دراساتصحيفة البعث

إنه الفساد أيها الأحمق!

 

ترجمة: علاء العطار
عن موقع “كمن دريمز” 31/8/2018

بينما نتجه إلى الانتخابات النصفية في 6 تشرين الثاني، يجدر بنا أن نتذكر أن دونالد ترامب قد انتُخب رئيساً لأنه وعد “بتجفيف المستنقع”، وعوضاً عن القيام بذلك، أطلق العنان لموجة من الفساد، وعلى مدى الشهرين القادمين، سيصبح فساد الجمهوريين الموضوع الرئيسي الذي على الديمقراطيين التحدث عنه.
وقد أظهر استطلاع أجرته “واشنطن بوست” و”إيه بي سي نيوز”، قبل أيام قليلة من الانتخابات الرئاسية، أن هيلاري كلينتون كانت تتفوق بشكل طفيف على ترامب حيال جميع القضايا باستثناء الفساد، حيث ائتمن الناخبون دونالد ترامب في معالجة “الفساد في الحكومة”. وفي استطلاعات الرأي التي أُجريت في ختام الانتخابات الرئاسية، قال 39٪ من المشاركين إن خاصية المرشح الأكثر أهمية هي القدرة على “إحداث التغيير”، واعتقد 82% أن الكفة ترجح لجهة ترامب فيما يخصّ ذلك، ويمكن القول إن القضاء على الفساد كان قضية ترامب الرئيسية.
وعلى مدى رئاسة ترامب، فقد مصداقيته كعامل من عوامل التغيير، والآن، يرى معظم الناخبين ترامب كجزء من المستنقع، كشخص غير قادر على إحداث التغيير المطلوب في واشنطن. وفي آخر استطلاع أجرته “يو إس إيه توديه” وجامعة “سافوكس” طرح السؤال التالي: “خلال حملة عام 2016، وعد دونالد ترامب بـ”تجفيف المستنقع” لتقليص الفساد في واشنطن، ما رأيك؟ أجاب 57 في المئة من المشاركين بأن “المستنقع بات أسوأ خلال تولي ترامب السلطة”.
ووجد استطلاع حديث أجرته مؤسسة “بيو ريسيرش” أن نصف الأمريكيين، نحو (54٪)، يقولون إنهم يثقون في ما يقوله ترامب أقل من ثقتهم بما قاله الرؤساء السابقون أثناء اعتلائهم المنصب. في آخر استطلاع للرأي أجرته صحيفة “واشنطن بوست” و”إيه بي سي نيوز”، تبيّن أن 60 بالمائة من المشاركين لم يوافقوا على أداء ترامب كرئيس”.
وكنتيجة لمصداقية ترامب المتضائلة، بدأ الناخبون بوسم الحزب الجمهوري بأنه حزب الفساد. وفي تموز، أصدر مركز التقدم الأمريكي تكليفاً بإجراء استطلاع مهمّ في 48 دائرة من دوائر الكونغرس الانتخابية، قال معظم الناخبين إن الجمهوريين أكثر فساداً من الديمقراطيين، بفارق 8 نقاط 54- 46 في المائة، هذا التفاوت، أكبر من التقدم الذي أحرزه الحزب الديمقراطي في الاقتراع العام للكونغرس، مدفوع في جزء كبير منه من 60% من المستقلين الذين وجدوا أن أكثر الأخطاء تصدر عن الحزب الجمهوري، و27% من الناخبين الجمهوريين المعتدلين الذين يتفقون معهم في الرأي.
وأثر الفساد في الانتخابات النصفية سيختلف من ولاية إلى أخرى ومن دائرة انتخابية لأخرى، على سبيل المثال، في ولاية كاليفورنيا هناك، على الأقل، ثلاثة سباقات انتخابية متنازع عليها، حيث سيكون الفساد الحالي مشكلة، كدائرة كاليفورنيا الانتخابية رقم 22، حيث يمضي النائب ديفين نونز وقته في واشنطن محاولاً إعاقة التحقيق في قضية ترامب- روسيا، وفي الآونة الأخيرة، ظهر في صحيفة “ذا فريسنو بي” العنوان الرئيسي التالي: “اعتاد نونز الاهتمام بمنطقتنا، وهو الآن قطة العاصمة المدللة التي تعيش على حساب المتبرعين”، ودائرة كاليفورنيا الانتخابية رقم 48، حيث يعدّ دانا روهراباتشرهو رجل روسيا في الكونغرس، نشرت صحيفة نيويورك تايمز مؤخراً مقالاً في الصفحة الأولى حول روهراباتشر ورد فيه “إنه عضو في الكونغرس، ويحبه الكرملين كثيراً لدرجة أنه أعطاه اسماً حركياً”، ودائرة كاليفورنيا الانتخابية رقم 50، حيث اتُّهم دنكان هنتر مؤخراً بإساءة التصرف بـ 250.000 دولار من أموال الحملة الانتخابية.
غزا الفساد حكومة ترامب، فقد رأينا بالفعل العديد من أعضاء الحكومة يغادرون بسبب تهم الفساد، توم برايس وسكوت برويت، ويجري التحقيق بأمر عدة آخرين، واتُهم وزير التجارة ويلبر روس بسرقة 120 مليون دولار من شركته الاستثمارية، كما أن روس متهم أيضاً بانتهاك قوانين تضارب المصالح وتقديم معلومات كاذبة.
إن الفساد بالنسبة لترامب وعائلته وشركائه المقربين مرتبط بالتعامل الذاتي، وأكثر حالة لافتة للانتباه تتعلق بالمكافآت، تنصّ المادة الأولى من الدستور على أنه “لا يجوز لأي شخص ذي منصب.. أن يقبل، دون موافقة الكونغرس، أي هدية أو تعويض أو منصب أو لقب، من أي نوع كان، من أي ملك أو أمير أو دولة أجنبية”. وفي 28 آذار، سمح قاضٍ فدرالي في ولاية ماريلاند باستئناف دعوى قضائية تتعلق بالمكافآت، وهذا العمل، الذي قامت به مقاطعة كولومبيا وولاية ميريلاند، يركز على فندق ترامب في واشنطن العاصمة: “وقالت مقاطعة كولومبيا وولاية ميريلاند إن سكانها المحليين الذين يتنافسون مع أعمال ترامب التجارية، مثل فندق ترامب…، يتعرضون للأذى بسبب تناقص الرعاية والأجور والإكراميات..”.
ويُقال إن جاريد كوشنر، صهر ترامب، يخضع لتحقيق في التعامل الذاتي، والحال تنطبق على ابن ترامب، دونالد جونيور.
وشركاء ترامب المقربون إما هم متهمون، كمايكل كوهين وبول مانافورت، أو يخضعون للتحقيق مثل إليوت برويدي.
لم يعد سراً في واشنطن أنه إذا كنت ترغب في جذب انتباه ترامب فعليك المكوث في فندقه في واشنطن، بل الأفضل أن تبتاع عضوية في أحد نوادي الغولف التي يملكها. من الواضح أن سياسات ترامب الاقتصادية يمليها عليه أصدقاؤه، على سبيل المثال، ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن تطبيق التعريفات الجمركية على الصلب جاء بتوجيه من مؤيدي ترامب في شركتين كبيرتين للصلب في الولايات المتحدة، وهما “شركة نوكور” وشركة “يو إس ستيل”، وكمثال آخر، يخطّط ترامب لنجدة شركة فحم بكفالة إنقاذ ستساعد بعضاً من أكبر المتبرعين في حملته الانتخابية، وبالطبع، من المعلوم أن التخفيضات الضريبية التي رعاها ترامب عام 2017 أتت في المقام الأول لصالح المتبرعين الكبار للحزب الجمهوري، وأخيراً، في أوائل هذا الشهر، أفادت منظمة “بروببليكا” أن ترامب تنازل عن سيطرته على إدارة شؤون المحاربين القدامى لثلاثة أعضاء في منتجعه “مار إيه لاغو”.