رغم تهديدات إدارة ترامب.. فلسطين تتمسّك بمقاضاة الكيان الصهيوني
رغم تهديدات إدارة ترامب للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بفرض عقوبات على قضاتها في حال لاحقوا مسؤولي كيان الاحتلال الإسرائيلي حول جرائم حرب ارتكبوها ويرتكبونها في فلسطين المحتلة، وقرارها إغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، أعلن أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات أن فلسطين تقدّمت بملحق للمذكرة الرسمية التي قدّمتها في أيار الماضي إلى محكمة الجنايات بشأن جرائم “إسرائيل”، وأضاف: “إن السلطات الفلسطينية ستواصل العمل مع الجنائية الدولية لمحاكمة الاحتلال رغم الإجراءات الأميركية بحقنا”.
وقال عريقات، في مؤتمر صحفي عقده بمقر المنظمة برام الله، أمس، حول قرار الإدارة الأمريكية إغلاق بعثة المنظمة في واشنطن، “إن البلاغ المقدم للمدعية العامة دعا المحكمة لتحمّل مسؤولياتها المباشرة في التحقيق بالجرائم التي يرتكبها الكيان الصهيوني في الأراضي الفلسطينية بما فيها القدس.
وكانت إدارة ترامب هدّدت العام الماضي بأنها ستغلق مكتب منظمة التحرير في واشنطن بعد إعلان الرئيس الفلسطيني محمود عباس نيته التوجّه للجنائية الدولية وغيرها من الهيئات الدولية لمحاكمة مسؤولي الاحتلال الإسرائيلي على جرائمهم بحق الشعب الفلسطيني.
من جانبه، قال حسام زملط، رئيس المفوضية العامة لمنظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، “إن إغلاق مكتب المفوضية بالعاصمة الأميركية يحثنا على سرعة مقاضاة إسرائيل دولياً”، وأوضح أن “القرار لم يكن مفاجئاً، ويحثّنا على الضغط على المحكمة الجنائية بالتسريع في محاكمة “إسرائيل” وتفعيل جميع أدوات القانون الدولي والهيئات الدولية ضد جرائمها”، ولفت أن “قرار الإدارة الأميركية إنما يأتي تنفيذاً لطلبات الحكومة الإسرائيلية، وكان أولها إغلاق بعثة فلسطين لدى الولايات المتحدة لنسف العلاقة الثنائية بين البلدين”. كما تطرّق عريقات إلى مسألة قرية الخان الأحمر في القدس المهدّد بالهدم، وقال: “بناء على طلب من الضحايا، نطالب المدعية العامة بإتاحة الفرصة للقاء يجمعها مع الضحايا لشرح تفاصيل ما يحدث تحديداً في الخان الأحمر”. وأكد البلاغ أهمية إصدار المدعية العامة تحذيراً إلى سلطات الاحتلال لمنع هدم وتهجير سكان الخان الأحمر قسرياً، مشيراً إلى أن المساس بالخان الأحمر يندرج ضمن ميثاق روما، بما في ذلك جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
وكانت سلطات الاحتلال، التي تعمل بشكل ممنهج على تهويد القدس المحتلة، سلّمت مؤخراً أهالي قرى الخان الأحمر إخطارات بإخلاء منازلهم، تمهيداً لهدمها وترحيل سكانها، ضمن مخطط لتوسيع المستوطنات المحيطة بالقدس وحصارها، وتقطيع أوصال الضفة الغربية.
إلى ذلك، بنى فلسطينيون ومتضامنون أجانب، أمس، بيوت للفلسطينيين في الخان الأحمر لينتقلوا إليها في حال هدمت سلطات الاحتلال الخان، مستخدمين الخشب لبناء هياكل هذه البيوت والصفيح كجدران.
وأطلق الفلسطينيون اسم قرية “الوادي الأحمر” على البيوت التي قاموا ببنائها، والتي لا تبعد سوى عشرات الأمتار عن مستوطنة كفار أدوميم المقامة على أراضي الفلسطينيين في الخان الأحمر.
وأكد رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان وليد عساف أن بناء القرية تحد لاعتداءات الاحتلال على القرى الفلسطينية، وتعبير عن تمسّك الفلسطينيين بأراضيهم ودفاعهم عنها.
وينفذ الفلسطينيون اعتصاماً مفتوحاً في بلدة الخان الأحمر شرق القدس المحتلة منذ الخامس من الشهر الجاري في محاولة لمنع سلطات الاحتلال من هدمها.
وبالعودة إلى تهديدات مستشار الرئيس الأمريكي لشؤون الأمن القومي جون بولتون بفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية، أكدت المحكمة أنها ستواصل عملها وأن التهديدات لن تؤثّر على عملها، وقالت في بيان: “إنها مؤسسة مستقلة وحيادية تدعمها 123 دولة، وبصفتها ساحة قضاء ستواصل عملها دون أن يردعها شيء تماشياً مع تلك المبادئ ومع فكرة حكم القانون الشاملة”.
يذكر أن الولايات المتحدة انسحبت في أيار عام 2002 من “نظام روما” المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية، وذلك في عهد الرئيس الجمهوري جورج بوش، الذي زج بالجيش الأمريكي في غزو أفغانستان بعد أحداث 11 أيلول عام 2001، فيما تواصل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التنصل من استحقاقات القانون الدولي وتجييره في أجنداتها للهيمنة على العالم والتطاول على ممثليه في حال انحرفوا عن هيمنتها وهيمنة حليفها الكيان الصهيوني.
إلى ذلك، أكد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أن الغطرسة الأمريكية تجاه دول وشعوب العالم تجاوزت الحدود، وباتت لا تعرف القيود ويجب وضع حد لها، وكتب ظريف، في تغريدة على تويتر، “إن الولايات المتحدة الأمريكية تهدد محكمة العدل الدولية بفرض عقوبات عليها، وحتى القضاة في لاهاي تريد معاقبتهم وملاحقتهم قانونياً.. لا أحد يحتج على هذه الإجراءات.. كما يبدو أن غطرسة النظام الأمريكي لا تعرف حدوداً وقيوداً وبلغت حدها”، وشدد على ضرورة وقوف المجتمع الدولي ضد هذه السياسات الأمريكية بما يعيد العلاقات بين الدول إلى شكلها الطبيعي.