مناورة جديدة
تنطلق اليوم في مدينة جنيف السويسرية رسمياً المشاورات اليمنية، والتي دعت إليها الأمم المتحدة عبر مبعوثها إلى اليمن البريطاني مارتن غريفيث، وفي مقدمة أهدافها حسب المعلن إيقاف الحرب العبثية في اليمن..
مشاورات، وليست مفاوضات كما تقول الأمم المتحدة، جاءت بعد توقّف طويل للتواصل ما بين أطراف الأزمة اليمنية، وتحديداً منذ جولة “الكويت”، في تموز عام 2016، حيث فشلت المحاولات حينها للتوصل إلى ورقة مبادئ للشروع في المفاوضات المباشرة، بسبب التعنت السعودي الإماراتي ومحاولتهما الحصول على ما يريدان بالسياسة بعد فشلهما بالعدوان.
لا شك أن إيقاف العدوان على الشعب اليمني هو جل اهتمام كل الشرفاء والأحرار في العالم الحر، ولكن لماذا الآن؟، هل استفاقت الأمم المتحدة ومؤسساتها فجأة، ورأت المجازر المروعة بحق الأبرياء من أبناء اليمن، وأرادت إيقافها ومعاقبة فاعليها؟!، أم أن الإعلان عن الجولة هو مجرد مناورة جديدة من المسيّرين الفعليين للأمم المتحدة “أمريكا- بريطانيا” لإفساح المجال أمام محور العدوان للملمة فضائحه وجرائمه تحت غصن زيتون الأمم المتحدة؟.
منذ اللحظة الأولى للعدوان السعودي الإماراتي على اليمن، وقفت الأمم المتحدة عاجزة عن توجيه أي انتقاد له، وحتى عندما سعت لاتخاذ قرار بوضع الرياض على اللائحة السوداء للدول المنتهكة لحقوق الأطفال، عادت وتراجعت عنه، لا بل وضعت السعودية على رأس لجنة أممية لحقوق الإنسان!!. وبالتالي فإن الدعوة الأممية تحمل غايات مبيّتة وغير مفهومة مطلقاً، فكيف يمكن أن نفهم أن الأمم المتحدة تريد الحل في اليمن وهي لم تستطع أن تضمن وصول وفد صنعاء إلى جنيف للمشاركة في مشاوراتها؟ هل المشاورات فقط لجماعة الفار منصور هادي وأزلام السعودية والإمارات؟!.
ما هو واضح لغاية اللحظة أن الدعوة هي تكرار للدعوة التي وجهها المبعوث الدولي السابق إسماعيل ولد الشيخ، والتي أعقبت المجزرة الإرهابية على مجلس العزاء في صنعاء والتي راح ضحيتها حينها أكثر من 800 شهيد، واليوم هي محاولة جديدة للتعمية على الفظائع التي ارتكبتها قوى العدوان خلال الفترة الماضية من استهداف مباشر لحافلة الطلاب في “ضحيان” بصعدة، والتي راح ضحيتها أكثر من 70 طفلاً، حيث كشفت التحقيقات أن الذخائر المستخدمة هي أمريكية من إنتاج شركة لوكهيد.. ومجزرة مشفى الثورة في الحديدة.
بمعنى آخر تأتي الدعوات من الأمم المتحدة العاجزة لإفساح الفرصة أمام قوى العدوان السعودي الإماراتي للملمة خسائره المتتالية على جبهات القتال، ولاسيما في معارك الساحل الغربي التي فشل العدوان فيها في تحقيق أي خرق أمام صمود الجيش واللجان الشعبية اليمنية.
والحال فإن مشاورات جنيف في ظل عدم توفير شروط إنجاحها، بداية من تأمين وصول كافة الوفود وتأمينها إلى مكان المشاورات، وانتهاء بعدم القدرة على فرض وقف إطلاق نار شامل، مصيرها الفشل الذريع، واستمرار ارتكاب الجرائم بحق الشعب اليمني.
وعليه وأمام كل النفاق الأممي غير المسبوق، يبقى الصمود الأسطوري للجيش واللجان الشعبية اليمنية على جميع جبهات القتال، وفرض معادلات استراتيجية جديدة عبر عمليات بحرية نوعية وجوية باستخدام الطيران المسيّر، وهو الحل الأنسب لفرض الحلول واستعادة الحقوق، فدول العدوان وداعموها لن يردعهم سوى القوة، ولن يجبرها على المفاوضات سوى هزائمهم المتتالية في ساحات القتال، وأي حديث آخر هو مجرد مناورة جديدة هدفها خدمة أجندة العدوان.
سنان حسن