آدم محمد..مدير شركة المطبوعات: سورية فضاء متنوع ولا تحفظ على أي صحيفة
هي شركة تابعة لوزارة الإعلام، مموَّلة ذاتياً، وهي ذات طابع اقتصادي، الهدف من إحداثها توزيع المطبوعات بكل أشكالها في أنحاء سورية بأسرع وقت وبأرخص الأثمان وبشكل منظَّم، وهي تقوم بهذا الدور منذ سنوات.. وبيَّن مدير الشركة السورية لتوزيع المطبوعات آدم محمد أن الشركة كانت مؤسسة في أول إحداثها، وتحولت في العام 2009 لشركة بعد أن فُكَّ دمجها مع مؤسسة الوحدة، ويعمل فيها اليوم نحو 142 عاملاً ولديها أسطول من السيارات يتم من خلاله إيصال المطبوعات.
تمويل ذاتي
وأشار محمد إلى أن انتقال الشركة من مؤسسة إلى شركة أدى إلى تغيير طبيعة التمويل، فحينما كانت مؤسسة كانت تُمَوَّل من قِبَل وزارة المالية، أما اليوم فتمويلها ذاتيّ بجهود العاملين والقائمين عليها، وقد وصلت لمرحلة الاكتفاء الذاتي بحيث أن كل رواتب العمال وأجور الطبابة وإصلاح السيارات وتأمين المحروقات يتم تأمينه ذاتياً دون الاعتماد على أية جهة، أما من حيث طبيعة عمل الشركة فلم يتغير وما زالت تقوم بنفس الدور في توزيع المطبوعات والإشراف على استيراد وتصدير الكتب والمطبوعات في سورية، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن المرسوم الذي صدر عام 2009 ألغى حصرية عمل الشركة في توزيع المطبوعات فأصبح لها منافسون من القطاع الخاص في السوق من خلال وجود شركات توزيع تقوم بنفس العمل ليتنافس الجميع على خدمة المطبوعة والقارئ بأسرع وقت وأفضل شكل، منوهاً إلى أن المرسوم عاملَ الشركة بالتوازي مع القطاع الخاص الذي يقوم بما تقوم به إيماناً منه بدور التكامل مع هذا القطاع وضرورة وجود شركاء في العمل، وهذا الأمر دفع الشركة للمزيد من الجهد وتطوير آليات عملها لتكون قادرة على المنافسة في السوق المحلية والعربية والدولية مستقبلاً.
معرض الكتاب الريفي المتنقل
ولأن أية مطبوعة إذا ما طُبِعَت وبقيت دون توزيع تصبح بلا قيمة لأن الهدف من طباعتها توزيعها وبالتالي نشر فكر وثقافة ومحتوى هذه المطبوعة فإن الشركة، كما أكد محمد، تحرص على القيام بهذه المهمة على أكمل وجه على صعيد الكتاب والصحف، فالصحيفة التي توَزَّع في دمشق عند ساعة محددة توَزَّع في المحافظات بالتوازي معها وبذات الوقت، مؤكداً أن الشركة تتمتع بموثوقية عالية حققتها عبر سنوات طويلة من العمل الجاد ومن خلال وكلائها الموجودين في كافة محافظات القطر وسرعة الإيصال والأمانة في إيصال المطبوعة للجهة التي أُرسِلَت إليها، مع إشارته إلى أن الشركة مسؤولة مسؤولية كاملة في حال تعرض المطبوع في طريقه إليها بأي سوء وتقوم بالتعويض عن أي ضرر يلحق بها، وهذا لم يحدث حتى الآن، معترفاً أن الأزمة التي مرت بها سورية أرخت بظلالها على عمل معظم مؤسساتنا، والشركة السورية للمطبوعات إحداها، فتأثر عمل الشركة بعد أن اقتصر توزيع المطبوعات في فترة من الفترات على بعض المناطق والمحافظات وبكميات قليلة، علماً أن الشركة، كما بيّن محمد استمرت في توزيع مطبوعاتها على المناطق التي حررها الجيش ولكن وأمام الواقع الذي نشأ بفعل الأزمة كان لا بد للشركة أن تبحث عن مصادر دخل بديلة لتستمر في العمل، فكانت فكرة الاستثمار في الكتاب، خاصة وأن الكتاب يحتفظ بقيمته الفكرية لسنوات طويلة، في حين أن الجريدة لا تحتفظ بقيمتها إلا لفترة محدودة، موضحاً أنه وفي ظل وجود فكر دخيل على المجتمع السوري وهو الفكر المتطرف الذي شكَّل خطراً وحاضناً للمجموعات الإرهابية التي روَّجت له وسائل الإعلام كان لا بد من اتخاذ إجراء من قِبَل وزارة الإعلام لمجابهة هذا الفكر ومقارعته من خلال إيصال الفكر التنويري إلى كل الأماكن، فأطلقت الشركة السورية لتوزيع المطبوعات معرض الكتاب الريفي المتنقل وهو اليوم في دورته الثالثة، مبيناً أن استهداف الريف يعود إلى أن نسبة الأرياف في سورية تصل إلى 80% ولأنه كان مستهدفاً بشكل كبير من قبل هذا الفكر المتطرف، لذلك كان من الضروري أن تذهب الشركة للأرياف التي قدرتها الشرائية أقل من المدن من خلال معارضها المتنقلة وبحسومات وصلت إلى ما بين 50 و80% بهدف إيصال الكتاب للجميع، والجميل برأيه أن هذه المعارض استُقبِلت في جميع المناطق التي وصلت إليها بحفاوة وإقبال كبيرين، وهذا كان أول مؤشر للنجاح الذي تم تحقيقه بنحو 1500 عنوان للكبار والصغار تم الذهاب بها إلى هذه المناطق، واللافت للانتباه برأيه أن شريحة الأطفال كانت الأكثر شراءً وانتقاءً للكتاب، مشيراً كذلك إلى أن فعاليات كثيرة كانت الشركة تقوم بها على هامش هذه المعارض كعقد عدة ندوات ثقافية وفكرية ومعارض فن تشكيلي وتكريم للأوائل والمتفوقين ولأسر الشهداء وجرحاهم ليتحول المعرض لمهرجان ثقافي، منوهاً إلى أن البعض أراد تصوير الريف السوري على أنه مقر للتكفير ولكن ما شوهد أنه مقر للتنوير والرغبة في القراءة والعودة للحالة الثقافية التي كانت تعم سورية، منوهاً إلى وجود جهات كثيرة تنتج الكتاب، ورغم تعدد هذه الجهات ما زلنا بحاجة لجهات أخرى لتوزيع الكتاب للوصول إلى الطموح المطلوب وأن عمل الشركة يتكامل مع عمل وزارة الثقافة واتحاد كتاب العرب واتحاد الناشرين السوريين لأن تضافر جهود هذه الجهات يشكّل مظلة أمان وحماية للفكر السوري.
القراءة للجميع
ولم ينكر محمد أن الشركة اليوم وأمام الهجمة التي يتعرض لها المقروء وفي ظل منافسة وسائل التواصل الاجتماعي له كان لا بد لها من العمل على نشر ثقافة القراءة بما لها من موثوقية عالية خلافاً لما نقرأه في الفضاء الافتراضي عبر وسائل غير موثوقة من خلال زيادة فعالية الشركة في إيصال الكتاب بما يحمله من فكر وثقافة وملامح معروفة ومحددة، خاصة وأن ما يُنشر في وسائل التواصل صفحات رأي قد يكون فيها الكثير من التضليل، لذلك كان من الضروري العمل على زيادة وعي المجتمع السوري وإيصال الحقيقة من خلال الكتاب، ولأن من يريد أن يقرأ لا يملك ثمن الكتاب، ومن يملك ثمن الكتاب لا يقرأ معادلة قائمة نوعاً ما في مجتمعنا تسعى الشركة للوصول إلى حالة القراءة للجميع، مشيراً إلى أن هناك مجموعة من الخطط ستنطلق بها الشركة قريباً لتفعيل ذلك حيث ستطلق قريباً ما يسمى باليوم الثقافي برعاية من قبل وزارة الإعلام وهو عبارة عن ندوة شهرية تدعو فيها الشركة كاتباً مع مؤلَّفه لقراءته أمام جمهور نخبويّ ونقاد وصحفيين ومهتمين ومناقشة هذا المؤَلَّف مع حفل توقيع له وإمكانية البيع والترويج للكتاب، فنحن بلد يقرأ ولا خوف على بلد يقرأ، مع تأكيده على ضرورة السعي الدائم لتعميق ثقافة القراءة، وما يحزن أ.محمد اليوم أن جزءاً من الأراضي السورية لا تصل إليه مطبوعات الشركة لسيطرة الإرهابيين عليه وستعود إليها بمجرد تحريرها، فأينما يصل الجندي السوري ستصل المطبوعة.
مؤشر صحة وعافية
أما على صعيد الصحف فقد أكد محمد أنه ولأول مرة على صعيد الصحف تصل اليوم لمستويات وأرقام بيع بنسبة 83% كما يصل بعضها إلى نسبة 93% وهذا مؤشر صحة وعافية، ومع الزمن سيكون هناك ثبات واستقرار في مستويات القراءة وزيادة عدد النسخ الموزعة.. ولم يخفِ أن الصحف المحلية في فترة من الفترات كانت تُطبَع لتوزع على 22 مليون سوري، واليوم وبسبب الإرهاب الذي فعل فعله من تهجير وقتل وبسبب انخفاض حاد في مستوى القراءة أصبحت الصحف السورية تُطبع لتوزع لعدد أقل من السكان، ولكن اليوم ومقارنة مع ما سبق فإن نسب التوزيع بيعاً للصحف هي الأعلى والأفضل بعيداً عن التوزيع المجاني، وبالتالي فإن كل الإحصاءات تفيد بكميات البيع من الصحف وهو مؤشر جيد على نسبة التوزيع إذا ما قورنت الصحف السورية مع الصحف العالمية، منوهاً إلى أن أعلى نسبة للمرتجعات بالعموم تكون في العطل الرسمية، لكن المعدل العام يرتفع لـ 83% وأكثر في بقية الأيام لتكون مرتجعات الصحف من المحافظات 0% أما ما يتعلق بالصحف العربية التي تدخل لسورية فبيّن محمد أن سورية فضاء مفتوح ليس لديها تحفظ على أية صحيفة، وبالتالي فإن غياب بعض الصحف عن السوق السورية لا علاقة لوزارة الإعلام به إلا أن بعض الصحف تأثرت بالحملة التي شُنَّت على سورية وانساقت وراءها فكان قرارها عدم دخول سورية، مؤكداً أن وزارة الإعلام ترحب بعودة أية مطبوعة تحترم فكر ونهج سورية.. واليوم لدى الوزارة عروض لعودة بعض هذه الصحف، موضحاً أنه ومنذ أيام تم توقيع عقد لإعادة تصدير الصحف السورية إلى لبنان وقد تم التوقيع واتُّخِذت الخطوات الأولى في الشركة للتنفيذ وللانطلاق نحو الأسواق الخارجية، والمجال مفتوح أمام كل الصحف الراغبة بالعودة إلى السوق اللبنانية وبأسعار منافسة جداً حيث ستتحمل الوزارة عبء النقل وتكاليفه لتصل هذه الصحف إلى السوق اللبنانية ولتكون موجودة حيث يوجد الجمهور السوري، مع التأكيد على أن الشركة لا تستهدفه فقط بل تستهدف الجمهور العربي بشكل عام.
كما أكد محمد أن الشركة لا تقوم بدور الرقابة على أية مطبوعة تصل إلى الوزارة، فالوزارة هي التي تقرر السماح لمطبوعة بالدخول إلى سورية من خلال جهات مختصة تقوم بتقييم محتوى هذه المطبوعات، وبالتالي ليس هناك موقف مسبق اتجاه أية صحيفة أو مطبوعة، وما يحدد السماح أو المنع هو المحتوى الفكري للمطبوعة ومدى انسجامه مع الفكر السوري والتوجه السياسي والثوابت السورية.
الشركة حاضنة للجميع
وعن آلية عمل الشركة بيّن أنه وبعد صدور الكتاب من قبل المؤلف أو دار النشر تقوم الشركة بتوقيع عقد مع الدار أو المؤلف لتوزيعه في سورية، مؤكداً أنه لا يُفَضَّل كتاب على آخر ولا مؤلف على آخر، والشركة حاضنة للجميع، لذلك فإن كل من يرغب بتوزيع كتابه عن طريق الشركة يأتي إلى الشركة ويتم ذلك بناءً على طلبه، مشيراً إلى أن لدى الشركة 1600 مَنفذ بيع موزعين في سورية، بالإضافة إلى إقامتها لمجموعة من المَعارض، وبالتالي فإن كلّ من يرغب في استثمار هذا المكان يمكنه فعل ذلك بالتواصل الشخصي مع الشركة، منوهاً إلى أن لدى الشركة مَنافذ بيع دائمة في لبنان، والعودة لمصر والعراق ستكون قريباً لأن الكتاب السوري مطلوب ومرغوب من قِبَل الجميع، وهذا ما يتم لمسه خلال مشاركات الشركة في المَعارض.. ولمواكبة التطورات التقنية في عصرنا أوضح محمد أن نهج وزارة الإعلام اليوم هو تقديم الكتاب المطبوع والمسموع والمرئي والعمل على توزيعه، منوهاً إلى أنه وعلى الرغم من طغيان وسائل التواصل ما زال للكتاب مكانه ولن تؤثر هذه الوسائل على هذه المكانة، حيث لا يوجد برأيه من لا يقرأ كتاباً على الرغم من كل ما لدينا من وسائل متطورة، مع تأكيده على أن القراءة فعل تعوّد وتراكم وليس فعلاً يأتي بالصدفة.. من هنا فإن الشريحة المستهدفة دوماً يجب أن تكون الأطفال، لتعويدهم على القراءة بعيداً عن المناهج، مؤكداً أنه مطمئن لمستقبل المطبوع رغم وجود وسائل التواصل التي تتيح أحياناً فرصة القراءة الالكترونية للكتاب، إلا أن التجارب أثبتت أنه لا غنى عن امتلاك الكتاب المطبوع ولكن هذا الكتاب برأيه يحتاج للتطوير.. من هنا يتساءل ما المانع أن نجمع بين الكتاب ووسائل التواصل مستفيدين من هذه الوسائل لخدمة الكتاب خاصة وأن المستقبل هو للكتاب المقروء والمسموع والمرئي.. من هنا يجب التفكير اليوم بتطوير الشركة وإعادة إعمارها، وأشار إلى أنها تلقى الدعم من وزارة الإعلام ورئاسة مجلس الوزراء.
ونوّه محمد إلى أن الشركة السورية للمطبوعات مثلها مثل أية مؤسسة أخرى تعاني من صعوبات ذاتية وأخرى خارجية لها علاقة بالوضع العام الذي تعيشه سورية، ومع هذا استطاعت أن تتجاوز الكثير من الصعوبات التي كانت تقف عائقاً أمام التنفيذ الأفضل لعملها، لذلك تسعى اليوم لتأهيل البنية التحتية لها لتكون قادرة ومستعدة للعودة إلى السوق والمنافسة محلياً وعربياً ودولياً حيث ستوقع الشركة قريباً عقود شراء سيارات حديثة إلى جانب وضع نظام توزيع عالمي.
أما الصعوبات الأخرى فتكمن في الحصار الجائر على مؤسسات الدولة حيث توقفت دور نشر عربية كثيرة عن التعامل مع الشركة، في حين بقي عدد منها، والشركة تكن لها كل الاحترام والتقدير لإدخال إصداراتها إلى سورية.
أمينة عباس