمريكي حتى منتصف الشهر الجاري، ومحاولة من آل سعود لإجبار الجيش واللجان الشعبية على التراجع عن هذا القرار، والعودة إلى مهاجمة البوارج الحربية المارة مقابل ميناء الحديدة لتصوير الأمر على أنه تهديد للملاحة البحرية في البحر الأحمر، وبالتالي تهديد لحرية التجارة العالمية، أقدمت قوات العدوان على ارتكاب سلسلة من المجازر في محافظات الحديدة وصنعاء وصعدة، أسفرت عن استشهاد مئات المدنيين، أغلبهم من الأطفال في استهداف مباشر للمدارس ودور العبادة والمستشفيات والحافلات المدنية، ما يعني أن التركيز بات منصبّاً على ارتكاب المجازر بحق المدنيين، وهذا ما يقودنا إلى طبيعة الفكر الذي يحكم هذه الحرب منذ البداية، وهو فكر صهيوني بحت يلجأ إلى التدمير والقتل عندما يشعر بالفشل في تحقيق الهدف العسكري، حيث لا تجد قوى العدوان بدّاً من ارتكاب المجازر في سعيها نحو النزول من الشجرة التي تسلّقتها بحثاً عمّن يتبرّع بإنزالها، لأنها اقتنعت أن الحرب على اليمن لا طائل منها، وأن المستنقع الذي وضعت نفسها فيه لا سبيل إلى الخروج منه، فبدلاً من تحقيق نصر يعوّض عن هزائمها في كل من سورية والعراق، أصبحت تبحث عن مسوّغ لإيقاف الحرب في اليمن تحت عناوين إنسانية، لذلك يتم التركيز على صناعة المعاناة للمدنيين، ما يعني أن الحرب منذ بدايتها كانت موجهة إلى الشعب اليمني ذاته، وليست كما تدّعي دول العدوان موجهة نحو شرعية تريد أن تعيدها، حيث إن الشعب الذي تتم إبادته هو ذاته الشعب الذي رفض “شرعية” عبد ربه هادي منصور الذي سلّط قوى العدوان على اليمن.
وهنا نلاحظ أن دول العدوان تحاول الإيحاء بأنها لا ترغب أبداً في إيقاف هذه الحرب، في الوقت الذي تبحث فيه عن مسوّغ لاستدراج تدخل أجنبي لإنقاذها من المستنقع الذي انزلقت إليه، فإن لم يكن ذلك فعليها أن ترفع منسوب القتل والتدمير والإبادة حتى يجد ما يسمّى المجتمع الدولي نفسه مضطرّاً للتدخل لإيقاف الحرب تحت عناوين إنسانية بعد أن أصبح محرجاً أمام حرب يتستّر عليها حصادها الأطفال والنساء، فترفع بذلك قوى العدوان عن نفسها وزر عدم تحقيق أي هدف من الأهداف التي أعلنت عنها عندما شنّت الحرب، وبالتالي تحتفظ بما تبقّى من ماء وجهها إن كان قد تبقّى لها وجه، ولكن الدول الكبرى التي دفعتها إلى هذا العدوان تأبى أن تقدّم لها طوق النجاة، وذلك أنها تتمسك بحلب بقرة العدوان حتى آخر قطرة حليب في ضرعها، فهذه الحرب أنعشت أسواق السلاح في دول كانت قد اقتنعت أنها ربّما ستفقد صدارتها لمبيعات السلاح في العالم، وهذا بالضبط ما يفسّر عدم تجاوبها مع السعودية بالتدخل مباشرة عندما قامت بإيقاف نقل النفط عبر مضيق باب المندب بحجة عدم توفر الأمان، ولعل التدخل الأمريكي الخجول عبر التعاون مع “داعش” والقاعدة في حضرموت جاء لرفع العتب عن ذلك، كما أنه يفسر أيضاً عدم قيام هذه القوى بمحاولة فرض إيقاف الحرب، لأنها لا تريد أن توقف الانتعاش الذي أصاب سوق السلاح فيها بفعل تضاعف إنفاق السعودية والإمارات على شراء الأسلحة.
لذلك كله نستطيع أن نتكهّن أن فشل السعودية والإمارات في إقناع داعميهما الغربيين بالتدخل لإنقاذهما، هو الذي دفعهما معاً إلى الهروب نحو الأمام من خلال مراكمة المجازر المرتكبة بحق الشعب اليمني الأعزل، في محاولة هذه المرة لاستدراج قرار أممي بإيقاف هذه الحرب، يظهر قوى العدوان بمظهر الملتزم بالقرارات الدولية، بينما هي في الحقيقة عاجزة عن الانتصار فيها، كما كانت عاجزة عن رفض تكليفها بشنّها وإثبات مشروعيتها.
طلال الزعبي