اقتصادصحيفة البعث

“مجون” مالي…!!؟.

في عالم الاقتصاد.. هناك ثوابت عامة ودائمة لا تتغيّر بمرور الزمن، لأنها ترتبط بالحاجة الاقتصادية الاجتماعية للأفراد والجماعات والأوطان، المرتبطة بمعادلة الوفرة والندرة.

إن قلة وجود المال في خزينة دولة -مطلق دولة- يجعلها تراقب آلية صرف المال بدقة عالية، نظراً لعدم وفرة المال بشكل شبه متاح، نتيجة لعدم وصوله حكماً إلى الخزينة بالكميات التي تريد، وإنما بكميات محدودة خارجة عن سيطرتها، لذلك وجب عدم هدر المال من الخزينة.

وعليه فإن الخزينة الوطنية لها سقف إنفاقي (درجة عظمى للإنفاق)، إذ لو لم يكن لديها هذا السقف، فإنه لا وجود لأية مشكلة مهما عظمت، وبالتالي يمكن أن تصرف مليارات المليارات من الليرات السورية مثلاً ودون خوف، لأنه لا سقف ولا محدودية لها، أما حين يكون صرف أي مبلغ مرهوناً بأولويات وتوازنات وإيرادات مقابلة، فإننا نكون أمام وجوبية منع صرف أي مبلغ، لمجرد أننا نريد صرف هذا المبلغ!.

في ضوء ما أسلفنا وجب التدقيق في كيفية تساوي طرفي الميزانية في كل شركة (خاصة أو عامة) أو مؤسسة أو مجلس محلي أو وزارة، وهذا برسم المراجع التنفيذية والرقابية والتفتيشية والدراسات الاقتصادية، إن كان يهمها المناعة الوطنية أولاً وأخيراً، بعيداً عن خفافيش الظلام.

ما نطرحه من وجوب مردّه للملاحظ بشكل واضح للعيان، وجود شركات ومؤسسات وحتى وزارات تهدر الكثير من أموال خزينتنا، في الوقت الذي لا يتورَّع المسؤولون عن تلك الأموال، وفي كل مناسبة، عن “كسر يدهم” حين يُواجهون بمطلب تحسين المستوى المعيشي لأصحاب الدخل المحدود، وخاصة للعاملين في القطاع الحكومي..!.

مطلب ورغم أنه وصل لدرجة الاستحقاق اللازم التطبيق سريعاً، لكن ليس هناك أية مؤشرات جدية، بل وعود خلَّبية، تعكس مدى الفشل الذي وصلت إليه إدارة أموال الخزينة العامة!.

لكن المفارقة المفجعة، ليس الاقتصار على ما سبق، وإنما تعدي ذلك إلى الفشل أيضاً في إدارة أموالنا في قطاعاتنا الاقتصادية الصناعية والإنتاجية..!.

فحين نعلم أن هناك شركات أو مؤسسات، تعتمد السمسرة والمتاجرة، بدلاً من تنفيذها لما ورد في مراسيم أو قوانين إحداثها، القاضية بأن تكون مصنّعة ومنتجة، لا شك يجب التفتيش فيما تسمسر وتتاجر به، وكيف تنفق الأموال المرصودة لأعمالها الأصلية، لا الدخيلة غير المشروعة؟.

كما يجب كشف الحقائق المالية لتلك الجهات، ومع من تتعامل ولمصلحة من..، وهل هي فعلاً المستفيد في نهاية المطاف..؟، وهل فعلاً ترفد الخزينة العامة أم تستنزفها “وعلى عينك يا تاجر”؟!.

نعم هناك في قطاعاتنا الحكومية جهات تعمل بشكل ليس لمصلحة توفير وجني عائدات لخزينتنا العامة، بل لخزائن أخرى..!؟، والمصيبة أن ذلك يتم ولا أحد يحرك ساكناً..!؟.

يبدو أن هناك من يعمل لاستدامة هذا السكون..، ففيه الدَسِم  من “المجون” المالي..!!؟.

قسيم دحدل

Qassim1965@gmail.com