454 جملاً رصيد البوادي و 77 رأساً استرجعها الجيش من المجموعات الإرهابية طمأنات من بحوث الثروة الحيوانية على الإبل الشامية و”الوضحة، والصفرة، والملحة” في مكان آمن من الذبح
دمشق – فداء شاهين
تعرضت الجمال السورية “سفينة الصحراء” كغيرها من قطعان الثروة الحيوانية إلى الذبح والتهريب والقتل خلال سنوات الحرب، وحرصت وزارة الزراعة على تربية الإبل الشامية وغيرها للحفاظ على هذه الأنواع النادرة في مراكز البحوث الزراعية، حيث تنحصر تربية الإبل في مناطق العليانية والهلبة في تدمر وحول مدينة دوما قرب دمشق وفي بوادي السلمية ودير الزور والحسكة، كما تنتشر في منطقة الحماد من بادية السماوة من صحراء النفوذ في الجزيرة العربية جنوباً إلى سلسلة جبال تدمر في بادية الشام شمالاً.
رعاية وتسجيل
مدير إدارة بحوث الثروة الحيوانية الدكتور منصور محمد أحمد أوضح لـ”البعث” أن الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية اهتمت وحافظت على هذا الحيوان الزراعي المهم، وبالرغم من الأزمة فقد تم الاهتمام بِتوفير كافة ظروف الرعاية المناسبة للإبل، في وقت استمرت أعمال تسجيل المعلومات وتحليل البيانات في محطات بحوث الإبل الشامية في دير الحجر وقرحتا بريف دمشق ومرج كريم بالسلمية وحميمة بحلب، وتمثلت النتائج بالحد من المعاومة والحصول على ولادتين كل ثلاث سنوات نتيجة تحسين ظروف التغذية والرعاية في نظام التربية المكثف في محطة بحوث دير الحجر لبعض إناث الإبل، ونظراً لاعتبار المواصفات الشكلية والإنتاجية للحيوانات الزراعية من العوامل الأساسية التي يتم من خلالها تحديد العروق والسلالات الحيوانية المنتشرة في منطقة ما، حيث إن لكل عرق أو سلالة مواصفات شكلية وإنتاجية متقاربة، فإن استراتيجية إدارة بحوث الثروة الحيوانية تهدف بالإضافة للحفاظ على الإبل الشامية وإكثارها تحديد المواصفات الشكلية والإنتاجية لها، وبالتالي فإنه للتعرف إلى السلالات الموجودة قبل إجراء عملية التوصيف لعدد كبير من هذه الحيوانات يتم تشكيل ودراسة عينات عشوائية تمثل كافة أفراد هذه الحيوانات الموجودة محلياً وتحديد مؤشراتها التربوية والإنتاجية والتناسلية والشكلية بشكل موسع، على أن يتم استكمال تحديد المواصفات على أعداد إضافية لدى المربين في مناطق التربية المختلفة في القطر بهدف تحديد الصفات الشكلية بشكلٍ أساسي لقطيع الإبل تحت الظروف المحلية (نظام تربية شبة مكثف المتبع بمحطات بحوث الثروة الحيوانية) بغية تحديد اتجاهات تطوير هذا الحيوان مستقبلاً.
وبالرغم من ظروف الأزمة، فقد ازدادت أعداد الإبل في محطات البحوث كما بين د. أحمد، فبلغت (372 رأساً عام 2011م) وفي بداية 2018م بلغ عدد رؤوس الإبل بمحطات بحوث الثروة (454 رأساًَ) + ( 77 رأساً استرجعها الجيش العربي السوري من العصابات الإرهابية)، مع ملاحظة لخروج وحدات بحثية مهمة لتربية الإبل عن الخدمة، وهي الوحدة البحثية في محطة قصر الحلابات لبحوث الأغنام (تدمر) والوحدة البحثية في محطة وادي العزيب لبحوث الأغنام (حماة) حيث كان نظام التربية سرحياً (البادية السورية)، والوحدة البحثية في محطة الشولا لبحوث الأغنام (دير الزور).
وتابع د. أحمد أنه توجد في سورية عدة سلالات من الإبل أهمها: الإبل الشامية وتتميز برأسها الصغير ذي الجبهة المحدبة، وآذانها القصيرة المنتصبة، وعنقها الطويل، وحجمها المتوسط، وجسمها المكتنز، والوبر الغزير خاصة على السنام والأطراف، وذيلها الرفيع متوسط الطول، وألوانها الجميلة الفاتحة بشكل عام، فاللون الأبيض (الوضحة) هو الغالب، ثم الأصفر (الصفرة)، ثم الأسود (الملحة) وهي الإبل التي اختلطت بإبل الخوار العراقية والنجدية السعودية، وبالتالي لا يرتبط النوع السوري بلون محدد، علماً أنه من ألوانها تتم تسميتها.
وأشار مدير إدارة بحوث الثروة الحيوانية إلى أن ارتفاع الإبل الشامية يبلغ عند الكتف حوالي (195) سم في الذكور، و(182) سنتيمتراً في الإناث، ويراوح وزنها بين (660 -780) كيلو غراماً في الذكور، وبين (570-680) كيلو غراماً في الإناث، وتُربى الإبل الشامية في قطعان نقية أو مختلطة مع الأغنام والماعز، علماً أن الأنثى تبلغ بعمر سنتين وتصل إلى مرحلة النضج الجنسي بعمر ثلاث سنوات، وتلقّح الإناث لأول مرّة بعمر أربع سنوات، لتلد بِعمر خمس سنوات، كما تلقح بعمر ثلاث سنوات أحياناً، وتلد كل عامين، كما يبلغ طول موسم الإدرار حوالي (300) يوم لتعطي الناقة من (2550) إلى (5400) كيلو غرام من الحليب الذي يتضمن حليب الرضاعة البالغ من (1285) إلى (2700) كيلو غرام، وذلك حسب الموسم وتوفر المرعى، بينما يعطي رأس الإبل حوالي (1.25) كيلو غرام من الوبر (0.5- 2.0) كغ. يبلغ طول الخصلة (3.5) إلى (6.5) سنتيمترات ويصل إلى (12) سنتيمتراً على السنام والأكتاف ورقم نوعية هذا الوبر (54 – 90) شلة، وقطر الليفة (16 – 28) ميكروناً، ويستعمل وبر الإبل في حياكة بعض الملابس والأكياس والشمايل والحبال والمفارش والوسائد والعباءات وغيرها.
الشامية والخليجية
وبين د. أحمد أنه يمكن التمييز بين الجمال العربية وغيرها (الجمال ذات السنامين)؛ فالجمال العربية ذات السنام الواحد، منها ما يَعيش في البيئات الصحراوية القاحلة في إفريقيا، والشرق الأوسط، بينما يعيش الجمل ذو السنامين في السهوب الباردة في سيبيريا والصحارى الباردة في شرق ووسط آسيا. ويكون وبر الجمل ذي السنامين في الصيف قصيراً، وشبيهاً بوبر الجمل العربي، إلا أنه في شهور الشتاء يُصبح طويلاً، وكثيفاً للوقاية من البرد القارس، ولون وبر الجمل ذي السنامين ما بين البني والبيج، أما الجمل العَربي ( الشامي والسعودي والسوداني والمغربي..) فيمكن أن يكون وبره بنياً، أو أسود، أو أبيض، أو من تدرجات البنّي، والأسود، في حين تكون أقدام الجَمل ذي السّنامين أكثر صلابة من أقدام الجَمل العربي، فهي مُؤهّلة للمَشي على الصخور التي تكثر في بيئتها، بينما تكون أقدام الجمل العربي عرضةً للتمزق عند المشي على الصخور، أو الأشياء الحادة. وتلد أنثى الجمل العربي صغيراً واحداً كل مرة، ويمكن أن تبدأ بالتكاثر بعمر ثلاث سنوات للإناث، وستّ سنوات للذكور، أمّا إناث الجمل ذي السنامين فيمكنها أن تلد أحياناً صغيرين اثنين، وإن كان الأكثر شيوعاً أن تلد صَغيراً واحداً كل مرة، ويمكن للإناث أن تحمل ما بين عمر ثلاث إلى خمس سَنوات. متوسط عمر كلا النوعين من (40-50) عاماً في البرية، إلا أن عمر الجمل ذي السنامين يَنخفِض عند أسره.
ولفت مدير إدارة بحوث الثروة الحيوانية إلى أن الجمال العربية تُصنف إلى أربع مجموعات هي جمال اللّحم: وتتميز بحجمها الكبير، ونموها السريع، ومن أبرز سلالاتها، الفلاحي في مصر، والعربي في السّودان، ونجمال في تونس، والجندويل في موريتانيا، وجمال الحليب ومن أبرز سلالاتها، السرتاوية والفاخرية في ليبيا، والشلاغية والرّشايدة في السّودان، وأولاد سيدي الشّيخ في موريتانيا، والمغرب، والجزائر، أما الجمال ثنائية الغرض فتنتج سلالاتها كميات متوسطة من الحليب واللّحم، ومن أبرز سلالاتها: المجاهيم، ولوراك في السعودية، والشامية في البادية السورية، وجمال الهور والسيفدعر في الصومال، والمغاربية من المغرب حتى مصر، والعِرارات في السودان.
وكذلك جمال السباق وتتميز بقوائمها الطويلة، وجسمها النحيف، وتستخدم في السباق في بعض الدول الإفريقية، وبعض دول الخليج العربي، ومن أهم سلالاتها: جمال المهارى، والهجن العربية الأصيلة.
أما الصادرات من الإبل والتسويق لمنتجاتها في إدارة بحوث الثروة الحيوانية فقد بلغ عدد رؤوس الإبل (المجموعة الإحصائية السورية 2016م) 46148 رأساً من الإبل، ولا يُسمح عموماً بتصدير إناث الحيوانات الزراعية ومنها الإبل، للمحافظة عليها وإكثارها بهدف تنمية الثروة الحيوانية. أما بالنسبة لتسويق لحوم (ذبح اضطراري – تنسيق تربوي..) وحليب الإبل في محطات بحوث الثروة الحيوانية فيتم تسعير المنتجات سنوياً من قبل لجنة تحديد أسعار منتجات الحيوانات الزراعية ووضع أسعار تتناسب مع السوق المحلية وأسعار خاصة بالعاملين بهذه المحطات، ولا يتم بيع الإبل في محطات بحوث الثروة الحيوانية.
وأوضح د. أحمد أنه يتم تحديد السعر الخاص بمنتجات الإبل (مثل باقي الأنواع من المجترات) بحسب لجنة تحديد أسعار المنتجات الحيوانية سنوياً ووفق الأسعار الرائجة بالسوق المحلية بالهيئة، ففي حال الذبح الاضطراري أو التنسيق التربوي للحيوانات التي لا تصلح للتربية في محطات البحث العلمي فحالياً حدد سعر الكيلو غرام من وزن الذبيحة بعد الذبح مباشرة بـــ/ ذكور 700 ليرة، إناث 500 ليرة/، أما سعر حليب النوق، فَللعاملين بالهيئة 350 ليرة للكيلو الغرام الواحد، وفي حال وجود فائض من الحليب المنتج، فيحدد السعر الخاص للبيع بالسوق المحلية وفقاً للجان التسويق، وبعد موافقة المدير العام وقسم بحوث التربية ورعاية الحيوان بالإدارة.