سعاد حسني وسينما نجيب محفوظ
كانت سعاد حسني التي فجعت مصر وسائر العرب برحيلها ممثلة موهوبة، بل نادرة الموهبة، بل أسطع النجوم في عصرها، ومن أسطع النجوم في كل العصور، ولم يكن ذلك لجمالها الخاص، وإنما أيضاً لطموحها الفني الكبير، والذي كان يبدو في ولعها بقراءة الأدب والشعر، وتنمية وعيها السياسي، ومحاولة إدراك ما الذي يدور في بلادها والعالم.
مثلت سعاد حسني 80 فيلماً مصرياً في 32 سنة من 1958 إلى 1990، فكانت سندريلا السينما المصرية والعربية دون منازع، وعرفت بتمثيل الأدوار الخفيفة أكثر من غيرها، ولكن صلاح شاهين أدرك أنها ممثلة كبيرة قادرة على أداء الأدوار الصعبة، ومن ناحيتها أدركت سعاد حسني أبعاد شخصية (إحسان شحاتة)، واستجمعت إحساسها العميق بالفقراء، وقدراتها الفنية العالية على التغيير، ونجحت في أن تمثل دور (إحسان شحاته) كضحية لا نكرهها أبداً مهما كانت أفعالها.
وفي معالجة نجيب محفوظ لقصة إحسان عبد القدوس (بئر الحرمان) قدمت سعاد حسني فيلمها الثاني الذي مثلت فيه دورين مختلفين متناقضين داخل نفس الفيلم، بعد (نادية) إخراج أحمد بدرخان عن رواية يوسف السباعي في العام نفسه 1969، ومن المعروف أن تمثيل دورين كل منهما على النقيض من الآخر في الفيلم نفسه يحتاج براعة خاصة، ويعتبر في فن التمثل ذروة استعراض المهارة، وفي (شيء من العذاب) دور مركب أيضاً، وهو دور الفتاة التي تتصور أنها قتلت رجلاً، وتعيش فترة في رعب داخلي دائم، بينما كان عليها أن تظهر أمام الناس غير ما تبطن.
وفي هذه الأفلام عرفت سعاد حسني كيف تعيش القهر بمختلف أشكاله ودرجاته كما عبّر عنه كاتبنا الكبير نجيب محفوظ، ومن بين أفلام سعاد حسني الأدبية تسعة من سينما نجيب محفوظ:
– الطريق، إخراج حسام مصطفى 1964- القاهرة 30، إخراج صلاح أبو سيف 1966- بئر الحرمان إخراج كمال الشيخ 1969- شيء من العذاب إخراج صلاح أبو سيف 1969- الاختيار إخراج يوسف شاهين 1971- أميرة حبي أنا إخراج حسن الإمام 1974- الكرنك، إخراج علي بدرخان 1981- الجوع إخراج علي بدرخان 1986.
عانت سعاد حسني من الفقر في طفولتها، ولكنها على العكس من كل ممثلات ونجوم السينما، لم تنس أبداً معاناة الفقراء، بل عاشت وماتت لا تهتم للمال، واستبدلت بالثراء المادي الغنى الروحي.
د.رحيم هادي الشمخي