أفق جديد؟؟
طوى يوم أمس مرحلة طويلة من عمل المجالس المحلية الممدّد لها بكل مستوياتها وتسمياتها، وطبعاً لن تجدي نفعاً عمليات النبش في مخالفاتها، وإعادة تقليب صفحات أدائها أو تقييم أعضائها من حيث العمل والرضى الشعبي، بل من الأجدى تحييد تلك الفترة بكل ما عليها من ملاحظات وانتقادات مستندة إلى حقائق وإثباتات، والتطلع إلى مرحلة عمل جديدة في قطاع الإدارة المحلية عبر ما رسمته الصناديق الانتخابية من خيارات وطنية، سواء عبر قوائم الوحدة الوطنية أو تلك المدرجة في خانة المرشح المستقل.
ولا شك أن الآمال المعقودة على المجالس الجديدة تحمّل كل من ينضوي في منظومة عملها مسؤوليات كبيرة خلال الفترة القادمة، سواء على صعيد العمل والأداء والتعاطي الإيجابي مع قضايا الناس، أو لناحية الالتزام الأخلاقي تجاه ثقتهم بما يُسقط تلك الصور السوداء الملوثة بالفساد من الذاكرة، ويفتح الباب أمام رؤى متقدمة من العمل المحلي المشبع بالإنجازات والخطوات الحقيقية الضامنة للمشاريع الخدمية بكل مجالاتها. وهنا لابد من التأكيد على أن النجاح هنا يمثّل أبوة الدولة ويعزّز موقع مؤسساتها في حياة المواطن، فأهمية عمل المجالس المحلية أنها تجمع بين تقديم الخدمات اليومية التي عانت دائماً من التقصير والإهمال، سواء في النظافة أو في تعبيد الطرقات وتحسين واقعها أو في الأعمال الإدارية التي هي على تماس مباشر بمصالح المواطن، وبين المشاريع الكبيرة في التخطيط والتنظيم والعمران والتي -للأسف- لم تسلم أيضاً من المخالفات والتجاوزات والعجز في تحقيق أهدافها وبشكل أدان المجالس المحلية ووضعها في محل اتهام دائم بالفساد!.
واليوم ورغم أجواء الارتياح لانتخابات الإدارة المحلية التي تسود في الشارع، إلا أنها لم تلغِ شرعية الكثير من التساؤلات حول مصير المخالفات السابقة، وعن إمكانية تفعيل المحاسبة والمساءلة وإيقاظ العديد من الملفات النائمة في الإدراج، وذلك بما يهدّئ ضجيج الشارع وهدير مخاوفه وتساؤلاته حول إمكانية إفلات المخالفين من قبضة المحاسبة، فيكونون بذلك مثالاً صارخاً عن إحباط منظومة الإصلاح، وهنا التحييد الزمني يدين الجميع دون استثناء، فقد تساهم يد المحاسبة في اجتراح تلك الأفكار السوداء الحالمة بالإثراء والنافثة للغايات النفعية الشخصية على حساب المصلحة العامة من مخيلة بعض العابرين اليوم إلى المجالس المحلية ومكاتبها التنفيذية أي (قطع رأس القط من الليلة الأولى).
وبلغة الأمل نقول: لاشك أن انتخابات الإدارة المحلية شكّلت بوابة للتفاؤل والعبور إلى مرحلة جديدة انتظرها السوريون المتطلعون إلى المستقبل الذي يمثّل الانتصار الحقيقي للشعب السوري، فهي محطة مهمّة في الحياة الدستورية والسياسية للمجتمع السوري، خصوصاً وأنها تتوّج انتصارات المعركة الوطنية للدفاع عن الوطن، وتأتي بعد ثماني سنوات من المعاناة لتكون أحد معابر الخلاص وتسريع التعافي والانعتاق من فوضى الحرب والمعاناة إلى مرحلة الإعمار والاستقرار بكل تصنيفاته وأشكاله.
بشير فرزان