في صفعة لأردوغان.. المركزي التركي يرفع أسعار الفائدة
فاجأ البنك المركزي التركي، أمس، أسواق المال بالإعلان عن زيادة أكبر من المتوقّع لأسعار الفائدة لمحاربة معدلات تضخم هائلة ودعم الليرة.
وتأتي هذه الخطوة في صفعة لرئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان، الذي خاض -ولا يزال- معركة خفض سعر الفائدة، واتهم البنك في وقت سابق بعدم كبح التضخم، مكرّراً أن نسبة فائدة متدنية تسهم في خفض التضخم، في رأي يخالف المنطق الاقتصادي.
وقال المركزي التركي: “إنه يرفع معدل الفائدة الرئيسية بـ625 نقطة أساسية لتصل إلى 24 بالمئة، أي أكثر بمرتين عن إجماع السوق للزيادة”.
وأكثر ما يفاجئ في رفع نسبة الفائدة أن أردوغان سبق أن انتقدها، معتبراً أنها “أداة للاستغلال”، لكن يبدو أنه خضع في النهاية، تحت وطأة الأزمة الاقتصادية والانهيار القياسي لليرة والارتفاع غير المسبوق في نسبة التضخم، إلى آراء الاقتصاديين.
وتسبب أردوغان بسلسلة تصريحات في إثارة مخاوف الأسواق والمستثمرين وسط قلق من هيمنته على السياسة النقدية وتدخلاته التي تجانب الصواب والمنطق الاقتصادي، وأدت تصريحات متتالية له في الفترة الماضية إلى هبوط حاد في قيمة الليرة التركية، التي فقدت نحو 40 بالمئة من قيمتها منذ بداية العام.
وفاقمت إجراءات أمريكية أزمة الليرة مع فرض رسوم جمركية قاسية على واردات من تركيا ضمن توتر دبلوماسي بين واشنطن وأنقرة نشأ على خلفية احتجاز تركيا قسّاً أمريكياً بتهمة الإرهاب ورفضها طلباً من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالإفراج عنه.
لكن الهبوط الحاد في قيمة الليرة التركية يعود بحسب خبراء إلى أسباب سياسية تتعلق بالانتخابات المبكرة التي فاز فيها أردوغان بولاية رئاسية جديدة واسعة الصلاحيات، ما عزّز القلق في الأسواق، وأثار مخاوف المستثمرين من هيمنة أردوغان على السياسة النقدية.
وليس واضحاً ما إذا كان أردوغان على علم بقرار البنك المركزي أم أن القرار اتخذ بشكل مستقل دون عودة لرئاسة النظام، التي يقول متابعون: “إنها بدأت تحشر أنفها في كل صغيرة وكبيرة منذ بداية العهدة الرئاسية الجديدة لأردوغان بصلاحيات واسعة جدّاً فتحت له الطريق للهيمنة على كل المؤسسات بما فيها تلك التي تدّعي الاستقلالية ومنها البنك المركزي والقضاء”.
وسواء كان أردوغان على علم بقرار البنك المركزي أو لا، فإن القرار يحشره في الزاوية، ويؤكّد وجاهة الرأي السابق المدافع عن رفع نسبة الفائدة، في الوقت الذي كان فيه أردوغان يحشد لنسبة متدنية، ومحمّلاً المركزي التركي المسؤولية عن ارتفاع نسبة التضخم.
في الأثناء، أكد الصحفي التركي جان دوندار أن تركيا تحولت إلى سجن كبير للصحفيين، ولا مكان للصحافة الحرة فيها بسبب السياسات القمعية التي ينتهجها نظام أردوغان.
وشنّ أردوغان على مدى السنوات الماضية حملة انتقامية واسعة في مختلف أنحاء البلاد بهدف التخلص من كل مناهضي سياساته، حيث قام باعتقال وإقالة آلاف العسكريين ومسؤولي الشرطة ورجال القضاء، وتسريح عشرات الآلاف من العاملين في مختلف المؤسسات التركية، وإغلاق عدد كبير من وسائل الإعلام، وصولاً إلى فرض حالة الطوارئ في البلاد.
وقال دوندار: “إن تركيا في ظل أردوغان هي أسوأ سجن في العالم بالنسبة إلى الصحفيين، فهناك نحو 155 صحفياً داخل السجون، فيما يعيش الآخرون في خوف لأن كل ما يمكن أن يكتبوه قد يتحول سلاحاً ضدهم”، مضيفاً: “لم يعد ثمة مكان لوسائل الإعلام الحرة في تركيا”.
وأشار دوندار إلى أن مجرد تغريدة على تويتر يمكن أن تؤدي إلى سجن صاحبها، لافتاً إلى أن الرقابة الذاتية باتت موجودة حتى داخل المنازل بسبب الخوف من إجراءات أردوغان وممارساته.
وطالب دوندار بمحاكمة أردوغان بتهم الفساد وانتهاك حقوق الإنسان والقوانين الدولية، معتبراً أن أردوغان أصبح هو الجيش والسلطة والحاكم.
يشار إلى أن الصحفي جان دوندار ترأس تحرير صحيفة “جمهورييت” التركية المعارضة، وتمّت ملاحقته في عام 2015 من قبل نظام أردوغان بعد أن كشف عبر مقاطع فيديو ووثائق عن قيام الاستخبارات التركية بتسليم أسلحة للإرهابيين في سورية.