روسيا: “الطاقة الذرية” تعمل انطلاقاً من اعتبارات سياسية السفير آلا: تقارير لجنة التحقيق حافلة بالمعلومات المغلوطة
في معرض رده على التقرير الأممي حول الوضع في سورية، أكد السفير حسام الدين آلا المندوب الدائم للجمهورية العربية السورية لدى مكتب الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى في جنيف رفض سورية للنهج الأحادي المنحاز الذي تتسم به تقارير لجنة التحقيق الدولية في مقاربتها المسيسة للأوضاع في سورية، مشدداً على أن التقرير المعروض على المجلس خلال الدورة الحالية يسجل سابقة جديدة في اعتماد المعايير المزدوجة بشكل فاضح، ويخلط بين التقييم السياسي والعمل المهني، وحافل بالأرقام والمعلومات المغلوطة والأحكام غير المنطقية والاتهامات المتناقضة.
وفيما أكد مندوب روسيا الدائم لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية ميخائيل أوليانوف أن التقرير الذي قدمته الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول سورية لا يحتوي على أي دليل يؤخذ به ضدها، مشدداً على أن أولئك يعملون انطلاقاً من اعتبارات سياسية انتهازية، حذر كاتب بريطاني من أن حكومة بلاده تفكر في الذهاب للحرب ضد سورية دون الاستناد إلى مبررات قانونية.
وفي التفاصيل، قال السفير آلا في بيان ألقاه أمس أمام الدورة التاسعة والثلاثين لمجلس حقوق الإنسان في جنيف البند الرابع حول مناقشة تقرير لجنة التحقيق بشأن الأوضاع في سورية: تشجب الجمهورية العربية السورية التعامل السلبي المسيس للتقرير مع جرائم الحرب وانتهاكات القانون الدولي التي ارتكبتها قوات النظام التركي ومرتزقته في الشمال السوري وجرائم قوات التحالف غير الشرعي الذي تقوده الولايات المتحدة وحلفاؤها ومرتزقتها في الشمال الشرقي من سورية وجريمة العدوان الثلاثي على سورية التي تشكل خرقاً واضحاً للقانون الدولي ولميثاق الأمم المتحدة، مبيناً أن جرائم القوات التركية الغازية ومرتزقتها التي يغطيها التقرير في منطقة عفرين السورية بما فيها الاستهداف العشوائي والمتعمد للمدنيين وممتلكاتهم، وتدمير المواقع الأثرية المصنفة من اليونيسكو كمواقع محمية، واستهداف المشافي والطواقم الطبية والقوافل الإغاثية، والتسبب بتهجير مئات الآلاف من السكان المدنيين من بيوتهم هي انتهاكات للقانون الدولي الإنساني وجرائم حرب، لكن التقرير يكتفي بمنطق السرد السياسي، ويتهرب من التوصيف القانوني لها ومن تحميل مرتكبيها المسؤولية عنها، ويمارس التلاعب، ويسوق للمبررات التركية التي تنتهك القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، بل ويتبنى التبريرات التركية، ويرفقها بتقريره.
وأوضح آلا أن هذا الأسلوب مماثل لسياسة التلاعب التي تتصف بها تقارير اللجنة في تجاهل جرائم الحرب التي يرتكبها التحالف الدولي غير الشرعي الذي تقوده الولايات المتحدة على الأراضي السورية والذي دمّر مدينة الرقة فوق رؤوس ساكنيها وسط صمت لجنة التحقيق، وقتل، وشرد عشرات الآلاف بذريعة مكافحة إرهابيي داعش الذين سهلت الولايات المتحدة خروجهم من المدينة، ونقلهم لاستخدامهم في قتال القوات المسلحة السورية في مناطق أخرى.
وتابع السفير آلا: إن الجمهورية العربية السورية تشجب إطلاق تقارير اللجنة الاتهامات الجزافية بشأن الاستهداف المتعمّد للمناطق المأهولة ومحاولاتها تبرير القصف العشوائي المتعمّد للأحياء السكنية بمدينة دمشق الذي مارسته الجماعات الإرهابية، وتطالبها بالتوقف عن الاستناد إلى روايات أطراف غير محايدة وغير نزيهة وعن تبني تقارير حكومات معادية للحكومة السورية، وتعرب عن استغرابها من إصرار معدي تقارير اللجنة على اتهام الحكومة السورية بعدم اتخاذ الاحتياطات اللازمة لحماية المدنيين في الوقت الذي عملت فيه الحكومة على إقرار ترتيبات للتهدئة، ووقف الأعمال العدائية، وتفضيل خيار المصالحات الوطنية، وإعطاء المسلحين الفرصة لتسليم أسلحتهم وتسوية أوضاعهم حفاظاً على حياة المدنيين في مناطق وجودهم، ولفت إلى أن حكومة الجمهورية العربية السورية أكدت تكراراً التزامها بقواعد القانون الدولي الإنساني في كل العمليات التي تقوم بها القوات المسلحة السورية، واتخذت كل الإجراءات الممكنة لحماية المدنيين خلال عمليات تحرير مناطقهم من تسلط المجموعات الإرهابية المسلحة في الغوطة الشرقية والجنوب السوري وغيرها.
وقال السفير آلا: إنه فيما يتعلق بمحافظة إدلب فإن الدولة السورية عازمة على تحريرها من تنظيم جبهة النصرة المصنف ككيان إرهابي من قبل مجلس الأمن ومن التنظيمات المرتبطة به، وإعادة بسط سلطة الدولة استجابة لنداءات الشعب السوري الذي يطالب دولته بالتدخل لحمايته من جرائم الإرهابيين، وأضاف: وخلافاً لحملات التشويه التي تروج لها بعض الدول الداعمة للإرهاب وبعض موظفي الأمم المتحدة فإن حماية المدنيين هي في صلب اهتمام الحكومة السورية التي تحرص على تغليب نهج المصالحات، واتخاذ كل الاستعدادات اللازمة لتوفير الممرات الآمنة، وتأمين المدنيين، وتوفير احتياجاتهم الأساسية بالتعاون مع الوكالات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة.
وتابع السفير آلا: إن الجمهورية العربية السورية أكدت تكراراً عدم امتلاكها السلاح الكيميائي وإدانتها استخدام الأسلحة الكيميائية في أي مكان أو زمان وتحت أي ذريعة باعتباره عملاً غير أخلاقي، كما تنفي بشكل قاطع في هذا الإطار مزاعم معدي التقرير حول مسؤولية الحكومة السورية عن استخدام الأسلحة الكيميائية، وتشجب استمرار اللجنة بترويج اتهاماتها المجافية للحقيقة، وإصرارها على الخروج عن اختصاصها، وإقحام نفسها في ولاية هيئات دولية صاحبة الاختصاص في هذا المجال، مبيناً أن استمرار اللجنة في الترويج لهذه الاتهامات الخطيرة استناداً إلى تحقيقات تخرج عن اختصاصها، وتتجاهل متطلبات اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية وقواعد التحقيق المستقل والنزيه يضع اللجنة في خانة التواطؤ وتوفير الذرائع للعدوان العسكري على سورية وخدمة الأهداف السياسية لمرتكبيه، وأكد السفير آلا أن الجمهورية العربية السورية حريصة على عودة كل أبنائها الذين اضطرتهم الأوضاع التي خلقها الإرهاب والإجراءات القسرية الأحادية للنزوح بعيداً عن بيوتهم ومناطق سكنهم ووطنهم، وتعمد في هذا الإطار إلى توفير التسهيلات لعودتهم بكرامة الى بلدهم.
وقال: إنه من المثير للاستغراب أن يتجاهل معدو التقرير بيان الحكومة السورية الصادر في العاشر من شهر تموز الماضي حول عودة اللاجئين والنازحين وقرار مجلس الوزراء بشأن إحداث لجنة تنسيق وزارية لتنسيق إعادة المهجرين والنازحين إلى مدنهم وقراهم التي هجروا منها بفعل الإرهاب، وهي إجراءات قادت إلى عودة مئات الآلاف من النازحين قسراً داخل وخارج بلدهم إلى مناطقهم الأصلية بما في ذلك عودة الآلاف من أبناء مدينة داريا الذين سبق للجنة أن تبنت أكاذيب الأطراف المعادية للحكومة السورية بشأنهم، كما تستغرب سورية تبني تقرير اللجنة للمزاعم غير الصحيحة بشأن القانون رقم 10 وتجاهلها الكامل للتوضيحات والإجابات التي قدمتها الحكومة السورية في وثائق رسمية إلى الأمم المتحدة.
وختم السفير آلا بيانه بالقول: إن استمرار اللجنة في إنتاج تقاريرها بطريقة تبتعد عن مبادئ الحياد والموضوعية، وإصرارها على توجيه اتهاماتها المسيسة بطريقة تشوه الحقائق، وتتبنى ما تروجه الأطراف والدول الراعية للإرهاب لا يساهم في تعزيز مناخات التسوية السياسية، بل يشجع المجموعات الإرهابية ورعاتها على الاستمرار في جرائمهم وفي إطالة أمد الحرب على سورية.
إلى ذلك قال مندوب روسيا الدائم لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية ميخائيل أوليانوف في كلمة له أمام دورة مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا: إن سورية تعتبر مثالاً واضحاً على كيفية تلفيق ملف عدم الانتشار النووي لها دون أي أسباب موضوعية، مبيناً أن ذلك يتم فقط على أساس الابتزاز والتفسير المتحامل والمسبق للمعلومات التي لا علاقة لها بالضمانات، وأضاف: لو التفتنا إلى الوراء سيبدو الأمر وكأنه تجربة لاختبار مفهوم الضمانات على مستوى الدول، ويبدو واضحاً جداً ومنذ فترة محددة أنه حتى التقيد الصارم بالتزامات عدم الانتشار النووي بات لا يحمي من الاتهام بانتهاكها في حال وجود سبب ودوافع سياسية لذلك.
وأوضح أن هذه التدابير والممارسات تجاه سورية تقوّض مصداقية نظام ضمانات الوكالة، وتحمل في طياتها عواقب سلبية خطيرة على نظام معاهدة عدم الانتشار النووي.
وقال أوليانوف: إن الوكالة تؤكد وفاء الحكومة السورية بالتزامات عدم الانتشار النووي، وإن محاولات رفض هذه النتائج هي مسيسة، مشيراً إلى أن تقرير المدير العام للوكالة حول تنفيذ ضماناتها لعام 2017 ينص بوضوح على أن سورية امتثلت بالكامل لجميع التزاماتها بموجب اتفاق الضمانات الشاملة، وأنها لا تنتهك شيئاً، وهي تستخدم جميع المواد النووية المعلنة لديها بدقة للغرض المقصود، ولا توجد أي مؤشرات على تحويل هذه المواد لأغراض غير معلنة.
وشدد أوليانوف على أن أولئك الذين يحاولون دحض هذه الاستنتاجات يعملون انطلاقاً من اعتبارات سياسية انتهازية، ولم يتمكنوا خلال سنوات عديدة من دعم هجماتهم على سورية بأدلة ذات مصداقية، مشيراً الى أن المواد المنشورة بشكل علني في التحقيقات الصحفية المستندة إلى مذكرات مسؤولين أمريكيين رفيعي المستوى والمقابلات مع موظفي الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعتبر تأكيداً إضافياً لزيف تصريحاتهم.