جائــــزة الدولــــة التقديريــــة للسيــــد والفيومــــي وأبو عفـــــش
أقامت وزارة الثقافة مساء أمس في مكتبة الأسد الوطنية حفل تسليم جوائز الدولة التقديرية للعام 2018 للفائزين السادة: د.محمود السيد والشاعر نزيه أبو عفش والفنانة التشكيلية أسماء الفيومي وذلك بحضور د.بثينة شعبان ووزير الثقافة محمد الأحمد الذي أكد أن حفل تسليم جوائز الدولة التقديرية حفل ثقافي رفيع المستوى يقام للاحتفال بمنح جوائز الدولة التقديرية لمن استحقوها بفضل ما قدموه لبلدهم وشعبهم من جهد فكري وتميز إبداعي في مجالات المعرفة على اختلافها، مهنئاً الفائزين بالجائزة مبيناً أنهم أهل لها، فعطاؤهم مشهود له وهو عطاء مميز له مكانته الرفيعة لدى كل من يعرفهم على كافة المستويات، فالدكتور محمود السيد معلّم وصديق وأستاذ وواحد من فرسان الفصحى المعدودين وعالم من علماء التربية ومنظّر ثقافي من طراز رفيع ارتبط اسمه بالفكر التربوي والأكاديمي والمجتمعي وله أكثر من 50 مؤلَّفاً في جميع المجالات، أما أسماء الفيومي فهي من رائدات الفن التشكيلي السوري، لوحاتها تزدحم بوجوه النساء والأطفال، والفن حسب ما تراه ليس فوضى بل هو خلق خالص، أما الشاعر نزيه أبو عفش فوصفه الوزير بأنه ذو الأعصاب المشدودة كأوتار الكمان، فهو موسيقار الكلمة، يحاول في شعره أن يوسع هذا الزمن الضيق ويزرع هذه الأرض الواسعة ويحفر الظلام الموحش كي نبصر أسماءنا في آخره، وأكد الأحمد أن المثقفين الحقيقيين هم خير عون لبلدهم في تخطي الصعاب ومواجهة المحن في الأزمنة الصعبة، فسورية تصمد وتنتصر بفضل قائدها وجيشها وأبنائها الصامدين وثقافتها العريقة .
كما بيّن الوزير في تصريحه للإعلاميين أن وزارة الثقافة تعمل ضمن منظار تكريم المبدع السوري، وما أجمل أن يُكَرَّم المبدع في وطنه ويتسلم الجائزة بنفسه لا بعد أن يرحل، ووزارة الثقافة سعيدة وهي تكرم قامات قدمت للوطن وللأجيال القادمة زاداً معرفياً وفنياً كبيراً، وهذا العام وقع الاختيار على ثلاثة أسماء كبيرة نعتز بها كسوريين، وسورية اليوم تنتصر بفضل قائدها وشعبها، وكذلك بفضل مثقفيها وفنانيها الذين استمدوا قوتهم من إرث الحضارة التي نمتلكها كسوريين.
أرقى أنواع التكريم
في حين أكد د.محمود السيد أن جائزة الدولة التقديرية حالياً لها طعم خاص ونكهة مميزة لأنها من الوطن وعلى أرضه، والوطن كما قال الراحل المؤسس حافظ الأسد هو ذاتنا والمعشوق الأول الذي لا يساويه أي معشوق، وأن تكريم الوطن لأبنائه يعد أرقى أنواع التكريم وأنبلها، فقيمته المعنوية عالية علو علَم الوطن الخافق والمزين بدماء الشهداء قائلاً: “يا وطني المكرم والمكرم كم أنا فخور بك لأنك وطني وفخور بأني عربي سوري في هذه الأرض التي أبدعت، وكم في صفحاتك يا وطني شواهد على عمق حضارتك التي بها نعتز وكم كنت يا وطني عطوفاً علينا ومحباً لنا وموفراً لنا الظروف الملائمة للجد والنجاح والعمل والتفوق مقدراً جهود بنيك وجدير بنا نحن الأبناء أن نقابل الوفاء بالوفاء والعطاء بعطاء، وما أقل عطائنا اتجاه عطائك يا وطني، موضحاً د.السيد أن وقوفه اليوم بيننا ليس وليد صدفة أو نتيجة مواقف عابرة، بل كان محطة لنهاية درب وعر وشاق وطويل، فيه ما فيه من الألم والمعاناة والإيمان والعمل بصمت وصدق وعزيمة، متحدثاً عن الشاب الذي كان يبحث عن موطن قدم تحت سماء بلاده التي أحب وهو مزود بالعزيمة وحب العمل والبحث عن الدروب التي تؤدي للصعود، فبذل من رحيق نفسه جل إمكانياته فوصل إلى ما وصل إليه وهو الذي ما كان ليحلم يوماً أن يقف اليوم مكرماً من أمته على المستوى القومي بعد نصف قرن من العمل أمضاها في البحوث والدراسات والكتابة والتدريس والعمل الأكاديمي، مؤكداً أن عطاءه الفكري جله في مختلف المجالات لا يعادل قطرة دم واحدة بذلها شهيد في سبيل الوطن: “كلنا عابرون عبور السحاب في سماء ممتدة، فلنكن عابرين تاركين الأثر الخالد في العلم” موجهاً التحية لروح أمه التي غرست فيه بذور المثابرة والاجتهاد وكانت المثال الحي في التوجيه والتربية، ولرفيقة دربه التي وقفت إلى جانبه، وأساتذته وللوطن الذي احتضنه ورعاه ووفر التعليم المجاني ومستلزمات البحث والدراسة، ولوزارة الثقافة مترحماً على شهداء الوطن.
سورية جرح القلب
أما الفنانة التشكيلية أسماء الفيومي فقد توجهت بالشكر أولاً لوطنها ولوزارة الثقافة وبيّنت أن الفن انعكاس لكل ما يجري حولنا وهي التي حاولت دائماً أن تكون انتقائية في بوحها الذاتي، تتفاعل مع ما يجري حولها من حب وألم وموت ورغبة جامحة في الحياة، متشحة بمعطيات واقعها وتاريخها، تنشد عوالم تعشقها من الحب والتأمل والصفاء والسعادة، مؤكدة أنها واكبت في لوحاتها الحياة وما يحدث حولها من حروب وأحداث سياسية واحتجاجات إنسانية، فرسمتْ دمشق والأطفال والأمهات وغزة وقانا وحلب والنزوح الدائم من فلسطين والعراق ولبنان، والآن سورية جرح القلب .
الشعراء صناع أحلام
وأوضح الشاعر نزيه أبو عفش في كلمته أن الشعراء صناع أحلام أنفسهم وأحلام من يحبون، يستعينون على خذلانهم بما اخترعوه من أسلحة كوابيسهم وأحلام يقظتهم، والشعراء يربحون بقدر ما يحسنون إدارة خسائرهم وهم شحاذ جمال متنكرين في هيئات ملوك وأحياناً قديسون وأحياناً رعاة، وهم يغزلون الحسرة كلمة كلمة ويوقعون ضجر الأموات، ومع ذلك لا يشيخون ودائماً رؤوسهم محشوة بمكائد أطفال وهم ليسوا ورثة أرض ولا رسل سماوات.
أمينة عباس