مهرجان خطوات.. آخر أيام الصيفية
تشهد مدينة اللاذقية هذه الأيام وقائع مهرجان”خطوات” السينمائي-الدولي للأفلام القصيرة، وذلك على مسرح المركز الثقافي بإدارة وتنظيم مجلس الشباب السوري، وبرعاية المؤسسة العامة للسينما، حيث سيعرض 44 فيلما من سورية، ودول عربية وأجنبية، طيلة أربعة أيام وهي مدة المهرجان.
المهرجان الذي انطلق في عام 2013، يسعى من خلال هذه الجهود إلى إحياء الثقافة السينمائية في مدن أخرى غير العاصمة، ويقدم فرصة للسينمائيين السوريين لتقديم أفلامهم، والاطلاع على تجارب عربية وعالمية، بشكل جماعي ومكثف في فرصة مهمة لتبادل الآراء والخبرات والارتقاء بمستواهم وذائقتهم، كما أنه يشكل أيضا فرصة ترفيهية ومعرفية لجمهور اللاذقية، للحضور والاطلاع على تلك التجارب، وهو جمهور عرف عنه الاهتمام الشديد بمثل هذه الفعاليات.
الأفلام ال 44 المشاركة، تم انتقاؤها بعناية، وحرص من بين 235 فيلما، تقدم أصحابها بها للمشاركة، وقد وصلت من أربعين دولة (لبنان، العراق، مصر، السعودية، الإمارات، إيران، البحرين، المغرب، الهند، إيطاليا، فرنسا، وأخيرا الولايات المتحدة)، وهي دول لها ثقلها في المجال السينمائي، يكفي أن نذكر السينما، الإيرانية، والهندية.
الأفلام المقبولة للمشاركة، والتي حصلت على هذه الفرصة الكبيرة، سوف تتنافس للحصول على جوائز المهرجان، وهي (جائزة أفضل إخراج- جائزة لجنة التحكيم الخاصة-جائزة أفضل فيلم عربي-جائزة المهرجان-وهناك جائزة MTN لأفضل فيلم سوري)، لجنة التحكيم مؤلفة من الممثل والمخرج “أيمن زيدان” رئيسا للجنة، وبعضوية المخرجة “إيفا داوود”، والمخرج “جود سعيد”.
المهرجان بالتأكيد فكرة نبيلة، وواعدة، لا بد من شكر أصحابها والقائمين على تنفيذها، وهم الآن في دورة المهرجان الخامسة؛ و ينجحون عاما بعد عام، في تلافي الأخطاء، والاقتراب من سوية المهرجانات العالمية المماثلة، إلا أن ثمة ثغرات تتكرر للعام الخامس، ليست من اختصاص إدارة المهرجان المشكورة على جهودها، ولا في حيز إمكانيات مجلس الشباب السوري، منها مثلا: أن المهرجان السينمائي-والدولي، يقام في صالة مسرح، الشاشة فيه غير ملائمة، جهاز العارض ليس بالسوية المطلوبة، الصوت كذلك الأمر، مع أن اللاذقية يوجد فيها 11 صالة سينمائية، مهجورة منها واحدة على الأٌقل تابعة لوزارة الثقافة، يجب أن تبقى على أحسن حال؛ سواء بمهرجان أو بغير المهرجان.
مدير الثقافة في اللاذقية وكعادته في أي مؤتمر صحفي للمهرجان، لا يفوته أن يشكر المؤسسة العامة للسينما على توفير متطلبات الحراك الثقافي، دعونا من اختفاء الصالات الملائمة، ولنطرح عليه سؤالا بسيطا وهو التالي: إلا يستحق مهرجانا كهذا وهو موصوف بكونه “دولي” أن يقوم “متخصصون” بإنشاء موقع إلكتروني خاص بالمهرجان على شبكة الانترنت؟ ثم ما هي آلية التقديم أو كيفية تقديم الأفلام للمهرجان؟ فهذا ملتبس وغير واضح!.
إذا كان هناك دعم حقا للمهرجان من قبل الوزارة، فالأفضل أن لا تصرح عنه، ولتترك الاسم و”الصيت” لمجموعة الهواة القائمين عليه، لأنهم كهواة، وإذا تم النظر إليهم هكذا، فإن جهودهم جبارة وتستحق كل تقدير، أما عندما تكون هذه الأفعال عائدة إلى مؤسسة عمرها نصف قرن من الخبرة السينمائية ووزارة رسمية، فإن هذه الفعالية، سيتم النظر إليها على أنها نشاط حكومي رسمي، وما يراه الزائر للمهرجان، دون هذه السمعة بكثير، وهنا سؤال يمكن طرحه أيضا على إدارة المهرجان: هل تطلبون رعاية المؤسسة العامة للسينما كنوع من “المصداقية” و”الرسمية” أمام الجمهور؟ إذا هذه ليست رعاية بل “زمالة” في أفضل أحوالها.
المذهل في الأمر والمستغرب، أن يتم الإعلان عن انطلاقة المهرجان، قبل أربعة أيام فقط!، وهي فترة قد لا تكفي الكثير من المشاركين أن يرسلوا أفلامهم، خصوصا وأن آلية المشاركة غير واضحة بدقة وغير عملية، مثلا: (لا يمكن الإرسال عبر موقع الفيمو) وأيضا قد لا يكفي الجمهور الراغب في الحضور، ففي مهرجانات كهذه قد يأتي زوار من محافظات أخرى، وأحيانا من دول أخرى؛ هل تكفي هؤلاء أربعة أيام ليدبروا أمورهم من تجهيز إجراءات السفر ومصاريفه، أخذ إجازات من العمل؟ وذلك في مهرجانات يكون أيضا تنشيط السياحة والتعريف بالمدينة على قائمة أهدافها!.
الدعم الذي يتلقاه المهرجان، أو أي فعالية ثقافية في البلاد، من الشركات الخاصة، لا بد أن ترفع له القبعة، ولكن هناك أصولا للدعم، يكفي أن يُذكر أحد المساهمين أو الداعمين، على الملصقات والبوسترات وفي الإعلانات التي تظهر خلف ممثل واقف يعطي تصريحا صحفيا، ولكن أن يتم تسمية جائزة، باسم شركة خاصة داعمة، فهذا غير مقبول وغير مفهوم!.
قد يكون الاستعجال بين الإعلان عن المهرجان والتنفيذ بسبب الرغبة باللحاق بآخر أيام الصيفية قبل مجيء البرد، وعندها تنتفي المسوغات الأقوى لبعض المشاركين في المهرجان، وهي الحصول على بضعة أيام من الرفاهية من فندق هنا، أو لفتة كريمة من مطعم ما على الكورنيش الجنوبي، قبل أن تنتهي الصيفية، وتنقطع بهم العربية.
تمّام علي بركات