معركة إدلب.. ونهاية البلطجة الأمريكية
إذا لم تستحِ فافعل ما شئت … والإدارة الأمريكية وحلفاؤها وصلوا في ممارسة عدم الحياء إلى حد يستحقون عليه دخول موسوعة غينيس … لكن متى كان الغرب يقيم وزناً للأخلاق في تعامله مع غيره من الدول؟، ومتى كان يستخدم وسيلة غير الغطرسة والتآمر والعدوان؟…
كل تاريخهم الاستعماري القبيح يؤكد أنهم لا يتورعون عن ارتكاب أفظع الجرائم في سبيل تحقيق أهدافهم ومصالحهم الدنيئة، ولا روادع أخلاقية أو إنسانية أو قانونية يمكن أن تمنعهم، ولم يزدهم التقدم الحضاري الذي يتباهون به، والذي بُني على نهب ثروات البلدان، وإبادة شعوبها، إلا توحشاً، وإمعاناً في الإجرام…
في سورية لم يكفهم ما ارتكبوه من قتل وتدمير على أيدي صنائعهم من الإرهابيين التكفيريين، فها هم يستمرون في التصعيد والضغط والتلويح بالعدوان، متوهمين أنهم قادرون على منعها من تحقيق نصرها النهائي على الإرهاب، وتحرير أرضها من كل احتلال أجنبي، وأن بإمكانهم إجبارها على القبول بالحل الذي يُغيّر نظامها السياسي الوطني، ويجعله نظام محاصصة طائفية تابعاً للخارج، وينهي دورها العروبي المقاوم، وطموحها الوطني والقومي النهضوي. وفي سبيل وصولهم إلى هذه الغاية، فإن كل الوسائل مباحة، بما في ذلك مساعدة الإرهابيين على القيام بهجوم كيميائي في إدلب، واتهام الجيش العربي السوري بارتكابه، وهم في هذا السياق لا يتورعون عن توجيه الاتهام، والإقدام، من ثم، على العدوان حتى قبل ارتكاب الجريمة من قبل جماعاتهم الإرهابية، ولا سيما ” الخوذ البيضاء” سيئة الذكر…
إنها محاولة مستميتة من قبل أمريكا وحلفائها، ليس لكسب المعركة الأخيرة من الحرب، فهذا ما يدركون جيداً أنه مستحيل، بل لمنع الجيش السوري من كسبها. فتحرير إدلب من رجس الإرهاب لا يعني اكتمال هزيمة المشروع الأمريكي الصهيوني الرجعي في سورية فقط، بل يعني أيضاً نهاية حقبة البلطجة الأمريكية التي أذاقت دول العالم المستقلة، منذ انهيار الاتحاد السوفييتي، الويلات، وأصبحت بعد أحداث 11 أيلول 2001 في نيويورك شكلاً غير مسبوق من التوحش الذي حصد أرواح ملايين الضحايا في منطقتنا…
إنها الغطرسة الأمريكية المشرفة على الزوال تزداد، لهذا السبب، تغولاً، في محاولة لإيقاف عجلة التاريخ التي يحركها الجيش العربي السوري وحلفاؤه.
إن تحرير إدلب هو في بعده الدولي الذي يرعب أمريكا مدخل حتمي لانتهاء قانون الغاب الذي يطبقه الوحش الأمريكي على الشعوب، وإعادة الاعتبار للقانون الدولي، وتحرير الأمم المتحدة من سيطرة واشنطن التي حوّلتها إلى أداة سياسية لخدمة أهدافها العدوانية ضد الدول المستقلة والشعوب الحرة.
ولذلك تلجأ أمريكا لاستخدام كل أوراقها القذرة في هذه المعركة…، وستذهب في التصعيد إلى آخر مدى…، ولن تتورع وحلفاؤها عن ارتكاب العدوان الذي تهدد به، علماً أن هذا العدوان لن يكون الأول، فقد سبقته عدوانات أخرى فشلت فشلاً ذريعاً في تغيير معادلة الميدان، وأن الاعتداءات الصهيونية المتكررة على سورية هي أحد تطبيقات السياسة العدوانية التي تقودها الولايات المتحدة ضد هذا البلد الذي لا يقبل الخضوع…
ويبقى الدافع الخفي للسعارالأمريكي، مهما بدا هذا السعار مخيفاً، هو شعور الإدارة الأمريكية بأنها هي الطرف الخاسر في النهاية، حتى وإن استطاعت تأخير الانتصار السوري الكبير بعض الوقت.
محمد كنايسي