نحو النسخة 61
يوحي واقع العقود المبرمة خلال الدورة الستين لمعرض دمشق الدولي، غير المحصاة حتى اللحظة، بأن الوحدة المالية لقيمها مجتمعة ستكون أغلب الظن بـ”مليار دولار” وليس بـ”مليون”!. فقطاع الأعمال الذي كان حاضراً بقوة كان له حظوة من هذه العقود، ما يحمّله بالمحصلة مسؤولية تمتين أواصر التعاون والتشبيك المستمر مع نظرائه العرب والأجانب، بما ينعكس بالنتيجة على التنمية الاقتصادية ككل.
وإذا ما اعتبرنا أن قطاع الأعمال حامل أساسي للتنمية، شريطة العمل وفق الإستراتيجية الاقتصادية العامة للدولة، فإن مسؤوليته هذه تتضاعف باتجاه الاجتهاد لإقامة استثمارات إنتاجية قوامها الأساسي الاشتغال على العملية الإنتاجية برمتها، سواء تلك المتعلقة بمبدأ العناقيد الصناعية كأساس للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وذلك ضمن سياق التوظيف المحكم لها في خارطة استثمارية ذات أبعاد إستراتيجية، أم باتجاه الانخراط في تأسيس الشركات الكبيرة المساهمة العامة.
لقد لمس أغلبنا ما أعادته أضواء المعرض على مدى تجاوز العشر ليال، للسوريين ألق الماضي وعبق الألفة فيما بينهم، ما أعطى بهاءً أكثر لصورة المشهد الاقتصادي بكل حيثياته، هذا من ناحية الشكل. أما من ناحية المضمون فقد أنبأت المباحثات والمفاوضات التي جرت في زوايا مدينة المعارض وأركانها وما تمخّض عنها من عقود وصفقات تجارية واستثمارية، بمدى شغف العالم لسورية كأرض لا تزال خصبة للاستثمار، ما يضع كلاً من الحكومة وقطاع الأعمال على محك إعطاء زخم أكبر لمنتجاتنا، والاشتغال على تظهير واستنهاض فرصنا الاستثمارية، واستدراك ما فاتنا في الدورة الأخيرة من مسائل منها ما له علاقة بالمضمون كالإسراع –مثلاً- في إصدار قانون الاستثمار المرتقب وما يتضمنه من مزايا تشجيعية للاستثمار، وخاصة تبسيط الإجراءات.
بالنهاية يمكننا القول: إن الدورة ستين لمعرض دمشق الدولي ساهمت إلى حدّ كبير في تمهيد الطريق بشكل أوضح من سابقتها، للدورة اللاحقة (61)، سواء لجهة تكريس ارتفاع عدد الدول والشركات المشاركة، أو لجهة المزيد من تحصيل العقود الاستثمارية والتصديرية، بالتوازي مع العمل وفق حقيقة وجود تفاصيل تنبئ بأن تأثير الدورة ستين لن ينتهي بانتهائها، بل سيبقى مستمراً على الأقل بالنسبة لمن شارك بهدف معاينة الوضع الاقتصادي في سورية، فمن جاء ليعاين سيضطر لدى عودته إلى بلاده لدراسة ما عاينه واستشارة من حوله عما شاهده، وبالتالي فقد نقل صورة ما قد تؤثر بمن استشاره.
حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com