من وحي المعرض..!
تحتم حسابات الاقتصاد الخاضعة لمنطق الربح والخسارة، ألا تنحصر العقود التجارية المبرمة على منصة معرض دمشق الدولي بأيامه الأخيرة، وتنقضي بعد انقضاء آخر ساعاته، وإنما يجب استمرار صخب اللقاءات الحاصلة حالياً على هذه المنصة على مدار العام، مع التركيز على الجانب الاستثماري لما له من تداعيات تنموية ولاسيما إذا ما تم التركيز على مسألة توطين التكنولوجيا وتبادل الخبرات.
فالحالة الوطنية لهذا الحدث يفترض أن تستنهض قوى قطاع الأعمال بكل مكوناته تجاه البحث عن شركاء حقيقيين في الدول الأخرى –وهذا حقيقة ما يعول عليه- وقد لمسنا جدية واضحة لدى أغلبية من صادفناهم في جولاتنا اليومية للفعاليات المشاركة، ولا ضير –بل ربما- من الضروري التركيز أيضاً على مسألة الشركات المشتركة متعددة الأطياف، لكونها منفذاً مهماً لتبادل الخبرات، ومحركاً أساسياً للتنمية.
وعلى اعتبار أن الصناعة التجميعية للآليات حظيت بمساحة عرض لافتة بخطوة بررها المعنيون بهذه الصناعة كبداية لفتح باب هذه الصناعة خلال الفترة القادمة، علينا أن نكون حذرين لجهة الاستكانة وعدم إضفاء أية قيمة مضافة محلياً إلا بالحدود الدنيا، وهنا نقرع ناقوس خطر إحلال الحالة الاستهلاكية المستنزفة للقطع الأجنبي في حال بقيت هذه الصناعة تراوح في مكانها، عوضاً عن نقيضتها الإنتاجية الموردة للقطع الأجنبي، ونعتقد أن الشركات المشتركة المومأ إليها آنفاً خير وسيلة لتطوير المكون المحلي في مثل هذه الصناعات.
فالمهمة أمام قطاع الأعمال ليست بالسهلة، وبنفس الوقت ليست بالمستحيلة، فأغلب من شارك بالمعرض لم يأتِ -أغلب الظن- لمضيعة الوقت أو للاستعراض الإعلامي الذي بات من حيثياته الروتينية وربما المملة، بل جاء يبحث عن فرصته الاستثمارية وربما أيضاً عن الإعلام خشية المنافسة، وهذا يشكل عاملاً مساعداً على إبرام الصفقات خاصة الاستثمارية منها لصالح المؤسسات الحكومية وقطاع الأعمال على حد سواء.
إذاً.. الحكومة ممثلة بمؤسساتها وقطاع الأعمال ممثلاً باتحاداته أمام استحقاق لاقتناص الشركات العالمية الجادة بالاستثمار في سورية، لا أن تقتنص هي فرصنا وفق مصالحها فقط خاصة تلك المدركة لمزايا ومقومات اقتصادنا الوطني وخاماته الطبيعية والبشرية، بل يجب أن يكون التعاطي معها وفق توجهاتنا الاستثمارية ومصالحنا التنموية.
حسن النابلسي