أخبارصحيفة البعث

مع الأحداث معركة تعرية الداعمين

 

بعيداً عن مواقف النظام التركي، وانقلابه على تفاهمات قمة طهران، وتكثيفه إمداد المجموعات الإرهابية المسلّحة، بمختلف مسمياتها، بالسلاح والدعم اللوجستي للحيلولة دون تحرير إدلب من “النصرة” والتنظيمات المرتبطة بها، وإعادة المدينة إلى كنف الدولة السورية، على غرار المناطق الأخرى التي حررها الجيش العربي السوري من الإرهاب، تخرج المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل لتؤكّد أن بلادها لا يمكن أن تدير ظهرها لما سيجري في الشمال السوري، وأن برلين ستتخذ قراراً منفرداً بما يتفق مع دستورها والتزامها البرلماني، وانضم إليها داعمو الإرهاب، ممن يملأ صراخهم أروقة “المنظمات الأممية”، على غرار ما فعلوا عندما كان الجيش السوري بصدد تحرير الأحياء الشرقية من حلب والغوطة الشرقية ودرعا وريفها.

كلام ميركل يؤكّد بحثها عن دور ما في مرحلة ما بعد تحرير سورية من الإرهاب، وهي التي خرجت وأخرجت بلادها من معادلة التوازنات الدولية التي رسمتها معارك الجغرافيا السورية ضد الإرهاب، هذا من جهة، ومن جهة ثانية تحاول “المرأة الفولاذية” تعويض خسارة شعبيتها في الداخل الألماني، والابتعاد قدر المستطاع عن حلف الرئيس الأمريكي، وإعادة اصطفاف بلادها في النسق الذي بدأ يتبلور في الشرق، ولكن ذلك مصيره الفشل المحتوم، خاصة وأن البرلمان الألماني أكد أن مشاركة الجيش الألماني في عملية عسكرية محتملة في سورية ستكون مخالفة للقانون الدولي والدستور الألماني، وأن أي تحرّك يقوم به الجيش السوري لطرد التنظيمات الإرهابية من إدلب هو حق سيادي مشروع تكفله مبادئ القانون الدولي، وميثاق الأمم المتحدة، وقرارات مجلس الأمن الخاصة بمكافحة الإرهاب، وتفاهمات أستانا، لمن لا يزال ملتزماً بها.

إذا ما بدأت معركة إدلب، لا شك أن من يفرّ من الإرهابيين سيعود إلى موطنه الأصلي، بما في ذلك ألمانيا، وسيكون لذلك تبعات داخلية لجهة انتشار الجريمة والقتل والإرهاب، وعندها ستقع ميركل، التي تتنكر للقوانين الدولية، في شر أعمالها، وبما يهدد مستقبلها السياسي، وتصبح كبطة عرجاء، كالذين سبقوها إلى ذلك.

ليست ميركل وحدها التي تخشى معركة إدلب وتبعاتها، فقد أعلن قبلها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بأنه هو أيضاً سيقوم بعمل عسكري منفرد في سورية، وذلك في تناغم بين ماكرون الذي يبحث عن موطئ قدم بين الكبار، وميركل التي تبحث عن دور قيادي في العالم. لا شك أنها معادلة صعبة على الطرفين، والرابح فيهما سيمنى بخسارة لم تكن في حسبانه على الإطلاق. وحده وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان أشار بشكل صريح لما تضمره بلاده وباقي الدول الأوروبية، عندما كشف عن أن السبب الحقيقي لخشية أوروبا من معركة تحرير إدلب، هو أن تتسبب المعركة بانتقال الإرهابيين إلى أوروبا، وأن الخطر الأمني قائم ما دام هناك الكثير من التكفيريين المنتمين إلى “القاعدة”، الذي يقدّر عددهم بين 10-15 ألف إرهابي، حسب إحصائيات الأمم المتحدة، وهؤلاء قد يشكلون خطراً على الأمن الأوروبي في المستقبل، كما أقرّ لودريان بنفسه.

إذاً، معركة إدلب ستكون مزعجة للدول الأوروبية كونها تختلف عن باقي المعارك التي جرت في حلب وحمص والغوطة ودرعا، إنها باختصار معركة تعرية الممولين والداعمين، وتحرير إدلب سيدق المسمار الأخير في نعش الإرهاب، العابر للقارات، وسيحبط آمال المراهنين عليه، من التحالف الأطلسي الوهابي الأردوغاني، والذي استثمر مليارات الدولارات فيه.

علي اليوسف