فيتو “التعويضات”
بعد بداية لم تكن طويلة من عمر الحرب رفعت الحكومة “فيتو مؤقتاً” بوجه متضرري الأحداث معلنة تجميد العمل بصرف التعويضات في بعض المناطق ولاسيما تلك التي مازالت ساخنة التصنيف حتى لو طرد الإرهاب منها.
قد يبدو التوجه مفاجئاً في ظاهره ولاسيما لتلك الشرائح التي لم تستفد من الدعم الحكومي لهم كبادرة تساهم في “تمشاية “الحال حتى تنفرج الأحوال وتبدأ عمليات الإعمار وإعادة الحياة إلى طبيعتها، ولكن بالدخول إلى تفاصيل ما جرى في هذا الملف يدرك المتابع أن مبررات استندت إليها اللجان المحلية دفعت لقطع المعونة هذه في ظل استفحال الفساد في آليات التنفيذ وقنوات صرف المبالغ والأهم الوقوف على حقيقة من المستحق من غيره؟! وهل الأضرار والخسائر المسجلة في الضبوط والمحاضر الشرطية المقدمة صادقة أم لا ؟؟
بصراحة لم تكن القضية بحاجة إلى دليل إثبات فالتلاعبات والتواطؤات بدأت منذ اليوم الأول عندما سارع الكثيرون إلى توظيف الأساليب الملتوية التي تضرب قيم الخسائر باثنين، هذا إن لم يكن بثلاثة أو أربعة لأن الدولة تساهم بنسبة وليس بكامل القيمة وبالتالي لا بأس من مغافلة القائمين عليها وتحقيق منفعة تستند إلى ثقافة أن”أموال الدولة حلال”، وهنا لم يكن الشرطي ولا الموظف ولا عضو اللجنة بريئاً، فالكل يريد أن يستفيد عبر شراء الذمم وتجاوز الضوابط والشروط ودفع أتاوات لتقديم الأدوار ورفع قيم التعويض.
يعترف عدد لا بأس به من المتورطين أن الدولة محقة في توقيف العملية حتى إشعار آخر ليس لأن الإمكانات شحيحة، ولكن لم تكن المسألة أكثر من متاجرة بالأزمة واستقواء على الأموال العامة لدرجة لم تعد مقبولة، ولهذا من الضروري إعادة النظر بملف التعويضات لحين التحقق على أرض الواقع وليس بمجرد تقديم أوراق يعرف الجميع كيف يتم طبخها.
بالمختصر المفيد ثمة حق بالتعويض لا يمكن نكرانة ولكن علينا الاعتراف بأن أعداداً كبيرة من المستحقين ظلموا وبقوا خارج التغطية مع واجب الإشارة لأمثال تلك السيدة التي تصر على رفض قبول أي تعويض من الدولة والسبب يتعلق بعدم تحميل الدولة أكثر من طاقتها رغم أن منزلها الذي تملك وكل ما فيه أصبح ركاماً، ومع ذلك تردد العوض على الله.. وتصر على العودة إلى بيتها ولو كان ركاماً.. وعندما ترغب الدولة بمساعدتها هي والمجتمع الأهلي.. فأهلاً وسهلاً.. وغير ذلك من روتين وطرق أبواب وتسول عند اللجان مرفوض..؟
علي بلال قاسم