“سحاب” هل تكون…!؟
زمن السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، أيام كان معرض دمشق الدولي يشعل قلب الفيحاء دمشق صخباً جميلاً ومشاركة أجمل، كان المعرض لطفل ومن ثم فتى يافع، يشكل حالة من الدهشة و”الاستهجان”، كما حالة من الاكتشاف والتأمل والحلم.
أما اليوم، ومع فرض العولمة سطوتها، بشقيها الإيجابي والسلبي، ومع هذا الكم والنوع الكثيرين من وسائل الاتصال والتواصل، المختلفة بمضامينها ونشاطاتها وتوجهاتها، والتي تنافس ومضية الضوء سرعة وتسارعاً، في إيصالها لهائل المعلومات والابتكارات والاكتشافات في مختلف العلوم، وبأجود الصور ثلاثية الأبعاد، التي أوصلتنا كونياً للموجود على مسافات مئات السنوات الضوئية.
مع فرض ذلك وغيره، سقطت حالة الإدهاش المطلق، ليحلّ محلها الاعتيادي في نظرتنا لما يفترض أن يكون جديداً فريداً مميزاً، بحكم تطور الاقتصاد والإنسان، وشغفهما لغير المألوف علماً ورؤية، وصولاً لغاية المال والأعمال، العظيمة الفائدة والعائد.
سحاب 73، اسم أُطلق على الطائرة المفترض أنها مصنّعة سورياً، طائرة وكما في “بروشور” التعريف بها والتعرف عليها، هي من إنتاج المعهد العالي للعلوم التطبيقية والتكنولوجية– فرع حلب، خفيفة للتدريب الأولي والرياضة، مزودة بمقعدين متجاورين ومحرك مكبسي، ولوحة قيادتها تشتمل على العدادات الرئيسية اللازمة للطيران النهاري بظروف “V F R” مع “G PS”، وفيها محطة اتصالات “VHF” واتصال داخلي.
مواصفاتها الهندسية ومواصفات الأداء الأساسية فيها، وبحسب مُصنعيها تؤكد عالمية أمانها، وهذا لعلّ أول ما يتبادر لكل واحد منا السؤال عنه، لأن عامل الأمان يدلّ على جودة المُنْتَج وتمكن المُنْتِج، وبالتالي مستوى ومواصفات التصنيع، اللازمة المطابقة للمواصفات العالمية في مجال صناعة الطائرات.
أما السؤال الذي يحتاج لكثير من حك الرأس فيتمحور، بعد التطمن والاطمئنان على ما سبق، حول إمكانية التطوير لتكون الطائرة إنتاجاً سورياً خالصاً 100%، وهنا ما يثلج الصدر تأكيد المُصنِّع إمكانية ذلك محلياً وبخبرات وكفاءات وطنية صرفة، لكن الأمر يحتاج لموافقات معينة، لا نعرف توجيهاتها وحساباتها…؟!.
ولعلّ مطلبنا بالأمر المُستطاع -إن كان هناك تمهل أو ممانعة في التطوير- يمكن أن يكون مطاعاً، إن رأينا وكمرحلة أولى إحداث النقلة المطلوبة على “سحاب”، من استخدامها حالياً في التدريب والرياضة فقط (علماً أن هذا يمكن أن يكون منتجاً سياحياً يفتح المجال واسعاً لاستثمارات سياحية جديدة مرتبطة بسحاب نفسها، كأندية الطيران وعروض الطيران، وحتى إنشاء أكاديميات للتعليم على الطيران)، إلى استخدامها في الزراعة، وأن تكون (تكسي جوي) مثلاً.
طرحنا مستطاع القبول، خاصة إن علمنا أن تكلفتها الحالية لا تتجاوز نصف ثمن أغلى سيارة فاخرة معروضة في “دمشق الدولي”، على حدّ قول معنيّ بالأمر.
سحاب 73 وبقدر ما تشكله من حالة دهشة بسيطة، لكنها قد تكون بوابة لدخول سورية عالم صناعة الطائرات حتى ولو كان من أضيق أبوابه، وهذا ممكن جداً وكذلك مستطاع نظراً لتوفر المخترعين والكفاءات السورية المشهود لها عالمياً، لكن المغمورة والمهمشة محلياً..!؟.
والسؤال ليس الختام هو: هل تكون استثنائية مشاركة “معرض الباسل للإبداع والاختراع” في المعرض، مقدمة لاستثناءات أكبر قادمة؟، فعز الشرق يجب ألاَّ يكون قولاً فقط، بل لا بد أن يقرن فعلاً واستثنائياً، وهذا منطق التطور الحقيقي، فعز شرقنا في تطورنا.
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com