القانون الصهيوني وسبل المواجهة
د. صابر فلحوط
غداة أقدم الصهيوني “العتيق” مايكل روهان عام 1969 على حرق المسجد الأقصى، لم تنم “كولدامائير” رئيسة وزراء العدو ليلتها، ظناً منها، أن العرب في الوطن الأكبر، والمسلمين في العالم، لن يناموا “ليلتهم” حتى يحرقوا نصف «إسرائيل» على الأقل؟!!.. ويوم جاء النهار التالي، استراحت، وأدركت أن الدنيا تغيرت بتغير رجالها !!.
وتتسارع الأسئلة اليوم، هل تنشغل الأقلام باستنكار الفعلة التي ارتكبتها أمريكا في قطع “الجعالة” التي كانت تقدمها إلى المنظمة الدولية ليتعلم أطفال الفلسطينيين، وتنصرف الأذهان عن البلاء الأعظم، الجريمة الأفظع المتمثلة بنقل السفارة الصهيونية من “تل أبيب” إلى القدس، لتكريسها عاصمة للكيان، وعن القانون الأخطر الذي أصدره “الكنيست” الصهيوني بخصوص يهودية “الدولة” واعتبار المواطنين العرب غرباء أو مقيمين ضيوفاً في ديارهم فلسطين بعد إعلان الموت السريري للقضية المركزية للأمة العربية؟!.
لسنا بصدد التكييف القانوني، والفقه التشريعي، والحقوق الدستورية، عند الحديث عن “القانون القومي” الذي أصدره “الكنيست” ذلك لأن “الوجود” الصهيوني فوق أرض فلسطين هو وجود استيطاني، إحلالي، عنصري باطل، ولا مثيل له في عصرنا، كما أنه سبق أن أدين خلال عشرات المؤتمرات الدولية.. وتتجلى خطورة “هذا القانون” أنه يأتي في مرحلة استطاعت فيه القضية الفلسطينية أن تفرض نفسها، بدم أبنائها المنتفضين، على المساحات، والساحات الأوسع من الرأي العام العالمي، والمؤسسات الدولية: الأمم المتحدة، ومجلس الأمن، وما تفرع عنهما من هيئات، ومنظمات دولية.
إن هذا “القانون” العنصري يرمي إلى تحويل الفلسطينيين في أرض (48و67) وكذلك اللاجئين في أربع جهات الأرض إلى غرباء “حيث هم” برسم التهجير، كما يحمل في طياته خلق مشكلات داخلية مزعزعة للأوضاع الاجتماعية حيث يتواجد اللاجئون الفلسطينيون، لأنه يستهدف توطينهم في لبنان، وسورية، والأردن. إلخ، كما يلغي ملحقاً معروفاً في “اتفاقية كامب ديفد” عام 1979 ينص صراحة على حكم ذاتي فلسطيني. كما يتعارض هذا “القانون” مع كل القرارات الدولية، وآخرها رفض مجلس الأمن، والجمعية العامة لقرار “ترامب” بجعل القدس يهودية، ويلغي مبرر وجود “السلطة الفلسطينية” ويعتبرها قوة احتلال للأرض اليهودية !!.
لقد أكد هذا “القانون” فشل جميع المحاولات والتنازلات العربية التي اتخذها من حاولوا تقديم الاطمئنان “لإسرائيل” علّها تنسحب من الأراضي التي احتلتها عام 1967، وتعترف بدولة فلسطين حسب القرارات الدولية بهذا الصدد!!. كما أكد “هذا القانون” تعاسة التواقيع التي رصعت “اتفاقات” كامب ديفيد، ووادي عربة، وأوسلو، والتي تصورت إمكانية تحويل الأفعى إلى حمامة، والذئب إلى حمل وديع !!. ولعله من البدهيات التأكيد أنه لو أن التضامن العربي كان حاضراً في “الميدان السياسي والسلاحي” كما كان خلال العدوان الثلاثي على مصر، 1956 وحرب تشرين التحريرية عام 1973، ولو كانت الفصائل والقيادات الفلسطينية في وحدة بنادق وخنادق وتوجهات، شأن الفيتناميين الذين توحدوا في جبهة الفينكونغ وانتصروا، والجزائريين الذين التزموا في جبهة التحرير الجزائرية وحققوا معجزة النصر، لما وصلت الأمة لما هي فيه، وعليه، هذه الأيام.
إن الشعوب العظيمة، والعريقة، تصنع نصرها، وفجرها من قلب ظلالها وآلامها الكبيرة. ولا بد أن تبدأ الأمة، وقد قدمت لها سورية العربية الأنموذج والمثال عبر الحرب الوطنية العظمى خلال السنوات السبع الضروس حيث استطاع جيشها العقائدي العملاق وشعبها الصامد الأسطوري، وقيادته المترعة إبداعاً وتألقاً في ساحتي السياسة والسلاح، أن يهزم الإرهاب التكفيري الوهابي النفطي الصهيوني، وأن يحطم مخططات الصهيونية وأحلامها في الإجهاز على وحوش الإرهاب المحتشدة لخدمة الكيان الصهيوني من عشرات الدول في العالم.
وبصرف النظر عن سقوط “عرب الهوية” في مستنقع التطبيع مع العدو والاستسلام المخزي أمام “مجنون البيت الأبيض” فإن الرهان مايزال رابحاً، ومضموناً، على الشارع القومي.
إن حق الشعب العربي في الانتصار وتضحياته لقضيته المركزية فلسطين يستعصي على النسيان مادامت الأرحام تنجب أطفالاً يتقنون لغة الرفض والسكين، والمقلاع لخطة ميلادهم ولا بد أن يبدعوا زمن انتصارهم القادم.