موسكو: ممارسات واشنطن في سورية تدفع بالعالم إلى حافة الهاوية
اعتبرت وزارة الخارجية الروسية، أمس، أن ممارسات الولايات المتحدة في سورية تدفع بالعالم إلى حافة الهاوية، وهو أمر لا يمكن قبوله، فيما أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن أي تعاون دولي لتسوية الأزمة في سورية يجب أن يكون على أساس القانون الدولي واحترام استقلال سورية وسيادتها ووحدة أراضيها.
ففي موجز صحفي، أعربت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا عن قلق بلادها من محاولات واشنطن تحضير الرأي العام الدولي لعدوان جديد على سورية، وقالت: “إن أكثر ما يثير القلق في الحقل السياسي الدولي هو انخراط واشنطن في مجموعة كبيرة من النشاطات ابتداء بتصريحات المسؤولين، وانتهاء بتعليقات وسائل الإعلام.. والهدف على ما يبدو هو إعداد الرأي العام لعدوان جديد ضد سورية”، مشددة على أن واشنطن تحاول إطالة أمد الأزمة في سورية من خلال حمايتها للإرهابيين.
وأوضحت زاخاروفا أن التوتر في محافظة إدلب يتصاعد بسبب تحوّلها إلى بؤرة لوجود الإرهابيين بأعداد كبيرة، لافتة إلى أن هؤلاء الارهابيين “يستعدون للاعتداء على مناطق في حلب وحماة”، وأشارت إلى أن الإرهابيين في إدلب يواصلون الهجمات باستخدام الطائرات المسيّرة ضد القوات الروسية، التي أسقطت خلال شهرين 55 طائرة.
وشددت زاخاروفا: “نلمس محاولات أمريكية ترمي لهيمنة عالمية جديدة، وهو ما يجب التصدي له”، موضحة أن موسكو غير غافلة عن استعدادات واشنطن للعدوان على سورية، وتبرير الوجود العسكري غير المشروع في هذا البلد، وإفشال تسوية الأزمة السورية، وأضافت: إن موسكو ترى في تصرفات الولايات المتحدة “محاولة لإطالة الأزمة عبر إنقاذ الإرهابيين من الهزيمة النهائية”.
من جانبه، أعرب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن استعداد موسكو للبحث عن سبل للتفاهم والتعاون بين صيغة أستانا وما يسمّى بـ “المجموعة الدولية المصغرة” حول سورية، ولفت إلى أهمية التعاون الدولي لمساعدة سورية في الانتقال من مرحلة القضاء على بؤر الإرهاب إلى مرحلة الحل السياسي، ما يتطلّب إعادة إعمار البنية التحتية المدمّرة، واستعادة النشاط الاقتصادي، إضافة إلى عودة المهجّرين جراء الإرهاب إلى ديارهم، وأشار إلى أن الاجراءات الاقتصادية القسرية أحادية الجانب المفروضة على سورية تعرقل استعادة الحياة الاقتصادية الطبيعية في البلاد وتهيئة الظروف المناسبة لعودة المهجّرين.
وبيّن لافروف أن روسيا تعمل بنشاط مع الشركاء الأساسيين في صيغة أستانا والمبعوث الأممي الخاص إلى سورية ستافان دي ميستورا على تشكيل “لجنة لصياغة الدستور السوري بموجب قرار مجلس الأمن رقم (2254) ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي”، وقال: “للأسف حتى الآن لم تتسن إقامة تعاون مع ألمانيا، التي تعتبر عضواً في المجموعة المصغّرة، هي والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والسعودية والأردن، في هذا المجال، حيث لا يزال الموقف الألماني أسيراً لمواقف الاتحاد الأوروبي”.
وكان لافروف قد شدد على هامش المنتدى الاقتصادي الشرقي المقام في مدينة فلاديفوستوك على أن حل الأزمة في سورية يجب أن يكون مقبولاً أولاً وقبل كل شيء من السوريين أنفسهم.
وأعلن لافروف أن التوتر في العلاقات بين روسيا والدول الغربية يؤثّر كثيراً على الأمن والاستقرار في العالم، مشيراً إلى أن الأوان لم يفت بعد لإزالة هذا التوتر، من خلال التواصل وفق مبادئ الصدق والاحترام المتبادل والأخذ بالاعتبار مصالح بعضنا البعض، وأضاف: “يجب الاسترشاد بدقة بالمبادئ المحددة في ميثاق الأمم المتحدة، كالمساواة في السيادة بين الدول، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، والتسوية السلمية الدبلوماسية للنزاعات”.
كما أكد نائب رئيس مجلس الاتحاد الروسي إلياس أوماخانوف أن موسكو تعمل بثبات، وتبذل كل ما بوسعها من أجل عودة الأمن والاستقرار إلى كل الأراضي السورية، وقال: إذا تطلّب الوضع اتخاذ تدابير إضافية بهذا الشأن، فأنا على ثقة تامة بأن هذه التدابير سوف تتخذ حتماً، مؤكداً دعم البرلمان الروسي، بمجلسيه، النهج الذي يختاره الرئيس فلاديمير بوتين بهذا الصدد.
وفي بيروت، أكد السفير الروسي في لبنان ألكسندر زاسبكين أن القضاء على الإرهاب في المنطقة هدف مشترك يجب التعاون لتحقيقه، وقال، خلال لقائه الأمين العام للتنظيم الشعبي الناصري في لبنان النائب أسامة سعد: “خلال مناقشة قضية الإرهاب في أستانا وقمة طهران أكدت الدول المشاركة أن الهدف الأساسي هو القضاء على المجموعات الإرهابية”، مشيراً إلى ضرورة التركيز أيضاً على أهمية تهدئة الأوضاع في سورية من خلال العمل الإنساني والجهود المبذولة من أجل عودة المهجّرين السوريين إلى وطنهم.
ولفت سعد إلى دور روسيا الإيجابي في المنطقة المستند إلى حرصها على معالجة سياسية لكل المشاكل من خلال التعاون مع الدول والحكومات على أساس الاحترام المتبادل.
وفي القاهرة، أكد السفير حسين هريدي مساعد وزير الخارجية المصرية الأسبق أن هناك دولاً غربية تخشى من انتصار سورية على الإرهاب حتى لا تظهر أمام الرأي العام العالمي وشعوبها بأنها خسرت رهاناتها، وأن كل ما قدمته من أموال ودعم إلى عملائها ذهب سدى، وأضاف: إن انتصار سورية بعد هذه السنوات أفشل مخططات الغرب في استخدام الإرهابيين لتنفيذ مآربهم في المنطقة، ودعا إلى عودة العلاقات المصرية السورية الدبلوماسية الكاملة بأسرع وقت لما في ذلك من مصلحة للبلدين الشقيقين.
وفي واشنطن، أكد البروفيسور الأمريكي جيفري ساكس أنه يجب على الولايات المتحدة الآن مغادرة سورية، وعدم المخاطرة بحرب محتملة مع روسيا، وقال في لقاء مع قناة “أم أس أن بي سي” الأمريكية”: “إن استهداف سورية كان مخططاً من ضمن عملية سرية مشتركة بين وكالة المخابرات المركزية في الولايات المتحدة والنظام السعودي، وهذا الخطأ بدأ قبل سبع سنوات، ونتيجة لذلك حلت كارثة في الشرق الأوسط”.
وتعليقاً على تصريح ساكس قال السيناتور الروسي أليكسي بوشكوف: “إن خطأ استهداف سورية من قبل الولايات المتحدة وحلفائها أصبح واضحاً لكل العالم، ولكن النخبة الحاكمة في الولايات المتحدة المكونة من مستنسخات السيناتور الأمريكي الراحل جون ماكين ما زالت صماء وعمياء”.
وعملت الولايات المتحدة مع عدد من حلفائها الغربيين ومن ممالك ومشيخات الخليج وعلى رأسها النظام السعودي، إضافة إلى نظام رجب طيب أردوغان على دعم وتمويل وتسليح التنظيمات الإرهابية في سورية على مدى السنوات الماضية في محاولة فاشلة لاستهداف دورها ومواقفها الرافضة للمخططات والتي تستهدف المنطقة.